100 يوم نيابة ... ولكن!!
جهاد المنسي
جو 24 : خطوة مباركة أقدم عليها مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني (منسق تحالف راصد)، الذي أعلن الأسبوع الفائت عن إطلاقه تقريرا حول أداء مجلس النواب السابع عشر خلال 100 يوم من عمره.
كشف التقرير عن وجود إيجابيات وسلبيات في عمل مجلسنا النيابي، لا بد من التوقف عندها، وتحليل مضامينها بشكل موسع ودون خلفيات مسبقة.
تجدث التقرير عن جملة من السلبيات التي يتوجب معالجتها بشكل سريع، لأن الإعلام من واجبه التأشير للسلبيات حتى يجري معالجتها باعتبار أن الايجابيات أمر طبيعي لا يجوز التباهي به.
نحن في الإعلام علينا الكلام صراحة، ودون تزييف للحقائق، فإنه من واجبنا في خضم الحديث عن أداء مجلسنا النيابي خلال الـ100 يوم الأولى من عمره أن نصارح مشرعينا بأن حجم الأداء التشريعي والرقابي ما يزال حتى اللحظة دون المطلوب، والكلام عن وجود إيجابيات هنا او قفزات نوعية هناك، إنما هو كلام لذر الرماد في العيون لا يسنده واقع ملموس على الأرض، والأدلة واضحة وضوح الشمس.
مجلس النواب دوره رقابي وتشريعي، وإن تناولنا أداء المجلس الحالي التشريعي نلاحظ أنه كان ضعيفا على مستوى سن القوانين وإقرارها، وعلينا أن نتذكر أن المطبخ التشريعي، وأقصد هنا اللجان النيابية، ضعيف بشكل لافت، وعلينا أن نستذكر أن عددا من مشاريع القوانين أعيدت إلى اللجان لبروز ملاحظات عليها أثناء النقاش، وهذا يشي بوجود مشكلة في مطبخ التشريع، فلولا قدرة رئيس المجلس ونوابه في إدارة الجلسات، وحرصهم على إتمام النقاش في بعض القوانين، وقدرة اللجنة القانونية ورئيسها على وجه الخصوص لما تسنى لنا، نحن المراقبين، أن نرى قوانين أنجزت خلال فترة الـ100 يوم المنصرمة.
أما على المستوى الرقابي، فعلينا أن نقر أن إنجاز النواب في توجيه الأسئلة، إنجاز لا يضاهيه مجلس سابق، ولكن وحتى نأخذ الأمور في سياقها الطبيعي، فإن الدور الرقابي لا يقتصر على توجيه سؤال، وإعلان عن تحويل السؤال لاستجواب من تحت القبة، وإنما يتوجب أن يرافق ذلك فعل ملموس على الأرض، فحتى الآن أعلن ما يقرب من 30 نائبا نيتهم تحويل أسئلتهم لاستجوابات، بيد أنه لم يتم تسجيل سوى 5 استجوابات فقط، فهل هذا معقول؟!!.
أما على مستوى المذكرات ومشاريع القوانين المقترحة والفعل الرقابي من خلال جلسات المناقشة العامة، فإن أداء المجلس لم يختلف عن مجالس سابقة في هذا الاتجاه، والنواب يعرفون يقينا أن المذكرات وما تحمله من تواقيع لا يوجد لها سند نظامي وقانوني، في نظامهم الداخلي.
نعود لنذكّر أن مجلس النواب السادس عشر الذي قال فيه قادة رأي وحراكيون وحزبيون، وناشطون، ونواب حاليون، ما لم يقله مالك في الخمر، ناقش الثقة بعدة حكومات، وناقش الموازنة مرتين وعدّل 70 % من مواد الدستور، وأقر قانون الانتخاب، رغم الاعتراض على الكثير من مواده، وقانون الهيئة المستقلة، والمحكمة الدستورية وغيرها من القوانين الإصلاحية المهمة التي أرست قواعد عمل ديمقراطي يمكن البناء عليها، وشكل المجلس لجان تحقيق مختلفة في قضايا فساد، وصل في بعضها لمراحل الاتهام، ولكن كل هذا لم يشفع له، وقوبل حله برضا شعبي.
المطلوب أن يشعرنا مجلس نوابنا بوجوده أكثر عبر إقرار قوانين إصلاحية تشكل أرضية صلبة للمرحلة المقبلة، وأن يذهب نوابنا نحو الرقابة الفعلية وليس الرقابة الصوتية واستعراض العضلات والحناجر. يجب الذهاب نحو التشريع الإيجابي الذي يبني الدولة ويحافظ عليها، والخروج من خانة المناكفة والتعطيل وَكَيْل الاتهامات.
