تراجعت الحراكات.. فهل فـُهمت الرسالة؟
حسين الرواشدة
جو 24 : فجأة، تحول مجتمعنا من مرحلة تنبض بالحيوية والحركة الى مرحلة يسودها الصمت والهدوء والارتباك، وباستثناءات قليلة فان معظم النخب اصبحت “خارج التغطية”، كما ان اصوات الشارع ومطالباته واحتجاجاته تراجعت وتلاشت نسبيا.
ماذا حدث؟ وكيف يمكن ان نفهم ذلك؟ ترى هل اقتنع الناشطون بان صفحة “الاصلاح” طويت وان ما تمّ يكفي في هذه المرحلة؟ هل شعروا بأن النيران التي تشتعل حولنا سيمتد خطرها إلينا اذا لم “نتحرز” كثيرا عند خط احمر يدفعنا البعض الى تجاوزه دون اكتراث بما سوف يحدث؟ ام ان المسألة لها عناوين اخرى اكثر التباسا، وبحاجة الى فهم اخر مختلف تماما؟
لدي ثلاثة افتراضات لتفسير حالة “الجمود” التي اصابت المجتمع، اولاها ان الاسلاميين الذين كانوا يشكلون عصب “الاحتجاج” في الشارع اعادوا حساباتهم، وآثروا الهدوء والصمت والانتظار، ربما تكون دوافهم داخلية تتعلق “باوضاع” الحركة وعلاقة القيادات ببعضها، وربما تكون لها علاقة “بالمحيط” ابتداء مما يحدث في سوريا الى ما تواجهه الحركة في مصر.. او حتى قراءاتهم لمواقف الخارج الاجنبي من مشروع الاصلاح في الاردن.
حالة “الانسحاب” التي يبدو ان الاخوان يمارسونها بالتدرج ساهمت في انسحار “زخم” الشارع، وبعثت برسالة واضحة للدولة بان ما قد يحدث من “ازمات” وتداعيات سيكون خارج مسؤولية “الحركة” وبالتالي فان الاسلاميين مجرد شهود ومراقبين في مرحلة صعبة يرفضون ان يكونوا شركاء فيها.
اما الافتراض الثاني فيتعلق بما طرأ على المزاج العام للناس من تحولات ولدتها هواجس الخوف من “الاعاصير” القادمة من المحيط والجوار، ويمكن ان نلاحظ هنا بان ما حدث في سوريا تحديدا اضفى على المجتمع الاردني بظلال من “الخوف” والترقب. واقنع الكثيرين بان الذهاب بعيدا في الاحتجاجات. وسط ما طرأ على المجتمع من انقسامات وما يواجهه من ازمات. سيكلف الجميع ثمنا باهضا، والاردنيون هنا احرص على استقرار بلدهم وعلى امنهم كما انهم يعرفون تماما ما يمكن ان تفضي اليه الاوضاع، اذا ما انجروا خلف “عناد” من يريد ان تعم الفوضى حفاظا على مكتسباته وامتيازاته.
يبقى الافتراض الثالث وهو ان “الصمت” آخر نقطة للتعبير عن “نفاد” الصبر، وبالتالي فانه مؤشر خطير يجب ان ننتبه اليه، وللتذكير هنا فان حركة المجتمع وحيويته التي عبر عنها “الشارع” في احتجاجاته شكلت على مدى عامين “جدارا” عازلا لمنع الانزلاق الى الفوضى، وافضل صورة تجلى فيها ذلك كانت اثناء شهر تشرين الاول، فقد ساهم الحراك في ضبط حركة “المحتجين” على قرار رفع اسعار المحروقات، واستطاع ان يفرض مزاجا من العقلانية على حالة الفوضى التي انتشرت آنذاك.
