عندما يُخطىء رئيس القضاة!
خيري منصور
جو 24 : بدءاً أشكر د. عمرو حمزاوي والشيخ علي الجفري وقد استبقاني وعلى نحو فوري في الرّد على ما قاله رئيس نادي القضاة في مصر د. أحمد الزند عن كراهية أغلبية الفلسطينيين لمصر، ولو لم يكن د. الزند قاضياً لهان الأمر لكن الرجل ومن خلال مهنته الرصينة والحذرة في التعميم واستقصاء القرائن لا يمكن التعامل مع ما قاله في برنامج حواري على شاشة الـ سي. بي. سي وكأنه مجرد انفعال عابر.
فثمة في هذا العالم أكثر من عشرة ملايين فلسطيني بين مقاوم ومنفي وأسير، ولكي يدعي شخص ما أن معظمهم يكرهون مصر، عليه أن يكون قد تعرف على آراء أكثر من خمسة ملايين منهم، فهل أتيح للدكتور الزند ذلك؟ وهل أتيح له أن يلتقي في القاهرة عبر فترات متباعدة مثقفين فلسطينيين كانت مصر ولا تزال في القلب من أطروحاتهم الفكرية والقومية؟ هل التقى مثلاً ادوارد سعيد الذي تربى في مصر وسمع منه لماذا كرس عمره وثقافته لمقاومة الامبريالية والاستشراق الكولونيالي؟ فادوارد طرد وهو في الحادية عشرة من عمره من أحد أندية مصر الذي كان يديره أجانب لأنه عربي وفلسطيني وكانت تلك الحادثة جذر مشروعه المضاد للامبريالية.
يقول د. الزند إن الكراهية بين الفلسطينيين والمصريين تتجلى في دول الخليج العربي بسبب التنافس على الوظائف، وهذا بحد ذاته خطأ آخر، فمن يعملون في دول الخليج هم من كل الأقطار العربية، والتنافس بينهم امتداد طبيعي للتنافس الذي يعيشونه في بلدانهم، وهو تنافس مهني مشروع يحق فيه للمصري والسوري واللبناني والمغربي وأبناء الخليج أنفسهم ان يتنافسوا خصوصاً في المجال التكنوقراطي.
إننا لا نعاتب قاضياً أو صحفياً على مثل هذا التعميم الخطير الذي يعمّق الهوة بين شعبين توأمين، لكننا نعاتب زعيماً راحلاً كالسادات بث من خلال اعلامه مثل هذه الثقافة، لكن من قتل السادات ليسوا فلسطينيين بل هم مصريون، حرام على أي شخص ان يعبث بوجدان شعب، وان ينقل الى شعبه مثل هذه الصورة، وكنا نظن أن اعلام كامب ديفيد قد ولىّ، لكن ظلاله واصداءه تمددت على ما يبدو.
باختصار ما قاله د. الزند لن يغير من واقع العلاقة التاريخية والقومية والاستراتيجية والوجدانية بين مصر وفلسطين، وقد يكون الرجل منفعلاً بسبب تدخل عناصر غير مصرية في الحراك الراهن، لكن كونه قاضياً، بل رئيساً لنادي القضاة هو المصيبة الأعظم، القاضي الذي يحكم على شخص بريء بالمؤبد أو الاعدام سوف يندم الى يوم القيامة.
إن تعلّق العرب ومنهم الفلسطينيون بمصر، لا يتطلب عرض حال تتقدم به هذه الملايين الى أي كائن مهما كانت صفته، ورغم أن كل المحاولات البائسة لاقناع المصريين ان فلسطين هي سبب شقائهم قد باءت بالفشل، الا ان هناك من يواصلون هذه المحاولات، فمصر دافعت وتدافع وستدافع عن أمنها القومي أولاً، وفيها ملايين ممن نجوا من الاصابة الاعلامية الساداتية، يدركون ما لمصر من مكانة لدى العرب جميعاً، فما من عرب بدون مصر وما من مصر بدون عرب!!
(الدستور)
فثمة في هذا العالم أكثر من عشرة ملايين فلسطيني بين مقاوم ومنفي وأسير، ولكي يدعي شخص ما أن معظمهم يكرهون مصر، عليه أن يكون قد تعرف على آراء أكثر من خمسة ملايين منهم، فهل أتيح للدكتور الزند ذلك؟ وهل أتيح له أن يلتقي في القاهرة عبر فترات متباعدة مثقفين فلسطينيين كانت مصر ولا تزال في القلب من أطروحاتهم الفكرية والقومية؟ هل التقى مثلاً ادوارد سعيد الذي تربى في مصر وسمع منه لماذا كرس عمره وثقافته لمقاومة الامبريالية والاستشراق الكولونيالي؟ فادوارد طرد وهو في الحادية عشرة من عمره من أحد أندية مصر الذي كان يديره أجانب لأنه عربي وفلسطيني وكانت تلك الحادثة جذر مشروعه المضاد للامبريالية.
يقول د. الزند إن الكراهية بين الفلسطينيين والمصريين تتجلى في دول الخليج العربي بسبب التنافس على الوظائف، وهذا بحد ذاته خطأ آخر، فمن يعملون في دول الخليج هم من كل الأقطار العربية، والتنافس بينهم امتداد طبيعي للتنافس الذي يعيشونه في بلدانهم، وهو تنافس مهني مشروع يحق فيه للمصري والسوري واللبناني والمغربي وأبناء الخليج أنفسهم ان يتنافسوا خصوصاً في المجال التكنوقراطي.
إننا لا نعاتب قاضياً أو صحفياً على مثل هذا التعميم الخطير الذي يعمّق الهوة بين شعبين توأمين، لكننا نعاتب زعيماً راحلاً كالسادات بث من خلال اعلامه مثل هذه الثقافة، لكن من قتل السادات ليسوا فلسطينيين بل هم مصريون، حرام على أي شخص ان يعبث بوجدان شعب، وان ينقل الى شعبه مثل هذه الصورة، وكنا نظن أن اعلام كامب ديفيد قد ولىّ، لكن ظلاله واصداءه تمددت على ما يبدو.
باختصار ما قاله د. الزند لن يغير من واقع العلاقة التاريخية والقومية والاستراتيجية والوجدانية بين مصر وفلسطين، وقد يكون الرجل منفعلاً بسبب تدخل عناصر غير مصرية في الحراك الراهن، لكن كونه قاضياً، بل رئيساً لنادي القضاة هو المصيبة الأعظم، القاضي الذي يحكم على شخص بريء بالمؤبد أو الاعدام سوف يندم الى يوم القيامة.
إن تعلّق العرب ومنهم الفلسطينيون بمصر، لا يتطلب عرض حال تتقدم به هذه الملايين الى أي كائن مهما كانت صفته، ورغم أن كل المحاولات البائسة لاقناع المصريين ان فلسطين هي سبب شقائهم قد باءت بالفشل، الا ان هناك من يواصلون هذه المحاولات، فمصر دافعت وتدافع وستدافع عن أمنها القومي أولاً، وفيها ملايين ممن نجوا من الاصابة الاعلامية الساداتية، يدركون ما لمصر من مكانة لدى العرب جميعاً، فما من عرب بدون مصر وما من مصر بدون عرب!!
(الدستور)