jo24_banner
jo24_banner

الحليف المجهول!!

خيري منصور
جو 24 : نادرا ما يرد اسم هذا الحليف. سواء بالنسبة لحزب يفوز بالسلطة او لايديولوجيا تحاول احتكار التاريخ وليس الحقائق فقط.

ومن يظفر بأهم التحالفات في عصره ولا يظفر بهذا الحليف يكون عمره اقصر مما يتخيل، هذا الحليف باختصار هو المستقبل. وضربت اسرائيل مثلا في ذلك. فهي رغم ان حلف الناتو يسند ظهرها والولايات المتحدة تعتبر انها توأما لامنها، الا انها تشكو من غياب هذا الحليف، فهو بالنسبة اليها كمين او فخ، لانها رغم كل ما عقدته من اتفاقيات سلام تدرك ان الطرف الاخر في هذه الاتفاقيات هو من المعاصرين الذين قبل بعضهم بالصلح لانه كما قال المتنبي:

ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى

عدوا له ما من صداقته بد

لكن نقيض الحرب والصراع ليس صداقة او عشقا وهذا ما عبر عنه بوضوح الكاتب اليهودي «غروسمان».

ان اكثر الاحزاب والايديولوجيات تشبثا بالراهن وكأنه الفرصة الذهبية الوحيدة وربما الاخيرة هي التي تخشى من المستقبل ومن القادمين، لانهم قد يرثون الحمولة لكنهم لا يمضون بها حتى النهاية ما دام لكل جيل زمانه وحيثياته وقدراته واسرائيل مثلا تدرك ان من سره زمن ساءته ازمان حتى لو لم يقرأ ساستها وحاخاماتها وجنرالاتها ما قاله شاعرنا العربي القديم وهو يرى الايام دولا..!

المستقبل كحليف او كعدو محتمل او ككمين هو ما يحسم الامر اخيرا، فمن يجذفون بعكس تيار التاريخ ويريدون اعادة عقارب الساعة الى الوراء، قد ينجحون في ذلك، لكن من خلال العبث بالساعات الخاصة التي لا تقيم لها التقاويم الزمنية أي وزن!

والمسألة ليست معقدة او احجية عصية على التفكيك، لاننا لو اخذنا من التاريخ امثلة لوجدنا ان القوة وحدها لم تكن الضمانة الكافية للاستمرار، وان لكل امبراطورية او دولة فولاذية عقب أخيلها الذي تموت بسببه.

المستقبل بابسط تعريفاته العلمية وبعيدا عن قراءة الطوالع في الفناجين او ضرب الاخماس بالاسداس هو النمو العضوي لما هو قابل للحياة في الحاضر، لهذا لم تفلح كل المحاولات التي بذلت لوضع الهراوات في العجلات في احتلال المستقبل او جعله مجرد اعادة انتاج للماضي.

هذا الحليف قد لا يكون مجهولا، بل هو المعلوم الاول الذي يجري التهرب منه وتجاهله لانه يفتضح القوة اذا كانت عمياء ويكشف ضعفها والانيميا التي سوف تدمر مناعتها وقدرتها على البقاء.

ان الاحزاب والتيارات الاكثر شراسة في التشبث بالحاضر هي تلك التي تخشى المستقبل وترى فيه حتفها، لكنها في النهاية لن تقوى على مقاربة جاذبية التاريخ الاشبه بجاذبية الارض والتي طالما تهشم بفضلها اباطرة وحالمون بتدجين التاريخ.

وليس صعبا على اي طرف ان يحرز من خلال القرائن والامكانات والحيثيات ما اذا كان المستقبل حليفه او قبره!! (الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير