مراتب اللجوء!
خيري منصور
جو 24 : بعد انقضاء الايام أو الاسابيع الاولى على السجين خصوصاً اذا كانت مدة سجنه طويلة تبدأ رحلة التأقلم، وتعيد الحياة اليومية تنظيم نفسها وتفاصيلها.. وسرعان ما يتحول السجناء الى مراتب وطبقات، وهذا ما يحدث في الهجرات واللجوء، فالمهاجرون ليسوا سواسية، وحين كتب الشهيد غسان كنفاني عبارته الشهيرة خيمة عن خيمة تفرق، كان يشير بوحي مبكر وعميق الى مثل هذه المناخات الانسانية، فالمخيم ايضاً مراتب ودرجات، وثمة خيمة بعمود وأخرى بثلاثة.
والعرب الذين ارتبط تاريخهم وكذلك ثقافتهم بالهجرات، بدءاً من الصحراء منهم من يهاجر سراً بسبب الخوف ومنهم من يصرخ قائلا.. من كان منكم شجاعاً فليتبعني الى ذلك الوادي كما فعل ابن الخطاب، لكن هجرات زماننا من طراز آخر فهي ليست موعودة بأي فتح أو اية مكة، وأحياناً تكون بلا أنصار.
في كل المرات التي هاجر فيها عرب من ديارهم بسبب حرب أو احتلال، كانوا من طبقتين، موسرة تنقل اموالها ومحلاتها بأسمائها الاصلية في مساقط رؤوسها، ومعسرة تعتاش على ما تيسر من صدقات المجتمع الدولي، فالغني يهاجر حاملاً غناه على ظهره والفقير يهاجر حاملاً كالحطابين فقره على كتفيه، والخيار في الوطن خيار في المنفى، ولدينا مشاهد على مدار الساعة لا تحتاج الى دليل.
فهل الأوطان للاغنياء فقط أم انها للفقراء؟ سؤال الهجرة واللجوء هو ما يستدعي مثل هذه التداعيات، خصوصاً وان من يموتون بالمئات يومياً في بلدان تعيش حروباً أهلية أو شبيهة بالاهلية هم من الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة، وقد لا يكون لهم ايضاً بعير أو ناقة في هذا الجحيم، حيث يقتل الانسان على هويته وأحيانأً على اسمه، اذا كان ذا دلالة طائفية أو مذهبية.
يبدو ان للعولمة بعداً آخر لا يرد في تجلياتها، هو ان من يملك له الأوطان كلها، فهو قادر على شراء كل شيء بدءاً من الاحترام حتى الجنسية ناهيك عن الارض بما ومن عليها!
ذلك لأن الابواب تفتح على مصاريعها لمن يملك، وتوصد بلا أي صرير أو مواربة لمن لا يملك، لهذا كان عالم النفس اريك فروم محقاً حين غير المقولة الشكسبيرية الشهيرة وهي أن تكون أو لا تكون تلك هي المسألة وجعلها: أن تملك أو لا تملك تلك هي المسائل كلها.
فالامتلاك الآن هو الكينونة ذاتها والفقر يعني العدم لأن الفقير غير مرغوب فيه وغير مرحب به في أي مكان من هذا الكوكب، اما كونه فاضلاً أو شريراً فتلك قيم لم تعد قابلة للصرّف.. والمجتمعات التي شبهت خطايا الاغنياء بجنائز الفقراء اعلنت من حيث لا تدري عن منظمة القيم التي تحكم علاقات الافراد فيها.
لاجىء عن لاجىء يفرق!!
قالها غسان وظفر بموت مبكر أراحه من كل ما نرى ونسمع!! (الدستور)
والعرب الذين ارتبط تاريخهم وكذلك ثقافتهم بالهجرات، بدءاً من الصحراء منهم من يهاجر سراً بسبب الخوف ومنهم من يصرخ قائلا.. من كان منكم شجاعاً فليتبعني الى ذلك الوادي كما فعل ابن الخطاب، لكن هجرات زماننا من طراز آخر فهي ليست موعودة بأي فتح أو اية مكة، وأحياناً تكون بلا أنصار.
في كل المرات التي هاجر فيها عرب من ديارهم بسبب حرب أو احتلال، كانوا من طبقتين، موسرة تنقل اموالها ومحلاتها بأسمائها الاصلية في مساقط رؤوسها، ومعسرة تعتاش على ما تيسر من صدقات المجتمع الدولي، فالغني يهاجر حاملاً غناه على ظهره والفقير يهاجر حاملاً كالحطابين فقره على كتفيه، والخيار في الوطن خيار في المنفى، ولدينا مشاهد على مدار الساعة لا تحتاج الى دليل.
فهل الأوطان للاغنياء فقط أم انها للفقراء؟ سؤال الهجرة واللجوء هو ما يستدعي مثل هذه التداعيات، خصوصاً وان من يموتون بالمئات يومياً في بلدان تعيش حروباً أهلية أو شبيهة بالاهلية هم من الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة، وقد لا يكون لهم ايضاً بعير أو ناقة في هذا الجحيم، حيث يقتل الانسان على هويته وأحيانأً على اسمه، اذا كان ذا دلالة طائفية أو مذهبية.
يبدو ان للعولمة بعداً آخر لا يرد في تجلياتها، هو ان من يملك له الأوطان كلها، فهو قادر على شراء كل شيء بدءاً من الاحترام حتى الجنسية ناهيك عن الارض بما ومن عليها!
ذلك لأن الابواب تفتح على مصاريعها لمن يملك، وتوصد بلا أي صرير أو مواربة لمن لا يملك، لهذا كان عالم النفس اريك فروم محقاً حين غير المقولة الشكسبيرية الشهيرة وهي أن تكون أو لا تكون تلك هي المسألة وجعلها: أن تملك أو لا تملك تلك هي المسائل كلها.
فالامتلاك الآن هو الكينونة ذاتها والفقر يعني العدم لأن الفقير غير مرغوب فيه وغير مرحب به في أي مكان من هذا الكوكب، اما كونه فاضلاً أو شريراً فتلك قيم لم تعد قابلة للصرّف.. والمجتمعات التي شبهت خطايا الاغنياء بجنائز الفقراء اعلنت من حيث لا تدري عن منظمة القيم التي تحكم علاقات الافراد فيها.
لاجىء عن لاجىء يفرق!!
قالها غسان وظفر بموت مبكر أراحه من كل ما نرى ونسمع!! (الدستور)