خيبة الربيع العربي
لم يعـد المواطن المصري العادي يتردد في الاعتراف بأن مصر في عهد مبارك ، على علاته ، كانت أفضل مما هي عليه الآن في عهد مرسي ، ولا يتردد التونسيون في الاعتراف بأن بلدهم في عهد زين العابدين على علاته أفضل مما هو عليه الآن في عهد الغنوشي ، وبالمثل يقول سوريون أن سوريا في عهد الأسد على علاته أفضل حالاً بكثير مما قد تؤول إليه الامور فيما لو تم إسقاط النظام لحساب القوى الإسلاموية.
أحسن الاحتمالات في حالة سقوط النظام السوري أن يتسلم الإخوان المسلمون السلطة ويفعلوا في سوريا مثل فعلهم في مصر وتونس ، فلا خبرة في الحكم ، ولا برنامج للتطبيق ، ولا خيال أو إبداع ، فالسلطة مطلوبة لذاتها. لكن هذا الاحتمال ضعيف فهناك تنظيمات مسلحة أقوى من الإخوان ولديها عمق استراتيجي يتمثل في ارتباطها بالقاعدة. هذا إذا لم يسبقهم الإخوان إلى القاعدة كما سبقوا غيرهم إلى أميركا!.
رحبنا بالربيع العربي باعتبار أنه تحرك شعبي لبناء الديمقراطية واللحاق بركب البشرية المتقدمة ، ذلك أنه عندما هبت رياح الديمقراطية بعد إنهيار الاتحاد السوفييتي وقفت هذه الرياح عند حدود الوطن العربي ، ولم تسـتطع اقتحام هذه الحدود ، فكان الرد الوحيد هو الانفجار الذي أطلق عليه اسم الربيع العربي.
في الأردن مر الربيع العربي على هامش الحياة السياسية ، وظل أسير ساحة الجامع الحسيني وساحة النخيل والشارع الذي يربط بينهما ، ولكن وسائل الإعلام لم تقصر في تضخيم الاحتجاجات.
بعد أن رأينا نتائج الربيع العربي في تونس ومصر وأخيراً في سوريا فإن من الطبيعي أن نتظاهر ونعتصم ضد وصول العدوى إلينا وتهديد حرياتنا واستقرارنا وأمننا كما حدث في البلدان التي شهدت الربيع العربي المزعوم.
مع ذلك فإن لدينا الجماعة التي تعتقد أن الفرصة سانحة للقفز إلى السلطة بأي ثمن ، فاستمرت في عمليات تشويش وازعاج جانبية ، خاصة بعد أن انفض الجمهور من حولها ، على أساس الاتعاظ بما حدث في مصر ويحدث في سوريا على يد الإخوان المسلمين وأنصارهم.
في هذا المقام يلفت النظر أن يحدث التدخل الأميركي لدعم (الثورة) في سوريا وأن تجد أميركا نفسها جنباً إلى جنب في معسكر واحد مع المنظمات التي تصفها بأنها إرهابية وعلى رأسها النصرة وأمها القاعدة ، بدلاً من دعم الجهة التي تحارب هؤلاء.
تستحق أميركا الإعجاب على سعة صدرها الذي يتسع لتحالف ضمني مع تنظيم القاعدة ، وجبهة النصرة ، ولواء التوحيد ، وأنصار الإسلام ، وأحفاد الرسول ، إلى آخر الطقم الذي يقوم بتدمير سوريا باسم الإسلام ولا يحتاج إلا للمزيد من الأسلحة الأميركية النوعية!.
(الراي)