نداء إلى أصحاب القرار في بلدي: فساد أكبر من أي فساد!
ميسرة ملص
جو 24 :
إن عدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب، فساد أكبر من أي فساد آخر.
الحكومة الاردنية ستدفع ملايين الدنانير في السنوات القادمة بدل فوائد ومطالبات و/ او كلف زائدة لاعمال اضافية نفذت بغير وقتها المناسب نتيجة البطء في اتخاذ القرار والحرص على اتخاذه بشكله القانوني، ولو أدى ذلك الى الانتظار أسابيع أو أشهر أو حتى سنوات، وسأضرب أمثله افتراضيه من القطاع الذي أعمل به.
فمثلا لو تبيّن أن مشروعا، بعد احالته على مقاول، بحاجة ضرورية لتعديل تصميمه بسبب ظروف او عوائق منظورة او غير منظورة، وتأخر المسؤول (صاحب العمل) في اتخاذ القرار السريع لتكليف المستشار باعاده التصميم وذلك في حرص منه على السير بالاجراءات القانونية الطويلة لذلك (والتي تستغرق اشهر احيانا)، فإن المطالبات التي سيتقدم بها المقاول بدل كلف تعطل آلياته وأجهزته والفوائد عليها ستكلف ملايين الدنانير على خزينة البلد، وذلك مقابل "رعب" المسؤول من الاجهزة الرقابية التي ستسأله مستقبلا على كلفة أعمال اعادة التصميم والتي لا تتجاوز عشرات الآلاف من الدنانير، ولاتشكل الا نسبة بسيطة جدا من الملايين التي ستدفع للمقاول بدل مطالباته.
ومثال اخر افتراضي، هنالك مشاريع تحتاج اضافات ضرورية لتشغيلها، يتأخر المسؤول (صاحب العمل) في اتخاذ القرار لتنفيذها انتظارا لتوفير مخصصاتها أو السير في اجراءات تكليف المقاول بها، وهذا الامر سيكلف الخزينة أموالا طائلة بدل الأعمال المنفذة والتي سيتم تغييرها واعادة انشاء بديل عنها، وفي العادة تكون الكلفة مضاعفة نظرا لكونها ستنفّذ في وقت غير مناسب حسب برنامج عمل المشروع او مرحلة تنفيذه.
ومثال ثالث على حال الادارة الرسمية، هناك عشرات القضايا التي يمكن اجراء الصلح او التسوية المالية فيها بين اصحاب العمل والمقاولين وبكلفة اقل بكثير من انتظار اتخاذ القرار القضائي القطعي بها وما يصاحبه من فائدة بنكية عالية على قيمة هذه المطالبات، ولكن لا يتم اجراء التسوية عليها..
لقد اصيبت الادارة الاردنية ومسؤولوها بـ "الرعب" من وسائل الاتصال الاجتماعي ومن الموسسات الرقابية (التي في الغالب لا يعرف العاملون بها على ماذا يجب ان يدققوا)، وأصبح افضل شيء للمسؤول أن يسكّن الامر ولا يتخذ القرار بالسرعة المطلوبة، انتظارا للسير بالاجراءات المعقدة والطويلة لاخراجه بشكله القانوني، ولو على حساب الخزينة.
ستصحو الحكومة الاردنية بعد سنوات على مطالبات بملايين الدنانير من الموردين او المقاولين او الشركات اوالموسسات التي تتعامل معها، مقابل عشرات أو مئات الالاف كان ممكن ان تدفعها لو اتخذ المسؤولون القرارات في الوقت المناسب..