jo24_banner
jo24_banner

ضخامة الاقتراض ومسؤلية التورط به من قبل حكومتين!

سليم البطاينة
جو 24 :
كتبت سابقاً عدة مقالات حول مخاطر الدين العام، وأهمها ان كلفة خدمته تستهلك الجزء الأكبر من موارد الخزينة العامة للدولة والتي من الممكن ان ننفقها على مشاريع وتحسين خدمات وتطوير للبنى التحتية والإنفاق الرأسمالي. علماً بانه ليس لدي اعتراض على الاقتراض شريطة معرفة أوجه انفاق تلك القروض وان لا توجه لسد عجز الموازنة. فالاردن على موعد قريب من دين عام بالغ الضخامة سيزعج الحكومة القادمة من ثقل خدمته دون أي تحقيق لنمو اقتصادي مستدام. مع العلم بان معظم الحكومات قفزت عن الجدار ولم تصطدم به وشعاراتها عملت على ابقاء الأردن في مستنقع الديون والكساد التضخمي.
معظم الحكومات عرفت كل أنواع القروض الدولية والداخلية المعروفة منها والجديدة، وأصعب ما يمكن ان يواجه الحكومة القادمة هو غياب بدائل تختار بينها الأفضل وليس على نظرية الدواء المر كالعلقم. فلا بد لها ان تبتعد قدر الإمكان عن الاسوء وان لا تفقد الحيلة وان تُركز على تخفيف التكلفة الاجتماعية وبالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. 
جميع المؤشرات الاقتصادية السلبية تعكس حجم الأزمة التي نعيش، فالدين العام للدولة اصبح يُشكل عبئاً على الموارد من حيث كلفة خدمته وتوفر أقساطه المتوسطة والطويلة الأجل، وإذا بدأنا في سرد تفاصيل الدين العام خلال السنوات الثمان السابقة سنرى ان حكومة النسور قالت في عام ٢٠١٤ ان ضخامة القروض ستتقلص في ظل تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي انتهى في عام ٢٠١٥! علماً بان حكومة النسور كانت من اكثر الحكومات استدانة وأكثرها حصولاً على المنح والمساعدات فقد ارتفعت المديونية في عهدها حوالي ٨،٥ مليار دينار، منها وللحق خسائر شركة الكهرباء وخسائر سلطة المياه. 
في عهد حكومة النسور قامت حكومته بإصدار سندات اليورو بوندد في الأسواق العالمية وبكفالة أمريكية بمبالغ وصلت حتى ٤ مليار دولار منها ما يستحق في عام ٢٠٢٢ وهناك حوالي نصف مليار لأجل عشر سنوات وموعد استحقاقه في عام ٢٠٢٥ ومعظمها كان موجهاً نحو لسداد عجز الموازنة العامة .. مع العلم ان البنك المركزي الأردني اصدر بتلك الفترة سندات خزينة لصالح الحكومة ولكن للأسف فقد هبطت قيمتها! 
وللعلم فان الرئيس النسور اكد بعد استلامه المسؤولية ان جميع من سبقه من الرؤساء لم يكن لديهم برنامج لإنقاذ الاقتصاد وأنه وحده من يملك ذلك حيث سيقوم بوقف النزيف المالي وسيوقف الارتفاع بالدين العام وسيعالج الاختلالات المالية فما كان من حكومته الا ان تركت وراءها ملفاً اقتصادياً ارهق كاهل البلاد والعباد. 
والرئيس الملقي أيضا استخدم مصطلحات لم تفي بها منها على سبيل المثال ان حكومته لن تُرحل المشكلات وتُريد الاعتماد على نفسها. وأكد الدكتور الملقي عند تسويقه لبرنامجه الإصلاحي ان الدين العام سيبدأ بالانخفاض بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي مع نهاية عام ٢٠١٧ من ٩٥،١٪؜ حتى ٩٤،١٪.
أما في عهد حكومة الرئيس الرزاز فلم يطرأ شيئاً جديداً على الاقتصاد فعلى العكس فالحكومة اصابها تكلس في فكرها الاقتصادي ولم تُفرق بين الأعراض والمرض والمُسكنات والعلاج طويل الأمد فما تركته موجع للمواطنين فالدين العام وصل حتى ٣٢،٠٦ مليار دينار وأصبح نصيب الفرد من من الدين العام هو ٤٣٨٨ دينار والنمو الاقتصادي اصبح سالباً والعجز بالموازنة ارتفع ووصل حتى ٩٨٪؜، وخدمة الدين العام بدأت تأكل ٣٣٪؜ من الإيرادات. علماً ان المساعدات والمنح الخارجية ارتفعت بنسبة ١١،٨٪؜. وانخفضت الإيرادات العامة بنسبة ٢٠٪ وأسهمت حكومة الرزاز في افلاس عشرات المزارعين فقد أوصلتهم الحكومة إلى مستويات متدنية من الفقر! 
أما فيما يتعلق بإعادة صياغة التشريعات فكانت الاسوء بين نظيراتها من الحكومات حيث استهدفت المواطن الفقير وضيقت عليه عيشته وحريته. 
الدين العام اصبح خطيراً فجميع مؤسسات الدولة كالبلديات والأمانة والجامعات الرسمية وسلطة المياه والهيئات الأخرى غارقة في ديونها. ورغم كل ما سبق فلا خوف على الأردن فحكمة قيادته مكنته من تجاوز سنوات صعبة فقد سبق لنا ان تعرضنا إلى اسوء من ذلك من الأزمات والتحديات الخطيرة والحساسة فقد تجاوزناها وخرجنا منها أكثر استقراراً ومنعة.  
تابعو الأردن 24 على google news