أنا ضد حل أي مجلس نواب، سواء الحالي أو السابق أو الذي سبقه، ولكن من حقي أن أطمح بمجلس نيابي لا يقوم على ردود الأفعال، ومخاطبة الشارع بشعارات شعبوية لا تجد وسيلة للتطبيق، وأن نرى عملا تشريعيا ورقابيا راقيا يدفعنا لذكره على مر السنين. الطريق في بدايتها فهل لنا أن نرى ذلك خلال الفترة اللاحقة؟! (الغد)
كشف التقرير عن وجود إيجابيات وسلبيات في عمل مجلسنا النيابي، لا بد من التوقف عندها، وتحليل مضامينها بشكل موسع ودون خلفيات مسبقة.
تجدث التقرير عن جملة من السلبيات التي يتوجب معالجتها بشكل سريع، لأن الإعلام من واجبه التأشير للسلبيات حتى يجري معالجتها باعتبار أن الايجابيات أمر طبيعي لا يجوز التباهي به.
نحن في الإعلام علينا الكلام صراحة، ودون تزييف للحقائق، فإنه من واجبنا في خضم الحديث عن أداء مجلسنا النيابي خلال الـ100 يوم الأولى من عمره أن نصارح مشرعينا بأن حجم الأداء التشريعي والرقابي ما يزال حتى اللحظة دون المطلوب، والكلام عن وجود إيجابيات هنا او قفزات نوعية هناك، إنما هو كلام لذر الرماد في العيون لا يسنده واقع ملموس على الأرض، والأدلة واضحة وضوح الشمس.
مجلس النواب دوره رقابي وتشريعي، وإن تناولنا أداء المجلس الحالي التشريعي نلاحظ أنه كان ضعيفا على مستوى سن القوانين وإقرارها، وعلينا أن نتذكر أن المطبخ التشريعي، وأقصد هنا اللجان النيابية، ضعيف بشكل لافت، وعلينا أن نستذكر أن عددا من مشاريع القوانين أعيدت إلى اللجان لبروز ملاحظات عليها أثناء النقاش، وهذا يشي بوجود مشكلة في مطبخ التشريع، فلولا قدرة رئيس المجلس ونوابه في إدارة الجلسات، وحرصهم على إتمام النقاش في بعض القوانين، وقدرة اللجنة القانونية ورئيسها على وجه الخصوص لما تسنى لنا، نحن المراقبين، أن نرى قوانين أنجزت خلال فترة الـ100 يوم المنصرمة.
أما على المستوى الرقابي، فعلينا أن نقر أن إنجاز النواب في توجيه الأسئلة، إنجاز لا يضاهيه مجلس سابق، ولكن وحتى نأخذ الأمور في سياقها الطبيعي، فإن الدور الرقابي لا يقتصر على توجيه سؤال، وإعلان عن تحويل السؤال لاستجواب من تحت القبة، وإنما يتوجب أن يرافق ذلك فعل ملموس على الأرض، فحتى الآن أعلن ما يقرب من 30 نائبا نيتهم تحويل أسئلتهم لاستجوابات، بيد أنه لم يتم تسجيل سوى 5 استجوابات فقط، فهل هذا معقول؟!!.
أما على مستوى المذكرات ومشاريع القوانين المقترحة والفعل الرقابي من خلال جلسات المناقشة العامة، فإن أداء المجلس لم يختلف عن مجالس سابقة في هذا الاتجاه، والنواب يعرفون يقينا أن المذكرات وما تحمله من تواقيع لا يوجد لها سند نظامي وقانوني، في نظامهم الداخلي.
نعود لنذكّر أن مجلس النواب السادس عشر الذي قال فيه قادة رأي وحراكيون وحزبيون، وناشطون، ونواب حاليون، ما لم يقله مالك في الخمر، ناقش الثقة بعدة حكومات، وناقش الموازنة مرتين وعدّل 70 % من مواد الدستور، وأقر قانون الانتخاب، رغم الاعتراض على الكثير من مواده، وقانون الهيئة المستقلة، والمحكمة الدستورية وغيرها من القوانين الإصلاحية المهمة التي أرست قواعد عمل ديمقراطي يمكن البناء عليها، وشكل المجلس لجان تحقيق مختلفة في قضايا فساد، وصل في بعضها لمراحل الاتهام، ولكن كل هذا لم يشفع له، وقوبل حله برضا شعبي.
المطلوب أن يشعرنا مجلس نوابنا بوجوده أكثر عبر إقرار قوانين إصلاحية تشكل أرضية صلبة للمرحلة المقبلة، وأن يذهب نوابنا نحو الرقابة الفعلية وليس الرقابة الصوتية واستعراض العضلات والحناجر. يجب الذهاب نحو التشريع الإيجابي الذي يبني الدولة ويحافظ عليها، والخروج من خانة المناكفة والتعطيل وَكَيْل الاتهامات.
أنا ضد حل أي مجلس نواب، سواء الحالي أو السابق أو الذي سبقه، ولكن من حقي أن أطمح بمجلس نيابي لا يقوم على ردود الأفعال، ومخاطبة الشارع بشعارات شعبوية لا تجد وسيلة للتطبيق، وأن نرى عملا تشريعيا ورقابيا راقيا يدفعنا لذكره على مر السنين. الطريق في بدايتها فهل لنا أن نرى ذلك خلال الفترة اللاحقة؟! (الغد)