لكي لا تنتقل عدوى الكراهية إلى مجتمعنا!
حسين الرواشدة
جو 24 : اذا كان لا بد ان نتعلم مما حدث في مصر، فان اهم الدروس التي يمكن اعتبارها هو درس “نبذ الكراهية”، فهذا الصراع الذي نتابعه في الميادين المصرية بين اطياف المجتمع الواحد هو النتيجة الطبيعية لحالة التحشيد والتكفير الديني والوطني التي مارستها النخب، وروجتها وسائل الاعلام التي استقالت من مهمتها المهنية، وانحازت لمصالحها على حساب مصلحة المجتمع في “الوفاق” والاستقرار.
لقد نبهت في مقال سابق الى خطورة منطق “الشماتة” الذي اعتمده البعض في التعامل مع “الانقلاب” على حكم الاسلاميين في مصر، وقلت آنذاك بأن غياب قواعد واخلاقيات “الخصومة السياسية” سيفتح المجال أمام احتدام الصراع في المجتمع بلا ضوابط ولا اعتبارات، وسيدفع الاطراف الى “الاعتماد” على “وزنها” وقوتها لتصفية خلافاتها، وبدل ان يدخل الجميع من “الابواب المشروعة” سيلجأون الى النوافذ غير المشروعة، ما دام ان الكل يكره الكل، وما دام ان لغة “الحوار” تعطلت لحساب لغات الاقصاء والتشويه وشيطنة الاخر وعدم الاعتراف به.
الان ثمة من يريد ان ينقل عدوى ما حدث في مصر الى بلدنا، وثمة من يريد ان “يتقمص” ثورة “التيار المدني” للتخويف من “التيار الاسلامي”، وكأن ما حدث في مصر يتطابق – بالضرورة - مع حالة بلدنا، وخاصة فيما يتعلق بثنائية “الدولة والاخوان”، واعتقد اننا نخطئ في المقارنات، سواء من جهة الذين ابتهجوا بعزل الرئيس وافول “الاسلام السياسي” عن الحكم او من جهة الذين “تقمصوا” دور الضحية والمظلومية دفاعا عن الشرعية، صحيح ان الحدث المصري ليس معزولا عن محيطه، وان ارتداداته ستؤثر علينا، لكن الصحيح ايضا هو ان نقل “الصراع” الى بلدنا وفق معادلة الانشطار بين الفرقاء سيكرس مناخات “الكراهية” داخل مجتمعنا، وسيعزز الانقسام فيه، وهذا اخطر ما يمكن ان نواجهه في مثل هذه اللحظة التي تشتعل فيها حروب “الكراهية” من حولنا.
يتحمل الاعلام قسطا كبيرا من المسؤولية عن حالة الترويج لاجواء الكراهية. ومن يتابع ما حدث في مصر منذ ثورة يناير 2011 وحتى عزل الرئيس مرسي يدرك تماما ما فعلته الصحف والشاشات التي تعمل لحساب “النخب” السياسية وحلفائها من رجال “البزنس” في تسميم المجال العام، وشحن عواطف الناس لممارسة الهدم بدل البناء، والصراع بدل التوافق، وشيطنة الاخر، ومن المفارقات هنا ان الجميع مارس هذا الخطأ، فيما لم يعاقب عليه سواء طرف واحد وهو الاعلام المحسوب على “الاسلاميين”.
من المفارقات الغريبة ايضا ان الذين “تشمتوا” بازاحة مرسي بذريعة الاخطاء التي ارتكبها في السنة الاولى من حكمه، لا يترددون في “التصفيق” للنظام السوري الذي قتل في عامين اكثر من مئة الف من شعبه، وهؤلاء الذين ابتهجوا “بالثورة” الجديدة ضد الاسلاميين في مصر، يرفضون ان يكون من حق الشعب السوري ان يثور على نظامه، وكأن مكاييل “الديمقراطية” تفرق بين شعب واخر، او كأن قيم الحرية والعدالة حلال حين تصب في حساب “اليسار” وحرام حين تتعلق بالاسلاميين.
اذا استمرأنا منطق الكراهية والشماتة، وتقمصنا ادوار الاخرين، وتحولنا الى مجرد “مقاولين” لتصفية حسابات “وهمية” لا علاقة لبلدنا بها، فان مجتمعنا سيدفع الثمن الذي دفعه غيرنا، وسنجد انفسنا امام نسخة اخرى من “الانشطار” والانقسام، وحينئذ لن يسلم احد من انتقال العدوى، وسيأتي دور “الشماتة” على الاطراف كلها، تماما كما حدث حولنا.