اذا اتفقنا على ان وراء تراجع “الحراك” وانسحاب الاسلاميين من المشهد وتحول المزاج العام نحو “الخوف” دوافع من عدم الرضى والاحتقان والحرص على الاستقرار الداخلي، وعدم الرغبة في الدخول الى الفوضى. ومنح “الدولة” الفرصة الكاملة لمواجهة الازمات. فان المطلوب من الحكومة والمؤسسات “البرلمان تحديدا” ان يستثمر هذه الفرصة، وان يواجه الناس باجابات مقنعة لكل ما يطرحونه من اسئلة.. واذا لم يحصل ذلك، وتصاعدت الازمات واندفع قطار “نفاد” صبر الناس، فان من يتحمل النتيجة عندئذ - كما يبدو مفهوما من حركة المجتمع - هو المسؤولون الرسميون، ولذلك نتمنى ان تكون رسالة “انحسار الحراكات” قد فهمت في عنوانها الصحيح، لا في العناوين التي يريد البعض ان يذهبوا اليها سواء للشماتة او المعاندة او استشعار الانتصار. (الدستور)
ماذا حدث؟ وكيف يمكن ان نفهم ذلك؟ ترى هل اقتنع الناشطون بان صفحة “الاصلاح” طويت وان ما تمّ يكفي في هذه المرحلة؟ هل شعروا بأن النيران التي تشتعل حولنا سيمتد خطرها إلينا اذا لم “نتحرز” كثيرا عند خط احمر يدفعنا البعض الى تجاوزه دون اكتراث بما سوف يحدث؟ ام ان المسألة لها عناوين اخرى اكثر التباسا، وبحاجة الى فهم اخر مختلف تماما؟
لدي ثلاثة افتراضات لتفسير حالة “الجمود” التي اصابت المجتمع، اولاها ان الاسلاميين الذين كانوا يشكلون عصب “الاحتجاج” في الشارع اعادوا حساباتهم، وآثروا الهدوء والصمت والانتظار، ربما تكون دوافهم داخلية تتعلق “باوضاع” الحركة وعلاقة القيادات ببعضها، وربما تكون لها علاقة “بالمحيط” ابتداء مما يحدث في سوريا الى ما تواجهه الحركة في مصر.. او حتى قراءاتهم لمواقف الخارج الاجنبي من مشروع الاصلاح في الاردن.
حالة “الانسحاب” التي يبدو ان الاخوان يمارسونها بالتدرج ساهمت في انسحار “زخم” الشارع، وبعثت برسالة واضحة للدولة بان ما قد يحدث من “ازمات” وتداعيات سيكون خارج مسؤولية “الحركة” وبالتالي فان الاسلاميين مجرد شهود ومراقبين في مرحلة صعبة يرفضون ان يكونوا شركاء فيها.
اما الافتراض الثاني فيتعلق بما طرأ على المزاج العام للناس من تحولات ولدتها هواجس الخوف من “الاعاصير” القادمة من المحيط والجوار، ويمكن ان نلاحظ هنا بان ما حدث في سوريا تحديدا اضفى على المجتمع الاردني بظلال من “الخوف” والترقب. واقنع الكثيرين بان الذهاب بعيدا في الاحتجاجات. وسط ما طرأ على المجتمع من انقسامات وما يواجهه من ازمات. سيكلف الجميع ثمنا باهضا، والاردنيون هنا احرص على استقرار بلدهم وعلى امنهم كما انهم يعرفون تماما ما يمكن ان تفضي اليه الاوضاع، اذا ما انجروا خلف “عناد” من يريد ان تعم الفوضى حفاظا على مكتسباته وامتيازاته.
يبقى الافتراض الثالث وهو ان “الصمت” آخر نقطة للتعبير عن “نفاد” الصبر، وبالتالي فانه مؤشر خطير يجب ان ننتبه اليه، وللتذكير هنا فان حركة المجتمع وحيويته التي عبر عنها “الشارع” في احتجاجاته شكلت على مدى عامين “جدارا” عازلا لمنع الانزلاق الى الفوضى، وافضل صورة تجلى فيها ذلك كانت اثناء شهر تشرين الاول، فقد ساهم الحراك في ضبط حركة “المحتجين” على قرار رفع اسعار المحروقات، واستطاع ان يفرض مزاجا من العقلانية على حالة الفوضى التي انتشرت آنذاك.
اذا اتفقنا على ان وراء تراجع “الحراك” وانسحاب الاسلاميين من المشهد وتحول المزاج العام نحو “الخوف” دوافع من عدم الرضى والاحتقان والحرص على الاستقرار الداخلي، وعدم الرغبة في الدخول الى الفوضى. ومنح “الدولة” الفرصة الكاملة لمواجهة الازمات. فان المطلوب من الحكومة والمؤسسات “البرلمان تحديدا” ان يستثمر هذه الفرصة، وان يواجه الناس باجابات مقنعة لكل ما يطرحونه من اسئلة.. واذا لم يحصل ذلك، وتصاعدت الازمات واندفع قطار “نفاد” صبر الناس، فان من يتحمل النتيجة عندئذ - كما يبدو مفهوما من حركة المجتمع - هو المسؤولون الرسميون، ولذلك نتمنى ان تكون رسالة “انحسار الحراكات” قد فهمت في عنوانها الصحيح، لا في العناوين التي يريد البعض ان يذهبوا اليها سواء للشماتة او المعاندة او استشعار الانتصار. (الدستور)