2025-01-13 - الإثنين
7°C
صافي
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

«لولا» البرازيلي من ماسح أحذية إلى صانع نهضة!

حسين الرواشدة
جو 24 : الفشل ليس قدرا، ولكنه اختيار “للخطأ” وإصرار عليه، وثمة تجارب تعيننا على فهم هذه المعادلة والاستفادة منها، خذ مثلا دولة مثل البرازيل في عام 2002 وصلت الى حافة “الإفلاس” حيث ارتفع الدين الخارجي الى 250 مليار دولار، وكان رئيسها آنذاك كاردوسو قد تبنى خطة إصلاح اقتصادية “اسمها الريال” اعتمد فيها على سياسات السوق الحرّ والاستدانة من البنك والصندوق الدوليين، وقد حاول في نهاية فترة ولايته ان يحصل على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 30 مليار بعد ان تعذر عليه انقاذ الثقة باقتصاد الدولة، لكن الصندوق رفض.

انتهت ولاية الرجل، وانتخب البرازيليون “لولا” الذي كان عاملا بسيطا “اشتغل ماسح أحذية” قبل ان يصبح رئيسا لاتحاد النقابات العمالية، وتعهد للشعب بان يحقق لهم ما ينتظرونه، لكنه التزم بان ينقطع عن الكلام حتى تتحدث الانجازات عن نفسها، وهذا ما حدث، اذْ انتقلت البرازيل من دولة “مفلسة” ومدينة حين استلم السلطة عام 2003 الى سادس اكبر اقتصاد على مستوى العالم، وبعد ان كانت مدينة بـ 250 مليار دولار للصندوق الدولي اصبح الصندوق مدينا للبرازيل في عام 2010 بـ 14 مليار دولار.

في اقل من 8 أعوام حقق “لولا” معجزة النهضة - اقتصاديا وسياسيا - للبرازيل، وحين سئل كيف فعل ذلك؟ قال :”اعتبرت ان معركتي الوحيدة هي البرازيل” واضاف (حين نجحت في الانتخابات الرئاسية ذهبت الى واشنطن وقابلت الرئيس الامريكي بوش وقلت له ان قضيتي ليست العراق ولكن قضيتي هي محاربة الفقر لشعبي) بمعنى انه رفض ان يتورط في اي صراع مع اية دولة حتى تتعافى البرازيل من ازمتها، وقد حصل ذلك في فترة ولايته الاولى ثم انتقل في فترة ولايته الثانية الى تقديم بلده “كلاعب” دولي من خلال مجموعة “البريكس” حتى وصل الى المطالبة بتخصيص مقعد دائم للبرازيل في مجلس الامن. بعد ان اصبحت بلده اهم المقرضين للبنك الدولي.

ما الذي فعله “لولا” لتحقيق نهضة اقتصادية للبرازيل؟ شيء واحد وهو “الرهان” على البرازيليين والاعتماد عليهم ومكاشفتهم بالحقيقة ثم “التجرد” من كل مصلحة شخصية حتى انه في نهاية ولايته اعترف بانه لم يكسب من السلطة “ريالا” واحدا.

يمكن ان يجد المهتمون “بالتجربة” تفاصيل البرنامج الذي اعتمده “لولا” في الكتب ووسائل الاعلام التي “أرّخت التجربة” وناقشتها، حتى ان المصريين تحديدا استعانوا بعد الثورة ببعض الخبراء من هناك للاستفادة من تجاربهم “هل استفادوا حقا؟ لا ادري” لكن ثمة دروسا يمكن تحريرها هنا اعتمادا على دراسة اصدرها مركز دراسات الاهرام، من اهمها ان “لولا” واجه في بداية عهده صعوبات جمة لاقناع الشعب ببرنامج “التقشف” خاصة وان اختياره كان على اساس انقاذ الناس من الفقر، والدولة من “الافلاس” وسياسات التقشف تؤدي الى مزيد من معاناة الفقراء.. لكنه توجه فورا الى الناس وطلب دعمهم لتنفيذ خطته ملتزما بانه سيتقشف مثلهم تماما، ومن الدروس ايضا ان ما تحقق من انجاز اقتصادي لم يكن ليتم في غياب اصلاح سياسي ومناخات ديمقراطية، وحتى حين حقق “معجزة” النمو الاقتصادي ووصلت شعبيته الى 80% وطالبه الشعب بتعديل الدستور ليتسنى له الحكم لفترة ثالثة رفض ذلك.

اما الدرس الثالث فهو ان “النهضة” هناك لم تكن لتكتمل بدون توفر ارادة شعبية ووعي جماهيري لاهمية النهوض، وهذا ما عبر عنه الرئيس “لولا” حين فازت بلاده بتنظيم الاولمبياد 2014 “اعترف لكم بانني لو مت الان فان حياتي ستكون ذات معنى وقيمة، اذ لا يمكن لاحد الان ان يشكك في قوة اقتصادنا وعظمتنا الاجتماعية، لقد ساعدتنا روح البرازيل على الفوز على مدن مثل مدريد وشيكاغو وطوكيو، فتلك المدن قدمت عروضا لكننا قدمنا قلبا وروحا”!.

ما فعله “لولا” يمكن ان يفعله الاخرون، لكن بشرط ان يؤمنوا بما آمن به، وان يمتلكوا الرؤية والتصميم، ويراهنوا على قدرة شعوبهم على النهوض.. ويضربوا النموذج في العمل والاخلاص.

لا تعليق، لكن يا ليت ان بلداننا العربية تتعلم من البرازيل. (الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير