التقاعد الإجباري.. كمن نقضت غزلها
من أهم واجبات الحكومات العمل على توفير افضل سبل العيش الكريم لمواطنيها وتقديم افضل وأميز الخدمات لهم حيث وجدت الحكومات بالأصل لخدمة المواطنين واتخاذ إجراءات وقرارات تصب في هذا المجال والارتقاء بمستوى معيشة مواطنيها لتوفير سبل الراحة لهم.
ومن هنا فانه عند اتخاذ القرارات يجب أن تكون مدروسة بعناية ودقة ومدى تأثيرها على المواطنين والمحافظة على السلم المجتمعي.
وفي ظل الظروف التي نمر بها جميعا من أوضاع اقتصادية صعبة وحالة احتقان شعبي لها اسبابها ومبرراتها تتطلب قرارات أكثر حكمة للتخفيف على الناس لا ان تزيد من حالة الغضب والاحتقان .
فبعد سلسلة من الحزم الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة خلال الفترة الماضية والتي لا يستطع احد ان ينكر ايجابياتها ودورها بتهدئة الشارع ولو مؤقتا ايمانا من الجهات المعنية ان الاقتصاد وظروفه الضاغطة كانت هي المحرك الرئيسي او من الأسباب الأساسية في تحريك الشارع نحو الاحتجاج . وقد نجحت الحكومة لغاية الان في هذا الموقف لأنها تدرك صعوبة الأوضاع المعيشية للناس.
لكن هذا لا يعني أن نطمئن ونستكين لحراك الشارع الذي قد ينتفض على ابسط الامور ودون مقدمات مما يستدعي الحيطة والحذر خاصة في هذه الظروف التي تمر فيها بلدنا بظل تداعيات صفقة القرن المشؤومة ومدى تأثيرها على بلدنا ومدى الحاجة إلى تماسك الشارع وتعزيز الوحدة الوطنية باعتباره السلاح الوحيد لمواجهة التحديات ووتجاوزها.
الا ان القرار الأخير للحكومة فيما يتعلق بإنهاء خدمات موظفي القطاع العام ممن أمضوا في الخدمة 30 عاما وأكثر نعتقد أنه يصب في الاتجاه المعاكس ولا يخدم أحدا.
خاصة المنضوون تحت مظلة الضمان الاجتماعي الذين سيتضررون من القرار كثيرا لانه يقودهم تحت بند الضمان المبكر وأثره السلبي عليهم فيما يتعلق برواتبهم التقاعدية التي ستنخفض كثيرا هذا من ناحية
اما الأخرى فإن الخاضعين إلى هذا القرار لن يتمكنوا من العمل في مكان آخر استنادا لقانون الضمان الذي يمنع العمل لأصحاب التقاعد المبكر.
ان الظروف المعيشية الصعبة هي التي فرضت على الكثيرين البحث عن عمل آخر ليتمكن من تلبية الحد الادنى من العيش الكريم الذي سيحرمه القرار الاخير. فعلى الرغم من الحزم وسعي الحكومة إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية جاء القرار كمن نقضت غزلها بعد حين ليعيدنا إلى المربع الأول مما يستدعي إعادة النظر فيه والنظر من زاوية شمولية أوسع تخدم الناس لا ان تضر بمصالحه كما يستدعي تعديل قانون الضمان فيما يتعلق التقاعد المبكر وآلية العمل او البحث عن مصدر دخل اخر .
الدستور