هل من قانون دولي يحمي العمالة في حالة الاوبئة؟
د. رشيد عبّاس
جو 24 :
يُعرف القانون الدولي (International law) على انه عبارة عن مجموعة من القواعد والمعايير القانونية التي يتم تطبيقها بين الدول ذات السيادة، وتتفق عليه جميع الدول المعنية, وقد يكون القانون الدولي عام حيث يمكن تطبيق القانون الدولي العام بين مختلف الدول، وهو غالباً ما يتعلق بالحقوق والمسؤوليات التي تقع على عاتق الدول تجاه بعضها البعض، كحماية البيئة, والحد من انتشار المخدرات والاوبئة الى غير ذلك من قضايا.. او ان يكون القانون الدولي خاص حيث يحدد القانون الدولي الخاص العلاقات بين فئات المجتمع من مختلف الدول كعقود الزواج والطلاق وشؤون الافراد الى غير ذلك من قضايا...
يبدو ان وباء فيروس كورونا سيخلق ازمة كبيرة في موضوع (العمالة) بين البلدان في قادم الايام اذا ما استمر انتشار الاويئة بالصورة التي هي عليه الان, فكل بلد من بلدان العالم لديها عمالة من البلاد الاخرى, فكيف يمكن ان تتصرف هذه البلاد قانونيا في الوقت الذي يجتاح فيه هذه الايام وباء فيروس كورونا حيث بدأت بعض البلاد في العالم (تتململ) من وجود عمالة لديها من شتى انحاء العالم, والسؤال المطروح هنا هل من قانون دولي يحمي العمالة في حالة انتشارالاوبئة؟
يذكر الجميع انه عندما انتشر وباء الطاعون والذي طم وقتها البلاد والعباد, قام طبيب الامة كل الامة سيدنا (محمد) صلى الله عليه وسلم وقتها باصدر قرار يقضي بالبقاء في البلد الذي يقيم فيه الشخص حتى اشعار آخر, والذي تضمن عدم الدخول اوالخروج.. الى ومن البلد الذي انتشر فيه هذا الوباء, وهو ما يعرف اليوم بـ(الحجر الصحي), والذي كان يقضي ايضا بان تقوم كل بلد من بلاد المسلمين وغير المسلمين ايضا بالمحافظة على حقوق الافراد وتأمين جميع مستلزمات الحياة لمن هم على اراضيها, وبهذا القرار والذي اعتبر وقتها قرارا عاما تمكنت من خلاله البلاد الاسلامية وغيرالاسلامية من حصر الوباء والتقليل من اثاره المميته بعد فترة وجيزة من الزمن, وهنا برزت القيم الانسانية المشتركة بين بني البشر ككل.
المتتبع لتلميحات بعض الدول في ضوء انتشار وباء فيروس كورونا يشعر ان توجهات الدول في مجال العمالة متباينة من دولة الى اخرى, ويبدو ان هذا التبياين مصدره المقارنات الاحصائية غير الجائزة من حيث اعداد ونسب المصابين والمتوفين والمتعافين بين هذه االدول, وتكاليف كل من العزل والحجر الصحي والتخوفات المرتبطة بذلك لدى هذه الدول, وأكرر هنا انه لا يجوز احصائيا اجراء مقارنات احصائية من حيث اعداد ونسب المصابين والمتوفين والمتعافين بين الدول وذلك لوجود جملة من المتغيرات المتعلقة بالجغرافيا البشرية والتي من ابرزها: متوسط اعمار المجتمع, ومناعة افراد المجتمع, ومستوى الرعاية الصحية الموجهة لافراد المجتمع, وانماط الحياة المعيشية للمجتمع, واختلاف ثقافة المجتمع, وطريقة الاتصال والتواصل بين افراد المجتمع, الى غير ذلك من متغيرات, ..نعم لا يجوز اجراء مقارنات احصائية دولية من حيث اعداد ونسب المصابين والمتوفين والمتعافين بين الدول على الاطلاق, ويجوزعمل ذلك في حالة واحدة - مستحيلة المنال- هي عند توحيد جميع المتغيرات لدى مجتمعات هذه الدول.
العالم اليوم معني بصياغة قانون دولي معاصر يحدد مصير عمالة الدول في حالة انتشار الاوبئة, على ان يكون ملزما لجميع الدول المعنية بذلك, بغض النظرعن اعداد ونسب المصابين والمتوفين والمتعافين من الوباء في كل دولة من دول العالم, كيف لا والعالم اليوم مهدد بمزيد من الامراض والاوبئة والجائحات, فعمل معاهدة الصحة العامة الدولية على تنسيق تدابير الحجر الصحي على الحدود البرية في مختلف البلدان في محاولة منها لإبقاء مسببات الأمراض خارج البلاد عمل غير كاف, وعمل منظمة الصحة الدولية اليوم للحد من محاصرة انتشار وباء فيروس كورونا والابلاغ عنه عمل غير كاف ايضا, ..المطلوب اليوم هو محاصرة انتشار الاوبئة, والتقليل من اثارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وحماية حقوق (العمالة) اينما وجدت.
ومن منظور قانوني, فان القانون الدولي اليوم قد فشل في إرساء نظام سيادة قانون يحمي حقوق العمالة في الدول, والذي ينبغي ان يقضي بتطبيق جميع التدابير بطرق شفافة دون تمييز, كما يجب على الدول أن تعامل المسافرين وفق أساليب تحترم كرامتهم وحقوقهم وحرياتهم الأساسية، بما في ذلك مراعاة الاعتبارات الجنسية، والاجتماعية، والثقافية، والعرقية، والدينية..، مع تجنب كل ما من شأنه أن يخلق ازعاجا أو معاناة للافراد، والحرص على توفير الغذاء الكافي، والماء، والسكن، وحماية الأمتعة، والعلاج الطبي، والحجر الصحي، وتأمين الاتصالات من داخل الحجر الصحي للمسافر في حال انتشار الاوبئة.
نعم المطلوب اليوم قانون دولي معاصر يعمل على محاصرة انتشار الاوبئة دوليا, والتقليل من اثارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وحماية حقوق (العمالة) اينما وجدت.