احمد روبين.. أردن يحترق أيّها القصر !!
كتب تامر خرمه
أحمد روبين.. النار التي أحرقت جسده المتعب كانت أهون عليه ألف مرّة من مرارة القهر وتجاهل السلطة لشريحة اجتماعية لا يعترف بها سوى الحرمان !!
يتيم يحرق نفسه أمام وزارة التنمية الاجتماعيّة.. ماذا بعد ؟! لا شيء يحدث.. تمضي الوزيرة إلى ممارسة يوميّاتها كالعادة، ويعود كل موظّف إلى مكتبه ليلقي بالمزيد من الأوراق في عتمة الأدراج، ويواصل رجالات الدولة وكبارها أعمالهم الكثيرة وربّما المنهكة، والتي تتعلّق بكلّ شيء إلا بهذا البلد.
ترى.. هل بات اشتعال النار في جسد إنسان من الأمور التي يمكن الاعتياد عليها في هذا البلد ؟! وكم مقهور عليه أن يحرق نفسه كيّ تلتفت السلطة الأردنيّة إلى وجود ما اصطلح على تسميتهم بـ "عامّة الناس" ؟!! أليس من المفترض أنّ الإنسان هو غاية ومبرّر وجود السلطة، أيّة سلطة على وجه هذا الكوكب ؟!
يتيم يحرق نفسه أمام وزارة التنمية الاجتماعيّة.. خبر عاجل.. اليتيم أحرق جسده قهرا.. يا عالم أردني يحترق أمام مؤسّسات الدولة.. ترى هل هناك من يسمع أو يقرأ.. هل وصلت هذه الكلمات إلى أذهان صنّاع القرار المتكدّسة بدسم "البرستيج" ؟!! راقبوا ردّة الفعل التالية: يقرأ أحدهم الخبر، فيبادر إلى إجراء مكالمة هاتفيّة يأمر فيها بصرف مائة دينار لجلب مناوئين لاعتصام قرّر الأيتام تنظيمه أمام وزارة التنمية الاجتماعيّة سخطا على آلت إليه أوضاعهم حتى دفعت برفيق درب البؤس إلى إحراق نفسه !!
فجاة تظهر الأموال.. وتغدق بسخاء على أدوات القمع وآليّات إسكات الناس.. لا يوجد عجز مالي الآن.. المؤسّسات الرسميّة تجد مصادر التمويل لمشاريع البلطجة وتشويه الحقيقة.. فللمال معجزة التجلّي في مثل هذه الظروف، حيث ينبثق بقدرة آمر من عتمة العدم وسراديب التبرير والتذرّع بغيابه في مواجهة المطالب المشروعة، ليصبح أكثر الموجودات وضوحاً وحضوراً.. نعم هنا الأردن.. وأيّ مكان غيره يشهد مثل هذه المعجزات ؟!
ملك البلاد يتقن الحديث بطلاقة باللغة الرسميّة للمحافل الدوليّة، ويستخدم كلّ المفردات التي يعجز عن التحدّث بمثلها حتّى المرحوم شكسبير أو ربّما كريستوفر مارلو، عندما يعرض للعالم "المتقدّم" النموذج الأردني للديمقراطيّة والدولة العصريّة.. فهل يعلم جلالته أن أيتام بلاده يحرقون أنفسهم أمام مؤسّسات الدولة التي يحكمها ؟!!
وهل تعلم الملكة، الأكثر أناقة من كلّ سيّدات المجتمعات المخمليّة، وصاحبة المبادرات الخيريّة التي لا تغيب عنها الشمس، أن كلّ مبادراتها ومؤسّساتها التي تصرف عليها بالملايين، عاجزة عن نشل يتيم من بؤسه وقهره ؟!
أحمد روبين.. كم مرّة سيكون عليك إحراق جسدك الذي نهشه الحرمان قبل أن تلتفت الدولة إلى مطالب الأيتام ومجهولي النسب ؟؟ ترى هل تتجاوز مطالب من تلقي بهم دور الرعاية إلى بؤس الشارع حدود الممكن ؟! هلّ تعجز السلطة الأردنيّة عن تحمّل مسؤوليّاتها تجاه هذه القضيّة، وإذا كان الأمر كذلك، فهل حقّا يمكن تبرير وجود هذه السلطة ؟!
لا نعرف اي نوع من الساسة هم ساستنا ، لا يحركهم شئ ، سكونهم واستكانتهم لا يخترق فضاءها صخب او حركة .خواء لا تملؤه علوم الدنيا ومعارفها . والمشهد - والحالة هذه - ينطبق عليهم قول شاعرنا الدكتور عبدالرزاق بني هاني في قاموسه الذي اسماه ب "قاموس الويل" :
واللهِ ...
لو حرقنا فداءَ الفقرِ ... ألفَ ألفَ يتيم ...
ونفينا من الأوطانِ ... ألف ألف مسكين ...
وجعلنا من أنفسنا للمُترفينَ ... شموعاً ووقوداً وبنزين ...
وأشركنا باللهِ ... وعبدناهم ...
وحررنا السجون من كل أسير ...
ما أيقظ كل ذلك عند المترفين ... قطمير ضمير ...
(من قاموس الويل للدكتور بني هاني)
والقطمير في القرآن هو الزغب الذي ينمو على بذرة التمر، ويكاد أن لايكون له وزن !!!