jo24_banner
jo24_banner

الفورن بوليسي : الأردن على الحافة دائما

الفورن بوليسي : الأردن على الحافة دائما
جو 24 : فورن بوليسي - مارك لينش - ألقت استقالت رئيس الوزراء عون الخصاونة المفاجئة وغير المسبوقة الضوء على العيوب المستمرة في الاصلاح السياسي في المملكة الأردنية الهاشمية، فقانون الانتخابات الناقص الذي وضع على الطاولة الشهر المنصرم جاء (كأي خطوة اتخذت ... طوال السنة والنصف الماضية) صغيرة جدا ومتأخرة جدا لترد على قلق المواطنين الأردنيين.

فالاصلاحات المحددة لم تعمل الكثير لتنهي الموجة المتنامية للاحتجاجات في الجنوب، ولم تعالج الاقتصاد المترنح أو شكاوى الفساد أول الغضب السياسي الذي وصل إلى الحافة. ويضاف إلى ذلك التأثير المحتمل للأزمة القائمة في سوريا أو تصعيد جديد في الضفة الغربية والقلق المبرر على مستقبل الأردن.

ولهذا يمكن ايجاد العذر للمراقبين والمختصين المخضرمين في الاقليم وهم يرفعون حواجبهم للأعلى قليلا بسبب التقارير التي تتحدث عن عدم الاستقرار في الأردن.

المملكة وعلى مدار عقود كثيرة تبدو على الحافة، ودائما ما تدور الأسئلة حول استقرارها وهناك أيضا شكوك حول النظام الحاكم (غالبا من قبلي شخصيا) ومع ذلك فإن النظام الهاشمي يبقى. وبالتالي فإن التحذيرات التي تطلق حول أزمة سياسية في الأردن هي مثل الاولاد الذين يلعبون لعبة الراعي والذئب. من هنا فإن التاريخ الطويل من الاحتجاجات المحبطة وقدرة النظام على المناورة بشكل ناجح يجب أن يكون بمثابة تحذير لأي واحد يتوقع انفجار حقيقي، لكن وبنفس القدرة فإنه من الخطأ اهمال اشارات التصعيد المتسارعة للأزمة السياسية التي لا يبدو أن القصر قادر أو راغب بالاستجابة اليها.

يقدم هذا المادة ايجاز جديد بعنوان "الاردن، دائما على الحافة،" وهو يجمع عشرين مقالا من السنوات الثلاث الأخيرة والتي تشرح طبيعة الأزمة السياسية في الأردن وعيوب محاولات الاصلاح والحالة السياسية الراهنة . فسياق الانتفاضات العربية في السنة الماضية خلقت نوعا من الضرورة للتعامل مع مشاكل الاردن لكن المراوحة السياسية تطورت على مدار سنوات عديدة، فالانفتاح الديمقراطي الذي جاء في اعقاب الاحتجاجات الاجتماعية في عام ١٩٨٩ والتي شملت تحرر الصحافة واجراء انتخابات تعددية وصياغة الميثاق الوطني لنظام ملكي ديمقراطي اصبحت الآن في الذاكرة البعيدة للناس.

عندها بدأ الملك حسين بالتراجع عن الحريات الجديدة في منتصف التسعينيات في سياق تحضيرة لعقد معاهدة سلام غير شعبية مع إسرائيل. جاء قانون الانتخابات الذي صمم لتحجيم قوة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي، وهذا القانون انتج سلسلة من البرلمانات الضعيقة وغير المؤثرة وكانت غالبا ما تحل قبل أوانها حسب نزوة القصر.

ومنذ ان حل الملك عبدالله مكان والده،.........(..) ، وغالبا ما يجادل موظفو القصر بأن الملك هو اصلاحي حقيقي لكنه محبط من رتم الاصلاحات البطيء، وإذا كان الملك بالفعل فليس بجعبته إلا القليل ليظهرة بعد عقد من المحاولات. ويشير سجله إلى أنه علق البرلمان بعد فترة وجيزة من تسلمه العرش وقام بالحكم حسب قانون الطواريء لسنوات عديدة، واختفت المبادرات الاصلاحية مثل الاجندة الوطنية دون أن تترك اثرا.

والتاريخ السياسي للعقد الأخير كان عبارة عن سلسلة محبطة من الحكومات الفاشلة وبرلمانات لم تتمتع بالكفاءة ومجتمع مدني محبط. وجاءت انتخابات عام ٢٠١٠ لتكون من بين الاسوأ في تاريخ المملكة. وقد تفاقم الاحباط بسبب المشاكل الاقتصادية التي قامت بشطب الطبقة الوسطى وأثرت بشكل كبير على الفقراء، فخفض النفقات الحكومية او النفقات البيروقراطية قامت بالتأثير أكثر على الشرق أردنيين الذين حابتهم الدولة لأسباب سياسية.

