رمضان مِصْريّ!!
خيري منصور
جو 24 : امتاز الرمضان المصري بلياليه الصاخبة المضاءة حتى الفجر، ومنه هاجرت الفوانيس والأناشيد الى العالم الاسلامي واقترن في تاريخ مصر الحديث بالحرب الوحيدة التي لم تنته بهزيمة ساحقة هي حرب رمضان أو 6 اكتوبر عام 1973 والتي سماها بعض دارسيها الحرب الناقصة التي أدت بالضرورة الى سلام أشد نقصاناً.
لكن ما يضيء ليالي رمضان في القاهرة هذا العام ليس الفوانيس التي يحملها الأطفال، ولا الأمسيات الفنية والثقافية.. بل شعاع الليزر الذي يرسم شعارات سياسية في الفضاء، ورصاص حي وآخر مطاطي اضافة الى الحرائق التي لم تسلم منها مؤسسات الدولة والمخطوطات والبيوت أيضاً.
كان رمضان المصري مثالاً للشعور بالأمان ومناسبة للسلم الأهلي الذي يتجسد في مآدب رحمانية وافطار مصري وطني يشارك فيه الاقباط المسلمين تعبيراً عن التآخي الوطني بين الصليب والهلال منذ ثورة 1919، التي تبادل فيها الشيوخ والقساوسة المنابر، فخطب البابا في الأزهر وخطب شيخ الأزهر في الكنيسة، لكن المثال تحول الى أمثولة مضادة، ومصر التي تعايشته قروناً بل ألفيات أصبحت تأكل بعضها تمهيداً لمرحلة لا يتمناها عربي وهي أن تأكل نفسها.
كانت تضاريس مصر الاجتماعية والسيايسة رغم وعورتها وما يحِفّ بها من مشكلات قابلة للفهم في ضوء تاريخها ومجمل الديناميات التي ساهمت في صياغة وعي وطني يحول دون ثنائية الاحتكار والاقصاء اللعينة التي ما أن تحل بقوم حتى تدفعهم الى الهاوية بحيث لا ينجو من السقوط أحد.
ليل القاهرة هذا العام مشحون بشعارات الوعيد وتبادل التهديد وثمة ملايين الأطفال منهم من يبيتون في الشوارع بلا ذنب ومنهم من اطفأ الساسة والمشتبكون فوانيسهم وأفسدوا أحلامهم، فما ينتظرونه الآن ليس عيداً كقوس قزح بل هي أيام حُبلى بما لا يسر، وليس هذا دفاعاً عن الخمول والاستنقاع اللذين سادا المناخ السياسي في مصر لعقود، لكن بديل الاستنقاع ليس الاحتراب الأهلي، وبديل الاستبداد ليس استبدادات متبادلة بحيث تكون الخصخصة قد فاضت عن الاقتصاد الى الهوية الوطنية الأم.
وما نخشاه هو ان يفرغ المصريون طاقة الغضب في بعضهم، ولديهم أعداء لا يبدأون من اسرايئل وأطماعها فقط ولا ينتهون عند البلهارسيا والفقر والبطالة!
(الدستور)
لكن ما يضيء ليالي رمضان في القاهرة هذا العام ليس الفوانيس التي يحملها الأطفال، ولا الأمسيات الفنية والثقافية.. بل شعاع الليزر الذي يرسم شعارات سياسية في الفضاء، ورصاص حي وآخر مطاطي اضافة الى الحرائق التي لم تسلم منها مؤسسات الدولة والمخطوطات والبيوت أيضاً.
كان رمضان المصري مثالاً للشعور بالأمان ومناسبة للسلم الأهلي الذي يتجسد في مآدب رحمانية وافطار مصري وطني يشارك فيه الاقباط المسلمين تعبيراً عن التآخي الوطني بين الصليب والهلال منذ ثورة 1919، التي تبادل فيها الشيوخ والقساوسة المنابر، فخطب البابا في الأزهر وخطب شيخ الأزهر في الكنيسة، لكن المثال تحول الى أمثولة مضادة، ومصر التي تعايشته قروناً بل ألفيات أصبحت تأكل بعضها تمهيداً لمرحلة لا يتمناها عربي وهي أن تأكل نفسها.
كانت تضاريس مصر الاجتماعية والسيايسة رغم وعورتها وما يحِفّ بها من مشكلات قابلة للفهم في ضوء تاريخها ومجمل الديناميات التي ساهمت في صياغة وعي وطني يحول دون ثنائية الاحتكار والاقصاء اللعينة التي ما أن تحل بقوم حتى تدفعهم الى الهاوية بحيث لا ينجو من السقوط أحد.
ليل القاهرة هذا العام مشحون بشعارات الوعيد وتبادل التهديد وثمة ملايين الأطفال منهم من يبيتون في الشوارع بلا ذنب ومنهم من اطفأ الساسة والمشتبكون فوانيسهم وأفسدوا أحلامهم، فما ينتظرونه الآن ليس عيداً كقوس قزح بل هي أيام حُبلى بما لا يسر، وليس هذا دفاعاً عن الخمول والاستنقاع اللذين سادا المناخ السياسي في مصر لعقود، لكن بديل الاستنقاع ليس الاحتراب الأهلي، وبديل الاستبداد ليس استبدادات متبادلة بحيث تكون الخصخصة قد فاضت عن الاقتصاد الى الهوية الوطنية الأم.
وما نخشاه هو ان يفرغ المصريون طاقة الغضب في بعضهم، ولديهم أعداء لا يبدأون من اسرايئل وأطماعها فقط ولا ينتهون عند البلهارسيا والفقر والبطالة!
(الدستور)