خدمة الديون تأكل النمو
فهد الفانك
جو 24 :
لماذا انخفض معدل النمو الاقتصادي في الأردن إلى مستوى 5ر2% في العام الماضي، ولا يتوقع أحد أن يتجاوز 5ر3% في العام الحالي، مع أن الأردن كان يحقق في الماضي نسب نمو أعلى بكثير.
هناك أسـباب عديدة أسهمت في الوصول إلى هذه النتيجة غير المرضية، نقف اليوم عند أحدها وهو خدمة الدين العام.
تشير أرقام الموازنة العامة إلى أن على الأردن أن يسدد خلال هذه السنة أقساطأً وفوائد للقروض الخارجية تبلغ 613 مليون دينار بالعملات الأجنبية.
هذا الرقم يشكل 6ر2% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لهذه السنة 2013. ومعنى ذلك أنه لولا هذا العبء لكان النمو الاقتصادي هذه السنة في حدود 1ر6% بدلاً من 5ر3%.
يذكر بالمناسبة إن إجمالي خدمة الديون الخارجية والمحلية، التي على الخزينة أن تسددها هذه السنة، تبلغ 3ر1321 مليون دينار، وهو رقم مساو تمامأً لعجز الموازنة في هذه السنة البالغ 1310 مليون دينار.
بعبارة أخرى لو لم يكن هناك دين على الخزينة وتكاليف لخدمة هذا الدين، فإن الموازنة العامة لهذه السنة ستظهر فائضاً قدره 3ر11 مليون دينار.
خدمة الدين العام الخارجي لا تشكل عبئاً على الموازنة العامة فقط بل تسهم أيضاً في زيادة الضغط على ميزان المدفوعات وتسبب عجزاً في الحساب الجاري ينعكس بشكل تآكل في احتياطات الممكلة من العملات الأجنبية.
الدين العام والعجز في الموازنة يغذي أحدهما الآخر، فعجز الموازنة العائد لخدمة الدين يغطى بقروض جديدة تضاف إلى المديونية، وترفع كلفة خدمة الديون كأقساط وفوائد، مما يزيد عجز الموازنة الذي يغطى بديون أخرى وهكذا.
نحن أمام حلقة مفرغة تأكل النمو الاقتصادي وتخلق عجزاً في الموازين المالية والاقتصادية، ومع ذلك تجد أنصاراً يشجعون على المزيد من العجز والمديونية، مثل المطالبة بدعم المحروقات والكهرباء والماء والأعلاف والخبز إلى آخره مع أن هذا الدعم ممول بالاقتراض.
المديونية تعني أننا نريد العيش على مستوى أعلى مما تسمح به إمكانياتنا، ونسد العجز بالاقتراض الذي يجب أن تسدده الأجيال القادمة عن طريق العيش عند مستوى أقل مما تسمح به موارد البلد لتوفر فائضاً للتسديد.
المديونية اقتراض، حتى لا نقول سرقة، من أولادنا وأحفادنا.
(الراي)
لماذا انخفض معدل النمو الاقتصادي في الأردن إلى مستوى 5ر2% في العام الماضي، ولا يتوقع أحد أن يتجاوز 5ر3% في العام الحالي، مع أن الأردن كان يحقق في الماضي نسب نمو أعلى بكثير.
هناك أسـباب عديدة أسهمت في الوصول إلى هذه النتيجة غير المرضية، نقف اليوم عند أحدها وهو خدمة الدين العام.
تشير أرقام الموازنة العامة إلى أن على الأردن أن يسدد خلال هذه السنة أقساطأً وفوائد للقروض الخارجية تبلغ 613 مليون دينار بالعملات الأجنبية.
هذا الرقم يشكل 6ر2% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لهذه السنة 2013. ومعنى ذلك أنه لولا هذا العبء لكان النمو الاقتصادي هذه السنة في حدود 1ر6% بدلاً من 5ر3%.
يذكر بالمناسبة إن إجمالي خدمة الديون الخارجية والمحلية، التي على الخزينة أن تسددها هذه السنة، تبلغ 3ر1321 مليون دينار، وهو رقم مساو تمامأً لعجز الموازنة في هذه السنة البالغ 1310 مليون دينار.
بعبارة أخرى لو لم يكن هناك دين على الخزينة وتكاليف لخدمة هذا الدين، فإن الموازنة العامة لهذه السنة ستظهر فائضاً قدره 3ر11 مليون دينار.
خدمة الدين العام الخارجي لا تشكل عبئاً على الموازنة العامة فقط بل تسهم أيضاً في زيادة الضغط على ميزان المدفوعات وتسبب عجزاً في الحساب الجاري ينعكس بشكل تآكل في احتياطات الممكلة من العملات الأجنبية.
الدين العام والعجز في الموازنة يغذي أحدهما الآخر، فعجز الموازنة العائد لخدمة الدين يغطى بقروض جديدة تضاف إلى المديونية، وترفع كلفة خدمة الديون كأقساط وفوائد، مما يزيد عجز الموازنة الذي يغطى بديون أخرى وهكذا.
نحن أمام حلقة مفرغة تأكل النمو الاقتصادي وتخلق عجزاً في الموازين المالية والاقتصادية، ومع ذلك تجد أنصاراً يشجعون على المزيد من العجز والمديونية، مثل المطالبة بدعم المحروقات والكهرباء والماء والأعلاف والخبز إلى آخره مع أن هذا الدعم ممول بالاقتراض.
المديونية تعني أننا نريد العيش على مستوى أعلى مما تسمح به إمكانياتنا، ونسد العجز بالاقتراض الذي يجب أن تسدده الأجيال القادمة عن طريق العيش عند مستوى أقل مما تسمح به موارد البلد لتوفر فائضاً للتسديد.
المديونية اقتراض، حتى لا نقول سرقة، من أولادنا وأحفادنا.
(الراي)