خولتهما الحكومة بالتصريح.. فأصدرا معلومات متباينة!!
حاتم الأزرعي
جو 24 :
حصرت الحكومة ، التصريحات الرسمية بشأن أزمة كورونا، والإعلان عن الإجراءات التي تتّخذ للتعامل معها، بوزير الصحة الدكتور نذير عبيدات ، وبمسؤول ملفّ كورونا الدكتور وائل هياجنه، وكذلك وزير الدّولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة علي العايد.
وشدّد العايد في بيان على أنّ أيّة تصريحات تصدر عن الخبراء أو المتخصصّين تعبّر عن آرائهم الشخصيّة وليس عن رأي الحكومة؛ موضحاً أنّ الإعلان عن أيّة قرارات أو إجراءات في حال اتخاذها يكون صادراً عن المسؤولين الثلاثة المخوّل لهم التصريح أو الإعلان عنها.
وبين أنّ الحكومة منفتحة على وسائل الإعلام، وحريصة على تدفّق المعلومات بكلّ شفافية ووضوح، سواءً من خلال التواصل المباشر أو المؤتمرات الصحفيّة الدوريّة؛ داعياً الزميلات والزملاء في وسائل الإعلام لاستقاء المعلومات من المسؤولين بحسب الاختصاص، سواءً ما يتعلّق بوباء كورونا أو غيره من القضايا.
وقد آثار بيان الوزير العايد حفيظة وسائل الإعلام، وتناوله محرر الشؤون المحلية في جو ٢٤ بتحليل معمق، ونقد لاذع، اماط فيه اللثام عن زيف زعم الحكومة بالانفتاح على وسائل الاعلام وحرصها على تدفق المعلومات بكلّ شفافية ووضوح ، وقدم كشف حساب يوضح بالدليل الملموس ان الحكومة تفعل عكس ما تقول، ولا سيما في الشأن الاعلامي.
وعود على بدء، فإن حصر التصريحات الاعلامية الحكومية بشأن ازمة كورونا بوزيري الإعلام والصحة ومسؤول ملف كورونا مسألة تنظيمية هامة وحيوية، لا بل ضرورة مهنية ملحة تنسجم وتتماشى مع ابجديات الإعلام زمن الازمات.
ومما لا شك فيه ان حصر التصريحات الحكومية بأشخاص محددين بالاسم بحسب الاختصاص، من شأنه - فرضيا - ان يقود ويؤدي الى رواية حكومية واحدة وموحدة، وهذا بطبيعة الحال يعزز المصداقية وبالتالي كسب الثقة، وفي نهاية المطاف التزام الجمهور المتلقي بتنفيذ الإجراءات والقرارات التي تتخذها الحكومة لمواجهة الازمة وعدم مماحكتها او تعطيلها والتقليل من أهميتها والأمعان في طعن هيبتها!!.
لكن حصر التصريحات الاعلامية الحكومية ، ينبغي أن يكون وفق شروط ومقومات والتزام مهني وأخلاقي، لا يحيد عنه الاشخاص المخولين بالتصريح، وفي المقدمة منها، الظهور الاعلامي المدروس، العدالة والوقوف على بعد مسافة واحدة من وسائل الإعلام، الإنصاف في منح وسائل الإعلام الوقت المناسب الكافي، والابتعاد عن المزاجية والانتقائية والعشوائية في الظهور الاعلامي، والحفاظ على مسار روائي منسجم ومتجانس مع تنامي الحدث ومعبر عنه بشفافية ودرجة عالية من المصداقية.
ويبدو ان الانطباع السائد لدى وسائل الإعلام، حول حصر التصريحات الحكومية، بشأن أزمة كورونا، مغايير تماما لهذه الشروط والمعايير والمقومات، لا بل يسير في خط مواز بعيد عنها كل البعد، ولا يمكن الالتقاء او التقاطع معها عند أي نقطة، ويتضح ذلك بجلاء في تحليل محرر الشؤون المحلية الذي سبق الإشارة اليه.
وعلى أي حال، اود ان اتقدم خطوة أخرى واستكمل ما ذهب اليه محرر جو ٢٤ واشير إلى خطأ قاتل وقع فيه وزير الصحة ومسؤول ملف كورونا، وهما الوحيدان المخولان بالتصريح حين تحدثا في نفس اليوم عن عودة دوام المدارس والجامعات.
ففي لقاء حواري على إحدى محطات التلفزة المحلية، يقول وزير الصحة الدكتور نذير عبيدات :" أن عودة المدارس والجامعات تزيد عدد الإصابات بفيروس كورونا ٩٪ وعدد الوفيات 11% وذلك ضمن دراسة أعدتها وزارة الصحة بناء على نماذج احصائية وبائية"،فيما يقول مسؤول ملف كورونا : " ان عودة طلبة المدارس والجامعات تشكل ٢٦ ٪ من إصابات كورونا في الأردن"، وربما يقول قائل أنهما يتحدثان عن موضوعين مختلفين، لكن العبارتين تفتقدان للوضوح والدقة في التعبير حتى يفهمها القارىء.
ويأتي وزير الدولة لشؤون الاعلام ليدعو" الزميلات والزملاء في وسائل الإعلام لاستقاء المعلومات من المسؤولين بحسب الاختصاص "، وها نحن نستقي المعلومات من مسؤولين مخولين وحدهما بالتصريحات الاعلامية، فاي من المعلومتين نعتمد ونثق بدقتها ومصداقيتها، أليس ذلك مدعاة لانعدام الثقة، في الوقت الذي أحوج ما تكون فيه الحكومة إلى نيل ثقة المواطن، لا سيما في هذه المرحلة التي تبذل أقصى الجهود لاقناع الناس بالمطاعيم ضد فيروس كورونا!!.
فعلا ان "حكومة الدكتور بشر الخصاونة مطالبة اليوم بمراجعة نهجها وسياستها الاعلامية والانفتاح على وسائل الإعلام" بمنتهى الشفافية والمصداقية والأهم من ذلك الرواية الواحدة المتماسكة المبنية على الحقائق ، وإلا فإن المشكلة ستتعمق وتتجذر، وربما ندخل فصلا من فصول القطيعة،بين الحكومة ووسائل الإعلام المعبرة عن هموم الناس وآمالهم واحلامهم وتطلعاتهم.
وأنصح وزير الصحة ومسؤول ملف كورونا، واحترم كلاهما، بأن يستفيدا من علم الاتصال والإعلام، فهناك ما يسمى بنموذج احاطة داخلي، يمكن أن يعده لهما مختصوا الإعلام في الوزارة، ويعمم على جميع المسؤولين حتى يتحدثوا جميعا في سياق متناغم ورسائل موحدة، ومضامين متماسكة، فلا يقع اي منهم في فخ تباين المعلومات وتناقضها وربما تضاربها، وكل منهم يقدم رواية مختلفة لحدث واحد!!.