كل هذا في وقت غذت فيه مظاهر الغنى والثروة في أجزاء من عمان من استياء الناس وفي وقت كثر فيه الحديث عن الفساد الذي طال من هم في القمة، وهذه الاحاديث دارت بين الناس من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي ويظهر ذلك في الاحاديث اليومية للناس. وما زلت شخصيا أذكر أنني انصدمت قبل عدة سنوات عندما تسليت بالاستماع لقصص أناس غرباء بالنسبة لي وقصصهم عن طائرة الجت الخاصة بالملكة رانيا، والجهود الرسمية في مراقبة والسيطرة على مثل هذه المعلومات هي بائسة وغير فاعلة.

وجاءت الانتفاضات المصرية والتونيسة لتكون مصدر الهام للكثير من حماس وطاقة الاحتجاج في الاردن كما فعلت في أماكن أخرى في المنقطة، وقام الشباب الاردنيون بتنظيم احتجاجات واسعة في حين جمعت فيه المعارضة التقليدية مزيدا من القوة. وقامت جماعات الانترنت الاردنية المدهشة في دفع حدود النقاش العام بحيث ظهر انتقاد غير مألوف للفساد على أعلى المستويات (وبخاصة .....). وما صعب من معضلة النظام هو انتشار مشاعر عدم الرضا بشكل واسع في الجنوب الذي ترسخ فيه ثقافة احتجاج. وقام المتقاعدون العسكريون بالتحدث بطرق غير مسبوقة ما يؤشر إلى مشاكل محتملة في بنية وقلب النظام.

وظهرت ايضا سياسة الهوية الاردنية الفلسطينة والتي كانت دائما في قلب السياسة والمجتمع الاردني لتلعب دورا باشكال مكثقة. وكان رد الملك بشكل ثابت متأخرا قليلا ما يعني أن هناك اخفاقا لفهم المدى الكامل لمشاكل النظام. من هنا ياتي تسخيف اقالة عدد من رؤساء الحكومات بشكل متتالي بوصفه تغيير من دون فائدة عملية، فخطاب الملك في شهر حزيران احبط النشطاء الذين كانوا يأملون بوعود ذات معنى لاحداث التغيير السياسي. وهنا فإن التعديلات الدستورية الموعودة جاءت فقير بالمقارنة مع التغييرات المحدودة التي تمت في المغرب. وما ان جاء شهر تشرين ثان حتى اصبحت الاصلاحات الموعودة وبشكل كبير "خيال" حسب الحكم اللاذع للبرفسور شان يوم.

لكن الشيء الفعّال أكثر هو المحاولات التقليدية لاحداث استقاطب في المجتمع حول صراع اردني فلسطيني من اجل تقسيم وتشتيت المعارضة، ولكن حتى هذه الاستراتيجية تحمل في طياتها خطرا على النظام في الظروف الحالية، وكما تساءلت كل من لوري براند وفايز حماد ".............."

كانت هناك بعض الامال عندما عين القاضي الليبرالي المحترم عون الخصاونة كرئيس للوزراء لكن مع مغادرته فأن الأمل قد احبط. والتاريخ الطويل لقدرة النظام على البقاء والتخلص من الامال المحبطة والاصلاحات الفاشلة يعزز القناعة بأن النظام سيتجاوز المرحلة، ولكن يجب أن لا يشعر القصر الملكي بالثقة. فسرعة الاحتجاجات وانتقالها إلى مناطق جديدة وتصاعد شكاوى الجنوب وتعميق سياسة الهويات والاقتصاد المترنح والسخط العام على الفساد الرسمي يمكن أن يأخذ السخط إلى مرحلة الغليان. والفض العنيف لاعتصام شهر اذار الماضي كان قد صدم النشطاء وكسر من عزمهم والزخم ومع ذلك فإن حركة الاحتجاح هي خلاقة وصامدة. وسأضع الاردن اليوم خلف البحرين بوصفها تخاطر بتصعيد مفاجيء لأزمتها السياسية والتي عند نقطة محددة فإن المستحيل بأثر رجعي سيبدو حتميا.

*** الكاتب خبير أميركي في الشرق الاوسط واستاذ الدراسات الشرق اوسطية في جامعة جورج واشنطن .

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير