جيفري غولدبيرغ: تخلص جيد من ديمقراطيي الاخوان المزيفين
كتب جيفري غولدبيرغ
قبل عدة اشهر اخبرني الملك الاردني عبدالله الثاني عن لقاء له مع محمد مرسي- رئيس مصر المعزول حاليا. الملك لم يكن مغرما بمرسي لسببين هما أن الرئيس المصري هو قائد للاخوان المسلمين ولأن عبدالله وجد مرسي غبيا بشكل زائد عن الحد، ويقول الملك "انني ارى بروز هلال اخواني في مصر وتركيا.” فالملك لا يطيق الحركة وذلك لان الحركة هي بشكل جزئي انتقامية واصولية وشمولية ولأن الحركة بالاردن تسعى للاطاحة به، “والربيع العربي سلط الضوء على هلال في قيد التطور،" على حد تعبير الملك.
ويقول الملك ان الامر المريح في مصر هو ان مرسي يبدو بأنه ليس فهيما لكي ينحج في تطبيق رؤيته لان "لا عمق لدى الرجل،" هكذا قال الملك عن مرسي. وقد قارن الملك بين مرسي وبين رجب طيب اردوغان-رئيس الوزراء التركي الاسلامي- بشكل ليس لصالح مرسي. فاردوغان هو مثل مرسي- على حد تأكيد الملك- هو ايضا ديمقراطي مزيف لكنه يتمتع بالصبر. “وقد قال اردوغان مرة ان الديمقراطية بالنسبة له هو مثل ركوب الباص، عندما اصل لمحطتي انزل منه.” ويقول الملك انه وعلى العكس من مرسي فأن اردوغان كان ماهرا في التلاعب بنظام لم يكن يثق به، "فبدلا من اتباع النموذج الاردوغاني الذي يتطلب من ست الى سبع سنوات فإن مرسي يريد ان يقوم بذلك بين ليلة وضحاها.” غير ان الاحداث الاخيرة في تركيا ومن ضمنها سوء تقدير الحكومة في الاستجابة الى الاحتجاجات الشعبية اظهرت انه ربما لم يعد اردوغان نفس اردوغان.
اسلاميو الاردن
لم اتحدث الى الملك عبدالله منذ ان قام الجيش المصري بالانقلاب على نتجة الانتخابات التي اوصلت مرسي الى السلطة لكنني اعتقد ان الملك سعيد اليوم والسبب هو ليس فقط ان مرسي الذي يفتقد العمق قد ولى وان الاحداث اكدت على حصافة تحليل الملك لكن ايضا لأن المنافس الاول للملك على السلطة- جبهة العمل الاسلامي التي تعد فرع من حركة الاخوان المسلمين في الاردن- تقف الان على قدمها الخلفي بوضع ليس في صالحها وهو وضع ينطبق على الاحزاب السياسية الاسلامية في الشرق الاوسط، ولن يسمع شعار “الاسلام هو الحل” وهو الشعار المشترك بين كل هذه الاحزاب لن يسمع كثيرا في الايام القادمة.
هناك اسباب جيدة كثيرة لتكون سعيدا وممتنا للتغير الاخير في منحى الاحداث في القاهره، فالنساء بالاضافة الى ١٠ بالمئة من المصريين وهم مسيحيون يجب ان يكونوا سعيدين ايضا، فحرب الاخوان الاكثر شراسة كانت ضد النساء كما انهم عملوا بثبات لتهميش واخافة الاقلية المسيحية بمصر.
ولحسن الحظ كما يقترح الملك فإن مرسي كان عاجزا وغير قادر فهو لم يطبق الا القليل من وعود الاخوان ومن ضمنها الوعود الاكثر حقدا، ويبدو مضحكا الان ان نتذكر أن من بين وعود مرسي السخيفة كان تعهده بحل مشكلة الازدحام المروري بالقاهرة التي تحولت الى فوضى هذه الايام بسبب وجود الملايين من المتظاهرين المعادين لمرسي في الشوارع والميادين.
الملايين الذين تظاهروا ضد الرئيس المخلوع كانوا قد استشاطوا غضبا بسبب رؤيته الضيقة والباهتة لمستقبل مصر وكذلك بسبب سوء ادارته لاقتصاد مصر (الذي وصل الى حالة محطمة وكارثية) وكذلك الامن العام. فلم يتمكن الملايين من اطاعة مرسي في قرارته المميتة وهي قررات دعمها اسياده في حركة الاخوان التي تطلبت تركيزا للسلطة في الرئاسة وحرمان الرموز من المعارضة السياسية من اية مواقع في حكومته.
وقراره الاخير استثناء المصريين الذين يختلفون معه في الرأي اي دور في الحكومة كان من الممكن ان يتراجع عنه بضغط من الولايات المتحدة وسفيرتها في القاهرة السيدة آن باترسون، الا ان باترسون ورؤسائها غير المكترثين في واشنطن اختاورن ان لا يمارسوا ضغطا على مرسي، ويبدو انهم اعتقدوا لاسباب غير معروفة لغاية الان ان مرسي والاخوان هم في السلطة في مأمن (لقد كتبت عن مشاكل باترسون هنا).
النكسة الديمقراطية
على أيه حال، مع ان الانقلاب العسكري في مصر يمثل انتصارا للتقدمية لكنه ايضا يمثل هزيمة للديمقراطية، فمرسي تم اختياره بنزاهة، ولو تمتع المتظاهرون المناوؤون لمرسي بالصبر الذي افتقده الرئيس لكانوا نظريا على الاقل قد اخذوا فرصتهم لازاحته في صناديق الانتخابات. وكانوا ايضا لاظهروا نضجا حول عمليات الحكم الديمقراطي. ولو لم يتدخل الجيش فإن الاخوان المسلمين كانوا ربما سيجربوا ليتأكدو أن اول انتخابات مصرية نزيهة هي ايضا اخرها. وهناك عدد من الاصدقاء المصريين كانوا قد كتبوا لي في اليوم الماضي يجادلون بأن ما قام به الشعب المصري او للدقة ما قام به الجيش المصري من استجابة لارادة الشعب هو من اجل اجهاض فرصة صعود هتلر جديد. فلو قام الالمان الذين انتخبوا هتلر في انتخابات ديمقراطية بالانقلاب عليه بعد عام على انتخابه، حسنا انتم تعرفون البقية. المقارنة فيها مبالغة لاسباب كثيرة لكن ايضا صحيح ان حركة الاخوان المسلمين هي عصابة شمولية وليست حزبا سياسيا. وهذا يقترح احدى العواقب المحتملة والكارثية للانقلاب: لن يذهب الاخوان بشكل هاديء الى المجهول او الى السجن، فقادتهم واعضاء الحركة مؤمنون حقيقيون بشكل خاص بالشهادة. فلو انهم اخرجوا من السلطة بالصناديق في نهاية حكم مرسي فإن فرص الشهادة ستكون محدودة، لكنهم الان تم ازاحتهم بالقوة ومن خلال الاعتقالات باعداد كبيرة فإن فرص الشهادة هي كثيرة.
لقد اخبرني رويل مارك قيريشت أن الانقلاب قد استبق "حرق الاخوان لنفسهم في صناديق الانتخابات.” فهذا سيحافظ على قوة الاخوان وأشك ان يجعل منهم اقل شعبية، وانما "ستنمو شعبيتهم مرة ثانية، وربما سيفوزون في الانتخابات البرلمانية في انتخابات حرة ، فمن يعلم؟ لكن الجيش قد ضمن حياتهم واذل إن لم يقتل العملية الديمقراطية حسبما قال فيريشت. وكما تقول تمارا كوفمان ويتس- مديرة مركز سابان بمعهد بروكيينغز "قلقي الاكبر هو اذا ما تبع هذا الانقلاب قمع غير مبرر ضد الاسلاميين فإن من شان ذلك ان يدفع باتجاه خلق جيل جديد من الاسلاميين الارهابيين في مصر، ومصر عانت بما يكفي من الارهاب.” والمصريون عانوا بما يكفي من كل شيء، فالامل- على غرابته- هو ان هذا الانقلاب يضع الدولة في مسار مختلف.
ترجمة الدكتور حسن البراري