الخيارات الفلسطينية في مواجهة صفقة القرن
زهير العزة
جو 24 :
وأخيرا حَصلنا على صفقة "لقيطة"، خرجت من رحم تجار الدم والعقار ، صفقة قائمة على أساس لصوصي لم يعرف العالم مثيل له، وبغدر بعض أهل البيت من هذا العالم العربي ، الذين اعتقدوا جميعاً أن بإمكانهم تسجيل المولود الجديد في دفتر ولادة الشرعية .
اليوم وقد اتضحت الصورة لمن كان يعتقد ذات يوم أن الولايات المتحدة الامريكية ممكن أن تكون صديقة للعرب ، وأنه بالإمكان الرهان عليها في مجال تحقيق سلام "عادل " يتيح للفلسطينيين والعرب استرجاع جزء من حقوقهم التاريخية في فلسطين التاريخية ، فان المطلوب منه ان يعيد دراسة خياراته ، وأن يتوجه نحو الخيارات التي تعيد خلط الاوراق في المنطقة بما يتيح إنتاج خيارات تمكنه من الضغط على الصهاينة وعلى الامريكيين والقوى الغربية الاستعمارية الاخرى.
إن الصورة لاتحتاج الى كثير من العناء لتحديد ملامحها ، فالذي راهن على ان الولايات المتحدة يمكن ان تحقق سلاماً عادلاً اكتشف اليوم ان ما قدمه ترمب في صفقته هو مشروع سرقة لما تبقى من فلسطين ، وان الولايات المتحدة لم ولن تقدم اي شيء يرتكز الى اي معنى للسلام العادل، حيث أن كل ما كان يطرح وطرح الآن يقوم أساساً على الاقرار بحق العدو بالجزء الاكبر من أرض فلسطين .
واذا كانت السلطة الفلسطينية ومعها بعض العرب قد راهنوا على "الصديق الامريكي "، فالمطلوب اليوم هو إعادة التموضع في اطار خيارات جديدة تحمي الحقوق الفلسطينية وفق الآلية التالية :
اولاً: التوجه لتوحيد الساحة الفلسطينية فوراً،وتشكيل لجان تنسيق عليا تعمل على وضع مشروع للمواجهة الدائمة مع العدو .
ثانياً : وقف التنسيق الأمني مع العدو.
ثالثاً: الاعلان عن إلغاء إتفاق اوسلو ووقف كافة المفاعيل الناتجة عنه .
رابعاً :تصعيد المواجهة الشعبية مع العدو الصهيوني ، بما يتيح لأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة العربية مواجهة المحتل يومياً، وهو ما يؤدي الى استنزافه وضرب اقتصاده .
خامساً: وقف ممانعة قيادة السلطة للعمل العسكري ضد المحتل .
سادساً : التوجه نحو ايران ومحور المقاومة من أجل التنسيق والحصول على الدعم المالي والأسلحة ، خاصة أن بعض الدول العربية وعلى رأسها دول خليجية قد ثبت تورطها في مشروع "ترامب نتنياهو" الرامي لإنهاء القضية الفلسطينية .
سابعاً: التنسيق مع الاردن ولبنان وسوريا في مجال الدفاع عن حق العودة باعتبار ان هذه الدول مستهدفة في هذه الصفقة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين .
ثامناً : التنسيق مع ابناء فلسطين في الشتات ، من اجل تفعيل دورهم في مواجهة هذه الصفقة.
إن البيانات والاستنكارات لم تنفع ولن تنفع، كما انه لا يجب القول أن الصفقة ولدة ميتة ، وبأنه علينا الاستمرار بالتنديد بها أو فضحها فقط ، فالعدو الصهيوني ومعه الولايات المتحدة الامريكية والغرب الاستعماري لن يستمع لأي فلسطيني أو عربي الا في حالة واحدة ووحيدة هي عندما يجد أن مصالحه تتضرر وان استهدافها قائم على أساس فقدان العدالة ، عندها سيرضخ لكل ما يطالب به العرب والفلسطينيين .
واذا كان البعض العربي الآن ووسط التراجعات الهائلة ، ينظر الى إمكانية دراسة مشروع "ترامب نتنياهو" بنظرة متأنية، فالمطلوب من الفلسطينيين أولاً ومن الدول المتضررة من هذه الصفقة ثانياً النظر الى ما طرح باعتباره مؤامرة كاملة على القضية الفلسطينية وعلى الأمة العربية ، حتى وإن أراد البعض من موافقته على هذا الطرح حماية كرسي حكمه .
إن قبول العرب بواقع اغتصاب فلسطين عام 1948 ، و استمرار التنازلات هو من فرض واقع جديد في المنطقة ، و أدى الى الإعتراف بوجود هذا الكيان وحقه بالعيش على ارض فلسطين .
ان نقيض وجود الكيان الصهيوني ، المقاومة الفلسطينية والعربية ، وعلى هذه القاعدة يجب ان تسعى القيادة الفلسطينية الى اعادة الروح الى البندقية الفلسطينية المقاتلة من فصيل "فتح "،وحثها على الالتحاق بمحور المقاومة ، فالمقاومة السلمية وان كانت مطلوبة ، فإنه لابد من المقاومة المسلحة حماية للمقاومة السلمية ، والتي ستمنع نسج المزيد من براقع الخيانة حول القضية الفلسطينية .
إن ترتيب أوضاع الداخل الفلسطيني يتطلب التخلي عن الأنا ، ولذلك اعتقد أن خطوة الرئيس عباس بالذهاب الى غزة ستعيد الروح الى البندقية الفلسطينية المقاتلة ، وستجعل المتربصين بالقضية الفلسطينية يعيدون حساباتهم التي كانت قائمة على استغلال حالة الانقسام لتنفيذ اجنداتهم ، فمتى تأكد لهؤلاء أن شلال الدم الفلسطيني مستمر بالتفجر، عطّاء ليبقى شوكة في عيونهم بالتأكيد سيعيدون حساباتهم .