jo24_banner
jo24_banner

الانتحار السياسي والاقتصادي على قارعة انتظار رحيل الكورونا

الانتحار السياسي والاقتصادي على قارعة انتظار رحيل الكورونا
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية_ بات من الواضح تماما أن هنالك إشكالية غريبة في آلية اتخاذ القرار داخل خلية إدارة أزمة الكورونا، حيث أن بديهات وضرورات تستوجب التعامل معها على وجه السرعة، تستغرق وقتا مبالغا فيه للبت بقرار حولها، وتخضع لعملية تسويف ومماطلة، تصل إلى أسابيع، دون أي مبرر.

من هذه الضرورات التي مازالت تنتظر صدور قرار نهائي مسألة السماح لمن يحتاج للسفر بمغادرة المملكة إلى الدول التي تفتح مطاراتها للزائرين، فعدد كبير من الناس لديهم مواعيد مجدولة، وفرص عمل وقعوا عقودها، ومنهم من هو مصاب بمرض مزمن لا علاج له داخل البلد، وحياته حرفيا في خطر حقيقي، ناهيك بالطلبة الذين يتوجب عليهم العودة إلى جامعاتهم في الخارج، والمواطنين الذين يحتاجون إلى اللحاق بأسرهم وعائلاتهم.. فما الضير بالسماح لهذه الفئات بالمغادرة؟!

لا يوجد أي مبرر لعدم صدور قرار يتيح للناس السفر ومغادرة أراضي المملكة حتى الآن.. للناس أولويات وضرورات لا بد من تلبيتها، ولا توجد أية خطورة صحية على المستوى الداخلي في مغادرتهم، فما الذي يعيق صدور القرار حتى الآن؟! مغادرة أي مواطن لا تعني السماح بقدوم مسافرين من دول انتشر فيها الوباء، ولا تعني عدم إخضاع أي قادم للحجر الصحي فور وصوله، فالحديث هنا حول المغادرة لقضاء الاحتياجات الملحة، التي لا تحتمل التأجيل والتسويف والمماطلة!

شهران ونصف مضيا على الإغلاق الكامل، وشل الحياة الإقتصادية.. بؤر المرض تمت محاصرتها تماما، وبات لدينا خبرة كافية للتعامل مع تداعيات الوباء، ومنع انتشاره، فما هو مبرر استمرار التعقيدات، من إغلاق للمطارات، والإبقاء على نظام الأرقام الفردية والزوجية للمركبات، رغم حاجة الموظفين للذهاب يوميا إلى أعمالهم، وغير ذلك من إجراءات قد يقود استمرارها لا قدر الله إلى انهيار اقتصادي، يفوق في تداعياته خطورة الفيروس!

ليس المقصود هنا هو الانقلاب على كافة الجهود الحكومية السابقة. الإجراءات التي اتخذت في بداية الأزمة كانت صحيحة وضرورية، لكننا الآن امتلكنا الخبرة الكافية لفهم طريقة انتشار المرض، والتعامل معه، كما أن أي شخص يريد دخول المملكة عليه أن يخضع فورا للحجر الصحي، والوضع تحت السيطرة تماما، فلماذا لا نهرع إلى إنقاذ الإقتصاد، مع اتخاذ كافة إجراءات السلامة العامة، قبل وقوع ما لا تحمد عقباه.

كثير من الشركات الناشئة تفكر في الإغلاق وتصفية أعمالها.. أعداد مخيفة من الموظفين والعمال سيلقى بهم إلى جحيم البطالة، فهل يستطيع الأردن فعلا تحمل مثل هذه الكلفة، لاستمرار تعقيدات لم يعد لوجودها أي مبرر؟

التردد ستكون له نتائج اقتصادية وخيمة، ولا بد من تجاوز أثر الإغلاق على وجه السرعة، والتفكير جديا بخطة إنقاذ اقتصادي، بالتوازي مع الشروع باتخاذ قرارات فورية وسريعة.

أن ننتظر حتى تكون نتيجة الإصابات صفر، وتستقر على ذلك لأسابيع، مسألة مستحيلة، فهذا لن يتحقق بكل بساطة، فهل نصر على الانتحار الإقتصادي؟! هذه الاستراتيجية يجب أن تنتهي.. ولا نعني بهذا اللجوء إلى سياسة مناعة القطيع، بل عودة الحياة الاقتصادية، مع اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية.

في بعض الدول يقوم كل شخص يريد الدخول إلى أية مؤسسة أو دائرة أو مطعم أو أي نوع من المرافق العامة، بتسجيل اسمه ورقم هاتفه.. بهذه الطريقة تمكن معرفة كل احتمالات المخالطة في حال انتشار المرض في بؤرة ما.. هذا من الإجراءات الكثيرة التي يمكننا اللجوء إليها، دون الاضطرار إلى خنق البلد اقتصاديا، فنحن بحاجة إلى تحريك الدماء في مفاصل عجلة الإنتاج، وتفعيل الديناميكية الاقتصادية بأسرع ما يمكن.

من غير المعقول إطلاقا أن تتوقف كل نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على جزئية الكورونا! الأصل أن لجنة اقتصادية قد تم تشكيلها للعمل على تجاوز الأزمة، وتضع الاستراتيجيات والخطط للنهوض بالقطاعات التي تضررت، وتنعش الاقتصاد، والصناعة، فما الذي تفعله حتى الآن؟! وهل بات الاستعراض فيما يتعلق بالملف الصحي هو هاجسنا الوحيد؟!

الوضع السياسي أيضا لا يطمئن على الإطلاق، فبعد نقل سفارة واشنطن إلى القدس، واعترافها بالجولان كأراضي تابعة للعدو، وإعلان صفقة القرن، يعتزم الاحتلال البدء بضم الضفة الغربية وغور الأردن، ونحن لا تشغلنا سوى الكورونا!!

هنالك في الحياة قضايا أكثر أهمية من هذا الفيروس الذي بات يشكل محور همنا الوحيد، فإذا بقينا على هذه الحال، قد نستيقظ على فاجعة فقدان الحقوق الوطنية الفلسطينية، والهوية الأردنية، وانهيار الاقتصاد والمستقبل على قارعة انتظار انتهاء هذا المرض!
 
تابعو الأردن 24 على google news