من حق كل طرف ان يعبر عن وجهة نظره، لكن ليس من حقه ان يشيطن الاخر، او ان يدعو الى استئصاله واخراجه من “الملّة” الوطنية، فقد ثبت بان “بذور” الكراهية تفتت المجتمع وتهدم ما بناه، وان “الوفاق” هو المعبر الوحيد نحو الاصلاح والاستقرار والحصن الوحيد من الفتن والاضطرابات.
الدستور
لقد نبهت في مقال سابق الى خطورة منطق “الشماتة” الذي اعتمده البعض في التعامل مع “الانقلاب” على حكم الاسلاميين في مصر، وقلت آنذاك بأن غياب قواعد واخلاقيات “الخصومة السياسية” سيفتح المجال أمام احتدام الصراع في المجتمع بلا ضوابط ولا اعتبارات، وسيدفع الاطراف الى “الاعتماد” على “وزنها” وقوتها لتصفية خلافاتها، وبدل ان يدخل الجميع من “الابواب المشروعة” سيلجأون الى النوافذ غير المشروعة، ما دام ان الكل يكره الكل، وما دام ان لغة “الحوار” تعطلت لحساب لغات الاقصاء والتشويه وشيطنة الاخر وعدم الاعتراف به.
الان ثمة من يريد ان ينقل عدوى ما حدث في مصر الى بلدنا، وثمة من يريد ان “يتقمص” ثورة “التيار المدني” للتخويف من “التيار الاسلامي”، وكأن ما حدث في مصر يتطابق – بالضرورة - مع حالة بلدنا، وخاصة فيما يتعلق بثنائية “الدولة والاخوان”، واعتقد اننا نخطئ في المقارنات، سواء من جهة الذين ابتهجوا بعزل الرئيس وافول “الاسلام السياسي” عن الحكم او من جهة الذين “تقمصوا” دور الضحية والمظلومية دفاعا عن الشرعية، صحيح ان الحدث المصري ليس معزولا عن محيطه، وان ارتداداته ستؤثر علينا، لكن الصحيح ايضا هو ان نقل “الصراع” الى بلدنا وفق معادلة الانشطار بين الفرقاء سيكرس مناخات “الكراهية” داخل مجتمعنا، وسيعزز الانقسام فيه، وهذا اخطر ما يمكن ان نواجهه في مثل هذه اللحظة التي تشتعل فيها حروب “الكراهية” من حولنا.
يتحمل الاعلام قسطا كبيرا من المسؤولية عن حالة الترويج لاجواء الكراهية. ومن يتابع ما حدث في مصر منذ ثورة يناير 2011 وحتى عزل الرئيس مرسي يدرك تماما ما فعلته الصحف والشاشات التي تعمل لحساب “النخب” السياسية وحلفائها من رجال “البزنس” في تسميم المجال العام، وشحن عواطف الناس لممارسة الهدم بدل البناء، والصراع بدل التوافق، وشيطنة الاخر، ومن المفارقات هنا ان الجميع مارس هذا الخطأ، فيما لم يعاقب عليه سواء طرف واحد وهو الاعلام المحسوب على “الاسلاميين”.
من المفارقات الغريبة ايضا ان الذين “تشمتوا” بازاحة مرسي بذريعة الاخطاء التي ارتكبها في السنة الاولى من حكمه، لا يترددون في “التصفيق” للنظام السوري الذي قتل في عامين اكثر من مئة الف من شعبه، وهؤلاء الذين ابتهجوا “بالثورة” الجديدة ضد الاسلاميين في مصر، يرفضون ان يكون من حق الشعب السوري ان يثور على نظامه، وكأن مكاييل “الديمقراطية” تفرق بين شعب واخر، او كأن قيم الحرية والعدالة حلال حين تصب في حساب “اليسار” وحرام حين تتعلق بالاسلاميين.
اذا استمرأنا منطق الكراهية والشماتة، وتقمصنا ادوار الاخرين، وتحولنا الى مجرد “مقاولين” لتصفية حسابات “وهمية” لا علاقة لبلدنا بها، فان مجتمعنا سيدفع الثمن الذي دفعه غيرنا، وسنجد انفسنا امام نسخة اخرى من “الانشطار” والانقسام، وحينئذ لن يسلم احد من انتقال العدوى، وسيأتي دور “الشماتة” على الاطراف كلها، تماما كما حدث حولنا.
من حق كل طرف ان يعبر عن وجهة نظره، لكن ليس من حقه ان يشيطن الاخر، او ان يدعو الى استئصاله واخراجه من “الملّة” الوطنية، فقد ثبت بان “بذور” الكراهية تفتت المجتمع وتهدم ما بناه، وان “الوفاق” هو المعبر الوحيد نحو الاصلاح والاستقرار والحصن الوحيد من الفتن والاضطرابات.
الدستور