تحيا السلطة ... تسقط الدولة..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : أيهما أهم: بناء الدولة أو الحفاظ على ما تبقى منها أم الوصول الى السلطة تحت أية لافتة وبأي ثمن؟ الاجابات التي وصلتنا حتى الآن بعد مخاضات “الربيع” في دورته الاولى تشير الى ان الصراعات انتصرت على الاولويات، واجندات النخب وطموحاتها وخصوماتها تقدمت على اصوات الشعوب وضروراتها وتطلعاتها لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة.
نجحت بعض الشعوب في اسقاط الانظمة المستبدة الفاسدة، وحاصرت شعوب اخرى “سطوة” انظمتها، هذا صحيح، لكن سرعان ما اختطفت “النخب” بمختلف اصنافها وتياراتها هذا الانجاز، وبدل ان تتوافق على اقامة “دولة العدل” مدّت ايديها نحو “السلطة” واعتصمت للدفاع عنها او انتزاعها ممن وصل اليها “بالصناديق” او بأية وسيلة اخرى، وهكذا تحول الصراع من صراع لخدمة الناس من اجل اعادة العدل اليهم، وبناء “نظام” جديد يلبي طموحاتهم الى صراع لخدمة “الفكرة” الواحدة، والجماعة الواحدة، والمصير المجهول ايضاً.
حتى الآن نجحت الشعوب في “الهدم”، وهي مهمة لم تكن متوقعة ولا سهلة، لكنها ما ان بدأت “بالبناء” حتى اكتشفت بأن الطريق ليس معبداً “بحسن النوايا” ولا بورود “الشعارات” الجاذبة، وان الذين تقدموا الصفوف في “المعارضات” زمن المحنة يريدون الآن ان يتقاسموا الغنيمة، حتى لو كان الثمن هو سقوط الدولة وافلاسها، وحتى لو كانت النتيجة مزيداً من الاحتراب والدماء والفتن والانقسامات.
ليس دفاعاً عن “انظمة” انتهت صلاحيتها، ولا عن أيد تعبث لاجهاض الثورات، ولا حتى عن “شرعيات” جاءت عبر الصناديق، ولا عن “استبداد” تمدد حتى خنق الجميع، وانما دفاع عن “الدولة” التي احتشد الناس لبنائها، وافنوا اعمارهم لاقامة “عمرانها” ودفعوا دمائهم لكي تبقى محصنة من “الغزاة” والمستعمرين، من اجلها - فقط - كان يمكن “للنخب” ان تتنازل عن “استحقاقاتها” وان تتوافق حول خدمة الناس، وان تسعى لمنع الحرائق التي يمكن ان تمتد الى اثواب الجميع، لكن هذا - للاسف - لم يحصل، وكأن هؤلاء الذين تسيّدوا “المشهد” السياسي على الطرفين لا يرون “الدولة” الا من زاويتهم، ولا يعترفون بها الا اذا كانت من “تصميمهم” واخراجهم، ولا يأبهون بمصيرها ما دام ان الطريق الى السلطة متاح من خلالها سواء على انقاضها او من خلال اعادة بنائها.
خذ - مثلاً - مصر، ستكتشف بأن “الدولة” هي الغائب الوحيد عن الصراع العام (لكي لا نقول النقاش العام)، وان “السلطة” سواء من قبل من يدافع عن تمكنه منها او من يتأهب لانتزاعها، هي الفاعل والحاضر والمجال المتاح للنقاش والصراع معا، ولا تريد ان تسأل هنا: ما قيمة السلطة اذا سقطت الدولة، وما معنى الدولى اذا لم تنجح في اقامة “العدل” وحراسة “شؤون الناس” واعادة الامن والامل اليهم، وقبل ذلك ما هدف “الثورة” اذا لم تنجح في انتاج “سلطة” تحظى باجماع الناس لعمارة الدولة وبناء مؤسساتها على قواعد جديدة تتناسب مع حركة “الشعوب” وطموحاتهم المشروعة.
خذ - ايضا - ما يحدث في سوريا، ستجد أن “الدولة” ايضا غائبة عن اجندة النظام والمعارضة ايضا، فالصراع يدور حول “السلطة”، وقد يكون للوهلة الاولى مقبولاً اذا ما اخذنا بعين الاعتبار حق الناس في اسقاط “نظام” يقتل شعبه، لكن حين تسأل عن مصير السلطة لا تجد من يسعفك بأية اجابة مقنعة.. وكأن الوصول الى السلطة او البقاء فيها هو الهدف.. حتى لو حصل على انقاض “دولة” مدمرة.
