هل دقت ساعة الحوار مع الذات.. ؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : انشغلنا في السنوات الماضية بالدعوة للحوار مع الآخر ، ومع انها كانت مطلوبة - وما تزال - لاعتبارات نعرفها ، الا انها سرقت منا اولوية الحوار مع انفسنا ، والمشكلة - بالطبع - ليست في اننا نعاني من ضيق في الوقت او عدم الرغبة في الحوار ، او قلة في الهموم والمشكلات التي تحتاج الى مزيد من الحوار والتفاهم للوصول لما امكن من المشتركات والحلول والجوامع ، وانما لاحساسنا - احيانا - بان ثمة لا جدوى من الحوار وهو حكم مسبق وربما غير صحيح ، او لزهدنا فيه اعتقادا من البعض ان ثمة ابوابا اخرى اسرع واضمن يمكن العبور منها او استخدامها لمواجهة قضايانا الملحة.
لا شك بان لنا تجربة قريبة ، شهدنا فيها انواعا غريبة من السجالات التي انحدر فيها مستوى الخطاب وغابت فيها تقاليد الحوار وقد احتشدنا - وقتها - لادانة هذا الاسفاف اللفظي ، وهي مرحلة انتهت(هل انتهت حقا؟) ، وكان يفترض ان نتعلم منها ، اول ما نتعلم ، العودة الى طاولة الحوار والتفاهم ، والبحث عما امكن من مشتركات ، وتشخيص ما يهمنا من مشكلات والعمل - ما امكن - لاشاعة مناخات هادئة ، تنقل رسائل الحوار وثقافته وآدابه من النخب الى الناس ، ومن داخل جدران غرف اللقاءات الى افهام ووجدان المواطن ، حيثما كان ، بحيث يصبح اوكسجين غرفة الحوار النقي هو المتاح الوحيد للتنفس ، والخيار الاسمى للتخاطب ، والطاقة المتجددة والبديلة ايضا ، لشحن ارادتنا او توجيه مواقفنا او تعبئة فراغنا وقت الغضب والانفعال.
لا يوجد مجتمع خال من المشكلات ، ولا بشر لا يعانون من التوترات ، ولا دول لا تواجه ازمات: سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية ، لكن - في المقابل - ثمة حاجة دائما لابداع ما يلزم من حلول ومعالجات وقبل ذلك امتلاك الشجاعة للاعتراف بما يحدث وتشخيصة ، وهذه ليست مسؤولية فرد او جهة واحدة ، وانما مسؤولية المجتمع كله ، وآلية التفاهم عليه مرتكزها الاساس هو الحوار ، فبالحوار يمكن للاختلاف ان يضمحل او يتلاشى ، وللمختلفين ان يتحولوا الى شركاء ، كما يمكن للانسدادات ان تنفتح امام الكثير من الخيارات ، وللمناخات الشاحبة ان تخضّر وتشرق عن آمال وآفاق جديدة.
اعتقد ان افضل ما يميز بلدنا هو اعتماده الحوار كمنهج وكطريقة ، فعلى الصعيد الخارجي نحن من اوائل من دعا وتبنى الحوار مع المذاهب الاسلامية والحوار مع الغرب ومثقفيه واتباع الاديان فيه ، والحوارات البينية العربية لمواجهة ازمات اشقائنا الداخلية والخارجية ، وعلى الصعيد الداخلي كانت لنا اكثر من تجربة ابرزها الميثاق الوطني ، هذه التي نحتاج اليوم الى احيائها ، ، وتجربة الابواب المفتوحة بين المسؤول والمواطن: هذه التي تراجعت في السنوات الاخيرة.
اليوم ، نحن بحاجة الى الاستفادة من كل هذه التجارب لتدشين حوارات بيننا كمسلمين من مختلف المذاهب والمدارس الفقهية والفكرية،وحوارات وطنية فاعلة بيننا داخل مجتمعنا الواحد ، وعلى هذا المستوى يفترض ان ان تقودنا هذه الحوارات الى تجاوز ما الفناه من شكليات ، وان تتغلغل بالبحث والدراسة في عمق ما نحس به من مشكلات وتعيد بناء الثقة بين الناس والمؤسسات وتردم ما نعانيه من قطيعة وفجوات ، نحتاج الى حوار يفضي الى مصارحات ومصالحات ، وحوار يصلح لأن يكون طاقة بديلة تشحننا بالانسجام بدل الصدام ، وباللطف بدل العنف ، وبأدب التعامل والخطاب بدل التنابز بالالقاب.
لا يوجد لدى احدنا وصفة اخرى جاهزة لمعالجة مشكلاتنا سوى العودة الى الحوار ، وهو ليس مغلقا ولا مستحيلا ، فقد جربناه وثبتت جدواه ، واعتمدناه في بلدنا كمنهج وخيار ،، فهل بوسعنا ان نستعيده اليوم ونحصنه بما يلزم من تقاليد وآداب؟ هذا - باختصار - ما نتمناه. (الدستور)
لا شك بان لنا تجربة قريبة ، شهدنا فيها انواعا غريبة من السجالات التي انحدر فيها مستوى الخطاب وغابت فيها تقاليد الحوار وقد احتشدنا - وقتها - لادانة هذا الاسفاف اللفظي ، وهي مرحلة انتهت(هل انتهت حقا؟) ، وكان يفترض ان نتعلم منها ، اول ما نتعلم ، العودة الى طاولة الحوار والتفاهم ، والبحث عما امكن من مشتركات ، وتشخيص ما يهمنا من مشكلات والعمل - ما امكن - لاشاعة مناخات هادئة ، تنقل رسائل الحوار وثقافته وآدابه من النخب الى الناس ، ومن داخل جدران غرف اللقاءات الى افهام ووجدان المواطن ، حيثما كان ، بحيث يصبح اوكسجين غرفة الحوار النقي هو المتاح الوحيد للتنفس ، والخيار الاسمى للتخاطب ، والطاقة المتجددة والبديلة ايضا ، لشحن ارادتنا او توجيه مواقفنا او تعبئة فراغنا وقت الغضب والانفعال.
لا يوجد مجتمع خال من المشكلات ، ولا بشر لا يعانون من التوترات ، ولا دول لا تواجه ازمات: سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية ، لكن - في المقابل - ثمة حاجة دائما لابداع ما يلزم من حلول ومعالجات وقبل ذلك امتلاك الشجاعة للاعتراف بما يحدث وتشخيصة ، وهذه ليست مسؤولية فرد او جهة واحدة ، وانما مسؤولية المجتمع كله ، وآلية التفاهم عليه مرتكزها الاساس هو الحوار ، فبالحوار يمكن للاختلاف ان يضمحل او يتلاشى ، وللمختلفين ان يتحولوا الى شركاء ، كما يمكن للانسدادات ان تنفتح امام الكثير من الخيارات ، وللمناخات الشاحبة ان تخضّر وتشرق عن آمال وآفاق جديدة.
اعتقد ان افضل ما يميز بلدنا هو اعتماده الحوار كمنهج وكطريقة ، فعلى الصعيد الخارجي نحن من اوائل من دعا وتبنى الحوار مع المذاهب الاسلامية والحوار مع الغرب ومثقفيه واتباع الاديان فيه ، والحوارات البينية العربية لمواجهة ازمات اشقائنا الداخلية والخارجية ، وعلى الصعيد الداخلي كانت لنا اكثر من تجربة ابرزها الميثاق الوطني ، هذه التي نحتاج اليوم الى احيائها ، ، وتجربة الابواب المفتوحة بين المسؤول والمواطن: هذه التي تراجعت في السنوات الاخيرة.
اليوم ، نحن بحاجة الى الاستفادة من كل هذه التجارب لتدشين حوارات بيننا كمسلمين من مختلف المذاهب والمدارس الفقهية والفكرية،وحوارات وطنية فاعلة بيننا داخل مجتمعنا الواحد ، وعلى هذا المستوى يفترض ان ان تقودنا هذه الحوارات الى تجاوز ما الفناه من شكليات ، وان تتغلغل بالبحث والدراسة في عمق ما نحس به من مشكلات وتعيد بناء الثقة بين الناس والمؤسسات وتردم ما نعانيه من قطيعة وفجوات ، نحتاج الى حوار يفضي الى مصارحات ومصالحات ، وحوار يصلح لأن يكون طاقة بديلة تشحننا بالانسجام بدل الصدام ، وباللطف بدل العنف ، وبأدب التعامل والخطاب بدل التنابز بالالقاب.
لا يوجد لدى احدنا وصفة اخرى جاهزة لمعالجة مشكلاتنا سوى العودة الى الحوار ، وهو ليس مغلقا ولا مستحيلا ، فقد جربناه وثبتت جدواه ، واعتمدناه في بلدنا كمنهج وخيار ،، فهل بوسعنا ان نستعيده اليوم ونحصنه بما يلزم من تقاليد وآداب؟ هذا - باختصار - ما نتمناه. (الدستور)