نيلسون مانديلا لحن الخلود.. ولا عزاء للأقزام
جو 24 : كتب تامر خرمه
تاريخ هذا الكوكب الصغير حافل بأسماء قهرت الموت وعجز عنها العدم، لتصنع معجزة الوجود الذي مازال يتجلّى بكامل ماهيّته رغم غياب الجسد، فالوجود الإنساني يتجسّد في بعض الأحيان بما يمكن تسميته بالتسامي الفينيقيّ، الذي ينبعث من رماد الموت ذاكرة تنبض بكلّ معاني الحياة، في وجدان الإنسانيّة.
من أدرك جدليّة الإنسان والفكرة، يعلم تماما استحالة فناء القائد الشعبيّ نيلسون مانديلا، الذي يرقد في المستشفى منذ يوم الثامن من حزيران الماضي إثر إصابته بالتهاب رئوي، فالماديبا -أي المبجّل- كما يلقّبه أفراد قبيلته في جنوب افريقيا، تجاوز ذاته إلى تسامي الفكرة، حتى تحرّر من محدّدات الجسد والمكان والزمان، وتماهى تماماً مع الفكرة.. مع الثورة.. ثورة الإنسان المحكوم بالحريّة وحدها، في وجه الظلم والعبوديّة والعنصريّة.
ليست القضيّة مجرّد تبجيل أعمى أو تقديس للأشخاص، فلا يوجد في البشريّة من يستحقّ هالة الألوهيّة أو قدسيّة الذات وخرافة الأصنام، فالأمر ببساطة متناهيّة أن على هذه الأرض من يستحقّ الحياة، ويتمرّد على العدم بالإيمان والتضحية، فيكون فكرة عصيّة على النسيان.. ومن هؤلاء المتمرّدين على حدود الجسد، القائد الشعبي نيلسون مانديلا، الذي أفنى ثمانية وعشرين عاما من عمره في سجون العنصريّة، دفاعاً عن حقّ شعبه بالحياة.. والحريّة.. تلك الحريّة التي لا يمكن لها أن تكون هبة أو منّة أو مكرمة ملكيّة.
نقول القائد الشعبي لأن هناك على يابسة هذا الكوكب من اصطلح على تسميتهم بالقادة رغم تعرّيهم البشع من الشرعيّة الشعبيّة، فمنهم من ظنّ أن قوّة البوليس تكسبه شرعيّته الغريبة التي ما أنزل بها الشعب من سلطان، ومنهم من تغرّب عن أوجاع شعبه وأحلامه البسيطة، ومنهم من لا يدرك الفرق بين معنى القائد ومعنى المدير السياسيّ الذي عيّنه المستعمر الماليّ سجّاناً لآمال الشعب.
في العام 1985، عرض العنصريّون على مانديلا -الذي اعتُقل في شباط 1962- إطلاق سراحه مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض هذا العرض المذلّ، وأبى إلا البقاء في سجنه لتستمرّ الثورة، حتّى فرضت إرادة الشعب أبجديّاتها على الخريطة السياسيّة لجنوب افريقيا، ليصبح مانديلا -الذي بقي في السجن حتى 11 فبراير 1990- أوّل رئيس أسود لجنوب إفريقيا، وذلك في شهر أيّار من العام 1994.
وفي المقابل، عرضت كثير من الشعوب على رؤساء وقادة وحكّام الزيف في الوطن العربي التنحّي، مقابل العفو عنها وحماية أوطانها من لعنة الدم، إلا أنّ عنصريّة الذات كان أقبح من عنصريّة المستعمر الأبيض، فقرّر اولئك المجنّدون في عصابات السلطة المقامرة بمصير شعوبهم، ولكن بالطبع كانت إرادة الشعوب أقوى من سخافة الرهان.
"الأبرتهايد" أو الفصل العنصري، وصمة عار تقبّح وجه البشريّة، غير أن الوصمة الوحيدة التي تفوقها قبحاً هي عنصريّة الموظّف الذي يدّعي بأنّه الحاكم صاحب الشرعيّة أمام شعب لا يعترف بشرعيّته، فكم أنت حرّ وحيّ يا مانديلا، وكم أنت باق رغم المرض أو حتّى الموت.. فهلاّ رثيت لنا قبل غياب الجسد أولئك الأقزام المتآمرين على شعوبهم من بحر الظلمات إلى خليج المحروقات ؟!!
