الاردن بمواجهة الكورونا

حظر التجول خطوة للأمام وكسره المحتمل خطوة اكبر للوراء.

اعرف انني غير مؤهل لاعطاء نصائح لاهل الخبرة والاختصاص. كما انني اشعر بفيض من الحياء عندما لا يتعدى دوري حدود النصح في وقت يسهر فيه الاف الرجال في ظرف حرج على حماية شعبهم من عواقب جائحة اكثر ترويعا وخطرا من حرب حقيقية.

تحاول الحكومة مدعومة من الجيش والعديد من المؤسسات ان تتصدى لخطر الوباء قبل أن يخرج عن السيطرة بما يجعل من الكلفة الانسانية والاقتصادية اكبر بكثير من قدرة دولة منهكة ومأزومة اقتصاديا وسياسيا.

خطة المواجهة تقوم على العزل والحجر وتقليل التواصل لاقصى حد ممكن وبلغت الخطة ذروتها بحظر تجول شامل امكن تطبيقه بنجاح وربما بتوقيت يساعد على حرمان الفيروس من الانتشار الواسع. لكن حظر التجوال المفروض على ملايين المواطنين والضيوف يتطلب خطة تنظيمية دقيقة كي لا يقود الى معاناة قاسية خاصة أن تواصله لاسبوعين على الأقل يزيد الامر صعوبة. بسبب احتياجات المواطنين الضرورية للغذاء والمياه والتعامل مع الحالات الطارئة.

ان نجاح الخطة الحكومية يقتضي عدم كسر الحظر من حين لاخر. فشرط النجاح هو تواصل الحظر والا فأن الهدف منه لن يتحقق. ويغدو تضحية مجانية بلا طائل.

السماح المتوقع برفع الحظر بعد يومين او ثلاث يعني ان سيول المواطنين ستندفع مرة اخرى إلى حيث يمكن شراء الأغذية واللوازم المنزلية الأخرى. وايضا بدافع الفضول الساذج. والرغبة المبررة للتحرر من الاسر المنزلي.

ولن يجدي القول حينها ان شعبنا متخلف فكل الشعوب فعليا لها سلوك غريزي قطعاني في الحالات المشابهة.

ان اطلاق الحشود غير المؤهلة للانضباط يعني التضحية بالهدف من إجراء حظر التجول. ولن يتبقى شيء من المفعول الإيجابي للحظر.

وبالتالي فإن الجهات المعنية رغم انها مثقلة تماما بالمهام التفصيلية عليها ان ترسم وتصمم آليات عملية تسمح بايصال احتياجات المواطنين الى منازلهم عوض اندفاعهم العشوائي الى حيث يحصلون عليها.غرفة عمليات مركزية تتفرع منها غرف عمليات بمهام محددة يمكن ان تساهم بصياغة وتصميم التفاصيل مثل نقابة المخابز وإدارة السوق المركزي والأسواق الكبرى. اضافة للاستعانة ببنك معلومات متاح تستند اليه خرائط الانتشار والتوزيع وهو بنك معلومات متاح لدى شركات الاتصالات وعلى الارجح لدى دائرة المخابرات نفسها طالما ان البلاد تخضع لاوامر الدفاع.

في الخطة الحكومية لمواجهة الوباء يعتبر حظر التجول خطوة كبرى للامام لكن كسره المحتمل خطوة اكبر للوراء .

النجاح يتطلب مواصلته وليس كسره. تضحية المواطن مؤقتا بقدر من حريته يتقدم كثيرا على تضحية مجانية بحياته. وهي تضحية ما زال متاحا تفاديها.

وتظل القاعدة المرجعية هي تقديم مصلحة المجتمع على ما عداها .

#حاتم_رشيد