jo24_banner
jo24_banner

حدود الشرعية وآفاقها!

خيري منصور
جو 24 : ما من شرعية متيافيزيقية ومطلقة لسلطة زمنية في التاريخ البشري، ولو كان الامر بعكس ذلك لما اعترف بثورات اكتسبت شرعيتها من نجاحها.. لكن بعض المصطلحات تحولت في ايامنا الى ما يشبه الحجارة الكريمة او ذات المغناطيسية الآسرة بحيث تصبح ايقونات، او ابقارا مقدسة، حتى الديمقراطية ادخلت في هذا المعجم وكأنها ليست الشر الذي لا بد منه كما قال ونستون تشرتشل، اما اختزالها الى صناديق الخشب فقط فهو عقب آخيل الذي يتشكل منه مصرعها، وحدث هذا مرارا عندما تحولت بعض الصناديق الى ما يشبه صندوق باندورا الاغريقي الذي اندلعت فيه الشرور كلها.. فأعتى رموز النازية والفاشية والعصاب العرقي افرزتها صناديق ظن من فازوا بها انهم حصلوا على بوليصة تأمين ابدية تحقق لهم الحق في الاحتكار والاقصاء والمعصومية السياسية.

وحين يفرط من يلثغون بالديمقراطية في التعويل على الصناديق فقط تكون الحصيلة كارثية، لان الديمقراطية اضافة الى جذرها التربوي هي ثقافة ومران وتدجين للانانيات والنرجسيات السياسية، بحيث لا يصبح الاستحواذ مبررا للسطو على حق الاخر، لان كبوة المهزوم في جولة انتخابية ليست وداعا اخيرا او طردا نهائيا الى المنفى.

ولان الثقافة العشوائية تخطت العمران الى النسيج الاجتماعي وادبيات السياسة نرى ما نرى ونسمع ما نسمع وكأن ما يجري هو من احداث القرن الثامن عشر وليس من سياق هذه الالفية الثالثة.

في المثال المصري نتذكر عبارة السادات الشهيرة عن انياب الديمقراطية واخلاق القرية، وكيف انتهت تلك الدراما الساداتية الى الخاتمة الصاخبة على المنصة في يوم عيد الجيش.

ان التورط الانفعالي بالانحياز لطرف ضد اخر حتى لو كان السبب ايديولوجيا من شأنه ان يفتح كيس الثعابين كما يقال في الغرفة المغلقة.

وما يحدث اشبه بحفلة تنكرية، لكن الاقنعة المستخدمة فيها سياسية بامتياز، ذلك لان السياسة في واقعها ليست طهرانية وليست نجاسة ايضا انها كما تعرف فن الممكن واحيانا تصبح فقه تغيير وتطوير المجتمع. لكنمها ما ان تستدعي احتياطياتها من القبيلة والادبيات الرعوية التي تنتمي الى ما قبل الدولة حتى تصبح صراعا اعمى، تحركه وتتحكم في بوصلته ان كان له بوصلة شهوة السلطة، والنزوع الى التحكم وليس الى الحكم فقط.

فمن يحكم بالديمقراطية واساليبها التي تفضي بالضرورة الى التداول السلمي للسلطة لا يتحكم، لانه لو فعل ذلك. سيكون كمن امتطى الصندوق كي يصل الى الاستبداد!
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير