متدينون.. لكنهم يخطئون..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : كيف يمكن فهم العلاقة بين التدين الذي يمارسه الشباب وبين الانحرافات والتجاوزات التي يقعون فيها مع ان الدين ينكرها و يرفضها ومع انهم يعرفون موقف الدين منها ؟ ولماذا لم يثمر الدين في تهذيب بعض ابنائنا المتدينين وتربيتهم وردعهم عن الخطأ؟ هل يمكن ان يكون التدين مغشوشاً ومغلوطاً ، ومن يتحمل مسؤولية هذا الغلط؟
قبل ان اجيب ، أبادر الى الاستدراك بأن ثمة فرقاً بين حقيقة الدين والتدين ، فالدين هو شرع الله تعالى وتعاليمه ، اما التدين فهو فهمنا لهذه الشرائع وممارساتنا لها ، فالاول الهي مقدس وثابت ، اما الثاني فكسب بشري غير مقدس وغير ثابت ، ونحن هنا نتحدث عن التدين لا عن الدين ، وعن اخطاء المتدينين وعلل التدين وامراضه - وهي للاسف كثيرة - لا يخلو احد من الناس منها ، بعضها مصدره الجهل وبعضها سببها التقدير الزائف للذات لدرجة احتقار الآخرين ، او التعصب او الانفصام بين الاقوال والافعال ، وهي كلها تصب في اتجاه الاعتناء بالظاهر مع اهمال الباطن ، بمعنى ان المتدين يعتني في تدينه بتحسين الاعمال والصفات الظاهرة والمرئية والملموسة ، ويحرص على الالتزام بالعبادات شكلياً ، بينما لا يبالي بعكسها مما لا يراه الناس ولا يظهر للعيان .
ولفقهائنا - هنا - تقسيمات كثيرة لهذا النوع من التدين ، فهو بحسب الشيخ محمد الغزالي تدين فاسد ، يفسد البداهة ويمسخ الفطرة ، وهو - عند الدكتور الريسوني - تدين منحط يراعي الشكل ولا يهتم بالجوهر ، او تدين معكوس لا يراعي اولويات الدين ومقاصده ، (خذ مثلاً التركيز على فقه النظافة بينما شوارع مدننا غارقة في الاوساح ، وخذ مثلا ايضاً الاغداق والكرم في اقامة الولائم مقابل تضييع فريضة الزكاة..) او تدين محروس ، وهو الذي لا يلتزم اصحابه بواجباتهم الا بالمراقبة والمطالبة والملاحقة ، ومثال ذلك المتدين الذي يصلي ويصوم ولا يؤدي ما للناس عليه من حقوق الا بعد المماطلة والتسويف.. وثمة تدين مسيس وتدين متشدد.. الخ الخ.
ما وقع فيه شبابنا المتدين للاسف ، هو جزء من مشكلة التدين التي نعاني منها ، فمع غياب الدعاة القدوة ، والفقهاء المستنيرين المواكبين للاجتهاد على ضوء الموازنة بين ما قرره الشرع من احكام ، وما يقتضيه الواقع ونوازله من انزال لهذه الاحكام في المكان والزمان ، ومع تراجع أثر الدين في حياة الناس العامة نتيجة غياب تطبيقه ، ومع تلوث البيئة المحيطة بهم وانتشار القيم البديلة الوافدة وانسداد الابواب المشروعة.. لم يجد شبابنا - وهم ضحايا بلا شك - إلا النوافذ غير المشروعة لتحقيق احلامهم..
لقد اخطأوا - بالتأكيد - في فهم الدين ، وأسأوا الى قيمة التدين ، وتجاوزوا الفطرة السليمة التي تستهدفها تعاليم الشرع بالتهذيب والترقية ، لكن قبل ان نلومهم لا بدّ ان نسأل عن السبب؟ عن دور مؤسساتنا الدينية والتربوية؟ وعن مسؤولية دعاتنا وفقهائنا؟ وعن وسائل التوجيه والرعاية لشبابنا ، وعن سوء استخدام الدين وتوظيفه ، وعن الاشتباكات بين المراسيم والتقاليد وبين التعاليم الدينية ، لدرجة ان العادات انتصرت في مجتمعاتنا على العبادات ، لا بد ان نسأل عن كل ذلك ونجيب عليه قبل ان نحكم على هؤلاء الشباب بالانحراف او نحاسبهم عليه..
صحيح انهم متدينون.. ولكنهم يخطئون ، ومن واجبنا ان نصحح تدينهم ونأخذ بأيديهم الى طريق الصواب قبل ان تتحول مشاعرهم من الغربة عن مجتمعاتهم الى الغربة عن دينهم.. وعن انسانيتهم ايضاً. (الدستور)
قبل ان اجيب ، أبادر الى الاستدراك بأن ثمة فرقاً بين حقيقة الدين والتدين ، فالدين هو شرع الله تعالى وتعاليمه ، اما التدين فهو فهمنا لهذه الشرائع وممارساتنا لها ، فالاول الهي مقدس وثابت ، اما الثاني فكسب بشري غير مقدس وغير ثابت ، ونحن هنا نتحدث عن التدين لا عن الدين ، وعن اخطاء المتدينين وعلل التدين وامراضه - وهي للاسف كثيرة - لا يخلو احد من الناس منها ، بعضها مصدره الجهل وبعضها سببها التقدير الزائف للذات لدرجة احتقار الآخرين ، او التعصب او الانفصام بين الاقوال والافعال ، وهي كلها تصب في اتجاه الاعتناء بالظاهر مع اهمال الباطن ، بمعنى ان المتدين يعتني في تدينه بتحسين الاعمال والصفات الظاهرة والمرئية والملموسة ، ويحرص على الالتزام بالعبادات شكلياً ، بينما لا يبالي بعكسها مما لا يراه الناس ولا يظهر للعيان .
ولفقهائنا - هنا - تقسيمات كثيرة لهذا النوع من التدين ، فهو بحسب الشيخ محمد الغزالي تدين فاسد ، يفسد البداهة ويمسخ الفطرة ، وهو - عند الدكتور الريسوني - تدين منحط يراعي الشكل ولا يهتم بالجوهر ، او تدين معكوس لا يراعي اولويات الدين ومقاصده ، (خذ مثلاً التركيز على فقه النظافة بينما شوارع مدننا غارقة في الاوساح ، وخذ مثلا ايضاً الاغداق والكرم في اقامة الولائم مقابل تضييع فريضة الزكاة..) او تدين محروس ، وهو الذي لا يلتزم اصحابه بواجباتهم الا بالمراقبة والمطالبة والملاحقة ، ومثال ذلك المتدين الذي يصلي ويصوم ولا يؤدي ما للناس عليه من حقوق الا بعد المماطلة والتسويف.. وثمة تدين مسيس وتدين متشدد.. الخ الخ.
ما وقع فيه شبابنا المتدين للاسف ، هو جزء من مشكلة التدين التي نعاني منها ، فمع غياب الدعاة القدوة ، والفقهاء المستنيرين المواكبين للاجتهاد على ضوء الموازنة بين ما قرره الشرع من احكام ، وما يقتضيه الواقع ونوازله من انزال لهذه الاحكام في المكان والزمان ، ومع تراجع أثر الدين في حياة الناس العامة نتيجة غياب تطبيقه ، ومع تلوث البيئة المحيطة بهم وانتشار القيم البديلة الوافدة وانسداد الابواب المشروعة.. لم يجد شبابنا - وهم ضحايا بلا شك - إلا النوافذ غير المشروعة لتحقيق احلامهم..
لقد اخطأوا - بالتأكيد - في فهم الدين ، وأسأوا الى قيمة التدين ، وتجاوزوا الفطرة السليمة التي تستهدفها تعاليم الشرع بالتهذيب والترقية ، لكن قبل ان نلومهم لا بدّ ان نسأل عن السبب؟ عن دور مؤسساتنا الدينية والتربوية؟ وعن مسؤولية دعاتنا وفقهائنا؟ وعن وسائل التوجيه والرعاية لشبابنا ، وعن سوء استخدام الدين وتوظيفه ، وعن الاشتباكات بين المراسيم والتقاليد وبين التعاليم الدينية ، لدرجة ان العادات انتصرت في مجتمعاتنا على العبادات ، لا بد ان نسأل عن كل ذلك ونجيب عليه قبل ان نحكم على هؤلاء الشباب بالانحراف او نحاسبهم عليه..
صحيح انهم متدينون.. ولكنهم يخطئون ، ومن واجبنا ان نصحح تدينهم ونأخذ بأيديهم الى طريق الصواب قبل ان تتحول مشاعرهم من الغربة عن مجتمعاتهم الى الغربة عن دينهم.. وعن انسانيتهم ايضاً. (الدستور)