تاريخ هذا الكوكب الصغير حافل بأسماء قهرت الموت وعجز عنها العدم، لتصنع معجزة الوجود الذي مازال يتجلّى بكامل ماهيّته رغم غياب الجسد، فالوجود الإنساني يتجسّد في بعض الأحيان بما يمكن تسميته بالتسامي الفينيقيّ، الذي ينبعث من رماد الموت ذاكرة تنبض بكلّ معاني الحياة، في وجدان الإنسانيّة.
من أدرك جدليّة الإنسان والفكرة، يعلم تماما استحالة فناء القائد الشعبيّ نيلسون مانديلا، الذي يرقد في المستشفى منذ يوم الثامن من حزيران الماضي إثر إصابته بالتهاب رئوي، فالماديبا -أي المبجّل- كما يلقّبه أفراد قبيلته في جنوب افريقيا، تجاوز ذاته إلى تسامي الفكرة، حتى تحرّر من محدّدات الجسد والمكان والزمان، وتماهى تماماً مع الفكرة.. مع الثورة.. ثورة الإنسان المحكوم بالحريّة وحدها، في وجه الظلم والعبوديّة والعنصريّة.
ليست القضيّة مجرّد تبجيل أعمى أو تقديس للأشخاص، فلا يوجد في البشريّة من يستحقّ هالة الألوهيّة أو قدسيّة الذات وخرافة الأصنام، فالأمر ببساطة متناهيّة أن على هذه الأرض من يستحقّ الحياة، ويتمرّد على العدم بالإيمان والتضحية، فيكون فكرة عصيّة على النسيان.. ومن هؤلاء المتمرّدين على حدود الجسد، القائد الشعبي نيلسون مانديلا، الذي أفنى ثمانية وعشرين عاما من عمره في سجون العنصريّة، دفاعاً عن حقّ شعبه بالحياة.. والحريّة.. تلك الحريّة التي لا يمكن لها أن تكون هبة أو منّة أو مكرمة ملكيّة.
نقول القائد الشعبي لأن هناك على يابسة هذا الكوكب من اصطلح على تسميتهم بالقادة رغم تعرّيهم البشع من الشرعيّة الشعبيّة، فمنهم من ظنّ أن قوّة البوليس تكسبه شرعيّته الغريبة التي ما أنزل بها الشعب من سلطان، ومنهم من تغرّب عن أوجاع شعبه وأحلامه البسيطة، ومنهم من لا يدرك الفرق بين معنى القائد ومعنى المدير السياسيّ الذي عيّنه المستعمر الماليّ سجّاناً لآمال الشعب.
في العام 1985، عرض العنصريّون على مانديلا -الذي اعتُقل في شباط 1962- إطلاق سراحه مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض هذا العرض المذلّ، وأبى إلا البقاء في سجنه لتستمرّ الثورة، حتّى فرضت إرادة الشعب أبجديّاتها على الخريطة السياسيّة لجنوب افريقيا، ليصبح مانديلا -الذي بقي في السجن حتى 11 فبراير 1990- أوّل رئيس أسود لجنوب إفريقيا، وذلك في شهر أيّار من العام 1994.
وفي المقابل، عرضت كثير من الشعوب على رؤساء وقادة وحكّام الزيف في الوطن العربي التنحّي، مقابل العفو عنها وحماية أوطانها من لعنة الدم، إلا أنّ عنصريّة الذات كان أقبح من عنصريّة المستعمر الأبيض، فقرّر اولئك المجنّدون في عصابات السلطة المقامرة بمصير شعوبهم، ولكن بالطبع كانت إرادة الشعوب أقوى من سخافة الرهان.
"الأبرتهايد" أو الفصل العنصري، وصمة عار تقبّح وجه البشريّة، غير أن الوصمة الوحيدة التي تفوقها قبحاً هي عنصريّة الموظّف الذي يدّعي بأنّه الحاكم صاحب الشرعيّة أمام شعب لا يعترف بشرعيّته، فكم أنت حرّ وحيّ يا مانديلا، وكم أنت باق رغم المرض أو حتّى الموت.. فهلاّ رثيت لنا قبل غياب الجسد أولئك الأقزام المتآمرين على شعوبهم من بحر الظلمات إلى خليج المحروقات ؟!!