ربما يسأل البعض اين هي “الدولة” في عالمنا العربي حتى “نعتصم” للدفاع عن بقائها؟ هذا سؤال مشروع - بالطبع -، لا من وجهة نظر السياسي الذي يدرك حجم ما ارتكب من استبداد وفساد وافتقاد لسيادة القرار وانما - ايضا - من وجهة نظر المؤرخ الذي يعرف “الغاز” تشكل الدول وصناعتها ومنحها ما يلزم من شرعيات.. لكن عندما تتحول الدولة الى “وطن” يصبح من المتعذر الالتفات الى الماضي ويجد الانسان نفسه امام “حقيقة” واحدة وهي التشبث بالارض والدفاع عن الذين انستبوا اليها وولدوا وعاشوا فيها.. وهذه وحدها تكفي للوقوف امام نزعة “السلطة” التي انتجتها الثورة لاسقاط الدولة، مهما كانت نوايا اطرافها واهدافهم ايضاً. (الدستور)
نجحت بعض الشعوب في اسقاط الانظمة المستبدة الفاسدة، وحاصرت شعوب اخرى “سطوة” انظمتها، هذا صحيح، لكن سرعان ما اختطفت “النخب” بمختلف اصنافها وتياراتها هذا الانجاز، وبدل ان تتوافق على اقامة “دولة العدل” مدّت ايديها نحو “السلطة” واعتصمت للدفاع عنها او انتزاعها ممن وصل اليها “بالصناديق” او بأية وسيلة اخرى، وهكذا تحول الصراع من صراع لخدمة الناس من اجل اعادة العدل اليهم، وبناء “نظام” جديد يلبي طموحاتهم الى صراع لخدمة “الفكرة” الواحدة، والجماعة الواحدة، والمصير المجهول ايضاً.
حتى الآن نجحت الشعوب في “الهدم”، وهي مهمة لم تكن متوقعة ولا سهلة، لكنها ما ان بدأت “بالبناء” حتى اكتشفت بأن الطريق ليس معبداً “بحسن النوايا” ولا بورود “الشعارات” الجاذبة، وان الذين تقدموا الصفوف في “المعارضات” زمن المحنة يريدون الآن ان يتقاسموا الغنيمة، حتى لو كان الثمن هو سقوط الدولة وافلاسها، وحتى لو كانت النتيجة مزيداً من الاحتراب والدماء والفتن والانقسامات.
ليس دفاعاً عن “انظمة” انتهت صلاحيتها، ولا عن أيد تعبث لاجهاض الثورات، ولا حتى عن “شرعيات” جاءت عبر الصناديق، ولا عن “استبداد” تمدد حتى خنق الجميع، وانما دفاع عن “الدولة” التي احتشد الناس لبنائها، وافنوا اعمارهم لاقامة “عمرانها” ودفعوا دمائهم لكي تبقى محصنة من “الغزاة” والمستعمرين، من اجلها - فقط - كان يمكن “للنخب” ان تتنازل عن “استحقاقاتها” وان تتوافق حول خدمة الناس، وان تسعى لمنع الحرائق التي يمكن ان تمتد الى اثواب الجميع، لكن هذا - للاسف - لم يحصل، وكأن هؤلاء الذين تسيّدوا “المشهد” السياسي على الطرفين لا يرون “الدولة” الا من زاويتهم، ولا يعترفون بها الا اذا كانت من “تصميمهم” واخراجهم، ولا يأبهون بمصيرها ما دام ان الطريق الى السلطة متاح من خلالها سواء على انقاضها او من خلال اعادة بنائها.
خذ - مثلاً - مصر، ستكتشف بأن “الدولة” هي الغائب الوحيد عن الصراع العام (لكي لا نقول النقاش العام)، وان “السلطة” سواء من قبل من يدافع عن تمكنه منها او من يتأهب لانتزاعها، هي الفاعل والحاضر والمجال المتاح للنقاش والصراع معا، ولا تريد ان تسأل هنا: ما قيمة السلطة اذا سقطت الدولة، وما معنى الدولى اذا لم تنجح في اقامة “العدل” وحراسة “شؤون الناس” واعادة الامن والامل اليهم، وقبل ذلك ما هدف “الثورة” اذا لم تنجح في انتاج “سلطة” تحظى باجماع الناس لعمارة الدولة وبناء مؤسساتها على قواعد جديدة تتناسب مع حركة “الشعوب” وطموحاتهم المشروعة.
خذ - ايضا - ما يحدث في سوريا، ستجد أن “الدولة” ايضا غائبة عن اجندة النظام والمعارضة ايضا، فالصراع يدور حول “السلطة”، وقد يكون للوهلة الاولى مقبولاً اذا ما اخذنا بعين الاعتبار حق الناس في اسقاط “نظام” يقتل شعبه، لكن حين تسأل عن مصير السلطة لا تجد من يسعفك بأية اجابة مقنعة.. وكأن الوصول الى السلطة او البقاء فيها هو الهدف.. حتى لو حصل على انقاض “دولة” مدمرة.
ربما يسأل البعض اين هي “الدولة” في عالمنا العربي حتى “نعتصم” للدفاع عن بقائها؟ هذا سؤال مشروع - بالطبع -، لا من وجهة نظر السياسي الذي يدرك حجم ما ارتكب من استبداد وفساد وافتقاد لسيادة القرار وانما - ايضا - من وجهة نظر المؤرخ الذي يعرف “الغاز” تشكل الدول وصناعتها ومنحها ما يلزم من شرعيات.. لكن عندما تتحول الدولة الى “وطن” يصبح من المتعذر الالتفات الى الماضي ويجد الانسان نفسه امام “حقيقة” واحدة وهي التشبث بالارض والدفاع عن الذين انستبوا اليها وولدوا وعاشوا فيها.. وهذه وحدها تكفي للوقوف امام نزعة “السلطة” التي انتجتها الثورة لاسقاط الدولة، مهما كانت نوايا اطرافها واهدافهم ايضاً. (الدستور)