التباس مهني!!
خيري منصور
جو 24 : أدرجت احدى الفصائل الفلسطينية ذات موسم انتخابي للكتاب والصحفيين أسماء عشرات وربما مئات المدرسين في القوائم، وكان من بين هؤلاء هواة لا تخلو معظم المهن من أمثالهم، ولم يكن ما فعله ذلك الفصيل استثنائياً ضمن أدبيات وثقافة الحزب والنقابة والقبيلة في عالمنا العربي، فثمة أقطار عربية تضم اتحادات كتابها أرقاماً تتردد في تقديمها الهند والصين معاً، فهل يعود ذلك الى التباس مزمن على صعيد مهني؟ أم ان مهنة الكتابة بمعناها الدقيق في عالمنا العربي هي مصدر الالتباس؟
أرجح أن الالتباس مزدوج ويشمل السببين، فالكاتب في بلادنا قد يكون موظفاً في مستودع أو أية مؤسسة، وقد يكون موظفاً في محكمة، اضافة الى المفهوم الشعبي لمهنة الكتابة بمعنى السحر وتدبيج الحجاب بحيث يقال عن شخص منكود ومتعثر في حياته «مكتوب له»!
ولي تجربة شخصية في هذا الشأن، فقد طلبت ذات يوم أن تكتب مهنتي في جواز السفر واكتشفت في مطار أوروبي بباريس انه مهنتي كما كتبت في الجواز هي كلارك، ولم أكن قد تنبهت الى ذلك قبل السفر، وما استوقفني هو حالة الاستغراب التي عبر عنها موظف الجوازات الفرنسي، فأمامه دعوة لي الى مؤسسة ثقافية فرنسية ومهنتي كلارك.. لم أعلق وحين عدت كتبت مقالة من بضعة أسطر فقط بعنوان مهنتي كلارك..
الالتباس المهني قدر تعلقه بالكتابة هو من صميم التخصصات والمواقع، فمعظم من كتبوا في الصحافة العربية منذ تأسيسها كانوا أدباء ومفكرين اضافة الى الصحفيين، ولم يكن هذا الاشتباك المهني بحاجة الى من يفكه لأن المناخات الثقافية في تلك الأيام كانت مشبعة بالوعي والمقال غير التعليق وغير التحقيق وغير المتابعة لحدث.
وهذه ليست مفاضلة بين اختصاصات بقدر ما هي محاولة لرسم تضاريس ولو بقلم الرصاص أو بالطبشورة بين أنواع الكتابة.
وخيراً فعلت الجهات التي فصلت بين الكاتب والصحفي في أكثر من بلد عربي، فالصحفي ليس مطالباً بكتابة مقالة عن ثقب الأوزون أو المفهوم الثيوقراطي للدولة أو ما تبقى من محمد علي باشا في عهد محمد مرسي أو الأسباب الحقيقية للحرب على العراق أو أسباب الائتلاف والاختلاف بين موسكو وبكين.
انه بحكم مهنته مرتبط بالحدث لا بمرجعياته، وبما يجري وليس بما جرى قبل ثلاثين عاماً، بخلاف الكاتب الذي تتسع ورقته البيضاء والعذراء لكل تفاصيل النهار والليل، ومهنته أساساً هي رصيد اللامفكر به والمسكوت عنه والمحلوم به لا المتحقق.
لهذا ما من مفاضلة أو حتى مقاربة بين المهن حتى لو تعايشت تحت سقف واحد، فالغابة فيها متسع للفراشة والأسد، والسماء فيها متسع للصقر والعصفور.
اننا نعاني أحياناً من التباس مهني في كل مجالات حياتنا فنظلم بعضنا ونحن لا ندري.
سامح الله الفصائل والاتحادات والنقابات والأحزاب في عالمنا العربي فلها يعود الفضل في خلط حابل الكتابة بنابل الحراثة!! (الدستور)
أرجح أن الالتباس مزدوج ويشمل السببين، فالكاتب في بلادنا قد يكون موظفاً في مستودع أو أية مؤسسة، وقد يكون موظفاً في محكمة، اضافة الى المفهوم الشعبي لمهنة الكتابة بمعنى السحر وتدبيج الحجاب بحيث يقال عن شخص منكود ومتعثر في حياته «مكتوب له»!
ولي تجربة شخصية في هذا الشأن، فقد طلبت ذات يوم أن تكتب مهنتي في جواز السفر واكتشفت في مطار أوروبي بباريس انه مهنتي كما كتبت في الجواز هي كلارك، ولم أكن قد تنبهت الى ذلك قبل السفر، وما استوقفني هو حالة الاستغراب التي عبر عنها موظف الجوازات الفرنسي، فأمامه دعوة لي الى مؤسسة ثقافية فرنسية ومهنتي كلارك.. لم أعلق وحين عدت كتبت مقالة من بضعة أسطر فقط بعنوان مهنتي كلارك..
الالتباس المهني قدر تعلقه بالكتابة هو من صميم التخصصات والمواقع، فمعظم من كتبوا في الصحافة العربية منذ تأسيسها كانوا أدباء ومفكرين اضافة الى الصحفيين، ولم يكن هذا الاشتباك المهني بحاجة الى من يفكه لأن المناخات الثقافية في تلك الأيام كانت مشبعة بالوعي والمقال غير التعليق وغير التحقيق وغير المتابعة لحدث.
وهذه ليست مفاضلة بين اختصاصات بقدر ما هي محاولة لرسم تضاريس ولو بقلم الرصاص أو بالطبشورة بين أنواع الكتابة.
وخيراً فعلت الجهات التي فصلت بين الكاتب والصحفي في أكثر من بلد عربي، فالصحفي ليس مطالباً بكتابة مقالة عن ثقب الأوزون أو المفهوم الثيوقراطي للدولة أو ما تبقى من محمد علي باشا في عهد محمد مرسي أو الأسباب الحقيقية للحرب على العراق أو أسباب الائتلاف والاختلاف بين موسكو وبكين.
انه بحكم مهنته مرتبط بالحدث لا بمرجعياته، وبما يجري وليس بما جرى قبل ثلاثين عاماً، بخلاف الكاتب الذي تتسع ورقته البيضاء والعذراء لكل تفاصيل النهار والليل، ومهنته أساساً هي رصيد اللامفكر به والمسكوت عنه والمحلوم به لا المتحقق.
لهذا ما من مفاضلة أو حتى مقاربة بين المهن حتى لو تعايشت تحت سقف واحد، فالغابة فيها متسع للفراشة والأسد، والسماء فيها متسع للصقر والعصفور.
اننا نعاني أحياناً من التباس مهني في كل مجالات حياتنا فنظلم بعضنا ونحن لا ندري.
سامح الله الفصائل والاتحادات والنقابات والأحزاب في عالمنا العربي فلها يعود الفضل في خلط حابل الكتابة بنابل الحراثة!! (الدستور)