لوس انجلوس تايمز: حجب المواقع آخر ما يحتاجه الملك
سياسة الانترنت الخاطئة بالاردن
ديفيد شينكر، لوس انجلوس تايمز يوم الجمعة ١٤ حزيران
هناك الكثير على قائمة ما يجب ان يقوم به الملك عبدالله، فعلاوة على ان مملكته تستضيف ما يقارب من نصف مليون لاجيء سوري، فالاقتصاد يتردى، وهناك قلاقل جدية في مدينة معان، بالاضافة الى حركات احتجاجية مستمرة مرتبطة بالانطباع السائد بان هناك فسادا يتمتع برعاية رسمية، وهناك ايضا معارضة متنامية لنشر اميركا طائرات من طراز اف ١٦ لحماية الاردن من تبعات وصول العنف من سوريا.
القصر قام ببعض المبادرات والاجراءات الحصيفة لابعاد الشعب عن هذه التحديات، ومن بين هذه الاجراءات هو البحث عن ضمانات قروض من الولايات المتحدة لطرح السندات الاوروبية وتأمين قرض ملياري دولار من صندوق النقد الدولي، والقيام باجراءات اولية وعلى العلن لمحاربة الفساد. ولكن ليس كل ما قام به الملك من جهود لتعزيز الاستقرار تم تقديره بشكل جيد، فقد قام الاردن هذا الشهر بحجب اكثر من ٣٠٠ موقعا اخباريا عن الاردنيين. والمفارقة ان قرار الحجب صادف اطلاق مشروع الملك عن التمكين الديمقراطي! ولو وضعنا التوقيت السيء جانبا فإن الهجوم على حرية الانترنت كان قد شرعت بقانون قبل عدة اشهر. ومن غير المستغرب قيام ناشري المواقع الاخبارية باتهام القصر بتنفيذ القانون الان لاخراس الرأي الاخر، فهناك عدد من هذه المواقع الاخبارية تنتقد الحكومة وتركز في تغطياتها وتقاريرها وتحليلاتها على المظاهرات المناهضة لها، واخبار حركة المعارضة العشائرية المعروفة باسم الحراك، وكذلك قضايا الفساد.
وخلال اعتصام نفذ عند مقر نقابة الصحافيين في الثالث من شهر حزيران قال باسل العكور- ناشر موقع jo24 الذي تم حجبه أن اجراءات الحكومة هي سياسية وليست قانونية، محذرا من ان الدولة ستقوم في القريب العاجل باستهداف الصحف المطبوعة الورقية.
منذ عام ٢٠٠٩ قامت مؤسسة الفريدوم هاوس بتصنيف الاردن بانه بلد غير حر وقد واجهت الصحف ضغوطات، ويقول محررون في صحف غير حكومية أن الصحف وبشكل روتيني تأخذ بعين الاعتبار القصر عندما تمنع بعض القصص. وقد تجنبت الصحف الاخبارية الالكترونية وبشكل كبير هذه القيود حتى ايلول الماضي، غير ان البرلمان ادخل تعديلات مقيدة على قانون المطبوعات تتطلب ان تدفع المطبوعات الالكترونية مبلغ ١٤٠٠ دولا رسم تسجيل، وان تتقدم للترخيص خلال ٩٠ يوما. ومع ان عددا من هذه المواقع قام بالترخيص إلا إن المواقع المعارضة رفضت من حيث المبدأ ان تطلب ترخيصا من قبل جهة لا ينظر اليها بانها مستقلة، وكان من المفروض ان يتم حجب المواقع غير المرخصة قبل الانتخابات في شهر كانون الثاني الماضي، غير ان المهلة انتهت هذا الشهر.
وكانت ردة الفعل ان قام عدد من المواقع المحجوبة بالتضامن واصدار بيانات وتنفيذ اعتصامات، ولم ينضم الى هذ الجهد الاخوان المسلمون مع ان موقعيهما "الاخوان جو دوت كوم"، و"البوصلة" كانا من بين المواقع التي حجبت فيما رفع الحجب عن "الاخوان دوت جو". ومع ذلك اصدرت جماعة الاخون بيانا ادانت فيه هذه الخطوة التي تأتي كاستمرار لاجراءات تسلطية قاسية من قبل الحكومة. وفي الوقت ذاته فان موقع البوصلة وضع على صفحته الرئيسية بانر يشجع الزوار على أن يشتركوا في حملة وطنية لخرق الحجب عن طريق البروكسي. والظاهر ان عديدين في الاردن، الذي يستخدم فيه اكثر من ٥٠٪ من الشعب الانترنت، يفعلون ذلك، وحسب العكور من موقع jo24 فإن الحركة على موقعه قد ارتفعت بشكل كبير من ٢٥ الف زائر باليوم الى ٤٠ الف زائر.
ومع ان حجم الاحتجاجات ليس كبيرا الا ان الرسالة التي توجهها لها صداها، ولغاية الان وقع ٨٥ نائبا من اصل ١٥٠ في البرلمان على مذكرة لمراجعة قانون المطبوعات الاشكالي، ويقول وزير الاتصالات والاعلام محمد المومني انه من الممكن ان تكون الحكومة راغبة في اعادة النظر بالقانون. وتصر الحكومة على أن المواقع الاخبارية ينبغي ان تنتظم حتى يتم الحد من التشويه في السمعة والتقارير غير المسؤولة في قضايا تتعلق بالفساد التي تحرض المواطنين، طبعا هذه امور القلق بشأنها مشروع، لكن وكما هو الأمر في الدول الاخرى فإن الناشرين مسؤولين امام المحاكم المدنية.
ولم تعلق الادارة الاميركية على قرار الحجب، لكنه وبدون شك فإن واشنطن غير راضية، لكن وبسبب التهديدات المتعددة لاستقرار الاردن فإن كبح الحريات المدنية لم تظهر على دائرة اهتمام الحكومة الاميركية، ومع ذلك فإنه من الممكن أن تكون الادارة الاميركية قد مررت رسالة للقصر تعبر عن قلقها من اجراء الحجب. وبسبب ما يمر به الاقليم من عدم استقرار فإن الحكمة تقتضي ان لا يتم الضغط على الاردن لاجراء اصلاحات سياسية جذرية، فغالبية الاردنيين لا ينادون بمثل هذا التغيير، لكن في الوقت ذاته يجب القول أن التراجع عن الحريات المحدودة ليس وصفة لتعزيز الاستقرار، فآخر ما يحتاجه الملك عبدالله الثاني هو ان يلصق بعرشه المتنور تاريخيا ممارسات يقوم بها جيرانه القمعيين.
ترجمة jo24