عناصر النجاح الحرجة للتجربة الاردنية: استعادة الحكومة ولايتها العامة
أ.د احمد القطامين
جو 24 :
عناصر النجاح الحرجة للتجربة الاردنية: استعادة الحكومة ولايتها العامة والتعاون الشعبي وتعطل تدخل مراكز القوى
واحدة من اخطر الظواهرالتي نتجت عن هجمة كورونا عل البشرية هي تلك الحالة من التخبط والارتباك التي طبعت ردود فعل الدول في مواجهة كورونا. دول عظمى نتيجة لحسبات داخلية غير موفقة وانانية عاشت حالة غير مسبوقة من التردد والخوف فاضاعت فرصة التصدي الفعال في الايام الاولى الحرجة في مواجهة الفيروس، وكان ابرز تلك الفوضى وحالات الارتباك تلك التي ميزت ردود فعل الولايات المتحدة الامريكية تحت ادارة ترامب الذي قلل في تلك الايام الاولى الحاسمة من شأن امكانيات الجائحة على التدمير، ثم واصل التراجع التدريجي البطئ عن موقفه ذاك فاضاع ايام واسابيع اضافية ذات اهمية بالغة للتعامل مع المعطيات الخطيرة الناتجة عن تفشي كورونا، حدث ذلك ايضا في ايطاليا التي اضاعت فيها الحكومة والشعب الايطالي فرصة نجاح هائلة تتيحها الايام الاولى من المواجهة فحدث بعد ذلك ما حدث.
في الاردن، حدث العكس، فبعد تردد لايام، اثار سخط المجتمع باشرت الدولة في وضع كافة الامكانيات المتاحة من موارد وقدرات ادارية وفنية في المواجهة الواسعة وغير المترددة للفايروس. وكانت اولى عناصر النجاح الحرجة للتجربة الاردنية استعادة الحكومة لصلاحياتها وولايتها العامة على مجريات الامور في البلاد وتفعيل قانون الدفاع فاصبحت كل المكونات الرئيسية الفاعلة للدولة كتلة واحدة في ميدان المعركة رافق ذلك تراجع غير مسبوق في تدخلات مراكز القوى التي كانت في السابق تمارس تدخلات تشل حركة الحكومة وتمنعها من القيام بدورها الدستوري في ادارة مرافق البلاد واتخاذ القرارات المناسبة للتصددي للمشاكل التي تواجهها.
ان استعادة الحكومة لولايتها العامة على عملية اتخاذ القرار وتنفيذه انتجت الحالة المطلوبة للمواجهة فالحكومة بوزرائها وناطقيها الاعلاميين والقوات المسلحة واجهزة الامن اصبحت خلية ازمة واحدة تدار باعلى درجات الكفاءة والفاعلية من مركز واحد، مركزادارة الازمات، وكانت تلك وصفة غير مسبوقة للنجاح، المسؤول الاول عنها هو تلك الحالة التي تمكنت فيها الحكومة من استعادة ولايتها الدستورية رافق ذلك تطور آخر وهو تعطل تام لتدخلات مراكز القوى المعيقة وكان لضخامة الاخطار المتوقعة من الوباء دور حاسم في تخويف تلك المراكز وبالتالي احجامها عن التدخل.
هذا من جهة، اما من الجهة الاخرى فقد كان من اهم عنصر النجاح الاستراتيجة ذات الدور الحاسم الذي انتج حالة النجاح الاردنية هو الشعب بمختلف فئاته ومحافظاته وتوجهات مجتمعاته الفكرية والسياسية فقد توحد خلف مؤسسات الدولة وتعاطى مع تعليمات صارمة بالبقاء في المنازل لفترة طويلة جدا، فسطر بذلك ملحمة وطنية غير مسبوقة سهلت اجراءات الدولة الفعالة في مواجهة الكارثة الوبائية.
لهذه الاسباب نجحنا بتميز وتفاوتت الدول الاخرى بين نجاح جزئي اوفشل جزئي او فشل كامل.
تشكل هذه الاحداث دروسا وعبرا وعلينا ان نعي تلك الدروس والعبر وان نبني دولة قادرة دائما على تحقيق النجاح والنماء لشعبها.