jo24_banner
jo24_banner

عن صفقة القرن وفك الإرتباط والأقلام المتحركة

عن صفقة القرن وفك الإرتباط والأقلام المتحركة
جو 24 :
* التوقيع على أية صفقة لتصفية القضية خيانة
* الهمجية فشلت في غزة فكيف ستهزم حركة التاريخ
* المطلوب دسترة فك الإرتباط ولا يوجد نصف ممتلئ للكأس


تامر خورما - من المقرر أن يعلن اليانكيز تفاصيل صفقة القرن قبل لقاء الثلاثاء المقبل، الذي ستستقبل فيه واشنطن اليمين الصهيوني، ممثلا بالليكودي بنيامين نتنياهو، وزعيم تحالف أزرق- أبيض بيني غانتس.

الأردن الرسمي كان قد عبر عن رفضه لهذه الصفقة في أكثر من محطة، وعلى أعلى المستويات، منسجما في ذلك مع الموقف الفلسطيني المعلن، سواء في رام الله، أو قطاع غزة المحتلين.

ولكن رغم المواقف الرسمية المعلنة، والتي جاءت متفقة مع الرفض الشعبي الحاسم لما تخطط له الإدارة الأميركية، هنالك من يحاول العبث بخيوط اللعبة من وراء الكواليس، عبر تحريك بعض الأقلام التي انبرت للترويج لهذه الصفقة، من خلال اعتبارها أمرا واقعا، لا مناص من التسليم به.

بعض الكتاب كماهر أبو طير مثلا ذهب أبعد من ذلك عبر إعادة طرح مسألة فك الإرتباط، واختزال القضية الفلسطينية في مشكلة سكان يبحثون عن حاضنة رسمية. ودون الحاجة إلى طرح النوايا بشكل مباشر، بدأت عملية تجميل طرح الوطن البديل، تحت عناوين مستهلكة، من قبيل حق المملكة في "أراضيها" غرب النهر!

بداية، هذا الموقف الإستسلامي، الذي يتم طرحه بذريعة أن واشنطن ماضية في صفقة القرن شاء الأردن أم أبى، هو انسجام مطلق مع مشروع الوطن البديل.. المسألة ليست مجرد فرضيات تصاغ استنادا إلى "نظرية المؤامرة". لا يمكن إضفاء أية شرعية على هذه الصفقة أو غيرها، في حال عدم توقيع الأردن عليها، فما هو مبرر ترويجها كقدر ينبغي التسليم به؟

الموقف الشعبي واضح وحاسم، سواء شرق النهر أو غربه، ومواجهة اليانكيز بهذا الرفض هي الأولوية الوحيدة التي يفترض التركيز عليها الآن، عوضا عن إعادة طرح مسألة فك الإرتباط بادعاء عدم دستوريتها، ووصفها بأنها "كارثية"، خاصة في هذا التوقيت.

بصراحة، لا يمكن وصف أي عملية توقيع على صفقة من شأنها تصفية القضية الفلسطينية عبر التوطين، ودمج "التجمعات السكانية" الفلسطينية بالدولة الأردنية، سوى بالخيانة العظمى! التيار الذي يسعى إلى التسويق لمثل هذا "الحل"، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، واضح الأجندة والأهداف، التي تهدد المصلحة الوطنية والقومية العليا.

أما بالنسبة للتذرع بالعجز الإقتصادي، وتفاقم المديونية، لتصوير الإرادة السياسية الأردنية على أنها ريشة في مهب رغبات اليمين الصهيوني، فيكفي التساؤل: هل كان هذا ما تصبو إليه السياسات الإقتصادية، التي أوصلت الأردن إلى هاوية هذه الأزمة؟ حتى لو كان الأمر كذلك، فليس واردا على الإطلاق هضم مقاربة "سياسية التجويع" في الثقافة الشعبية. الجوع لا يمكنه إرغام الحر على التفريط بشرفه الوطني، على مذبح الليبرالية المتصهينة.

من يظن أنه بالإمكان تطويع الأردنيين والفلسطينيين عبر التجويع، لا يفقه شيء حول طبيعة وثقافة الشعبين، ولم يطلع في حياته على تاريخ المقاومة الباسلة، التي فرضت لغتها على المنطقة حتى قبل العام 1936. وبالنسبة للوقت الراهن، يكفي التذكير بأن العدو بحليفه الإمبريالي فشل في تطويع بقعة جغرافية صغيرة محاصرة هي غزة الباسلة.. فهل حقا يمكن للسذاجة أن تصل لدرجة الإعتقاد بإمكانية سلب الإرادة الفلسطينية، وتثبيط العزيمة الوطنية الأردنية، بلغة الدولارات؟!

فلسطين ستبقى فلسطين، رغم اتفاقية أوسلو ومشتقاتها، والأردن سيبقى الأردن، ومن لا يعجبه ذلك فبإمكانه تجرع ما يشاء من مياه البحر الميت! الظروف الإقتصادية الصعبة، والعنتريات الصهيونية الأميركية، ليست مؤهلة بما فيه الكفاية لتغيير القوانين التي تحدد حركة التاريخ.. القوة الهمجية التي فشلت في غزة، لا يمكنها الإنتصار على أصالة راسخة في أرض لم يستقر فيها أي احتلال، منذ فجر التاريخ!

ليس هذا مجرد صيغة إنشائية حالمة.. بدليل كافة المحطات، التي تعكس منطق حركة التاريخ القائم أساسا على مبدأ الصراع.. ما نشهده اليوم هو مجرد محطة، لن تكون أسوأ من النكبة أو وعد بلفور، اللذين يصطدمان حتى اليوم، وغدا وإلى نهاية المطاف، بواقع المقاومة الشعبية.. والمطلوب راهنا هو دسترة فك الإرتباط، وليس الإنبطاح والانسياق خلف مشروع الوطن البديل.

الكأس لا يحتمل توقع وجود نصف ممتلئ أيها السادة..



 
تابعو الأردن 24 على google news