مرض أشد فتكا من كورونا.. إفتحوا المظلة قبل أن تُمطر!
حاتم الأزرعي
جو 24 :
يواصل مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس ، دق نواقيس الخطر ، والتحذير مرارا وتكرارا ، من إحتمال انتشار مرض "أكثر فتكًا" من فيروس كورونا ، ولا يكف عن دعوة العالم للاستعداد لمجابهة الخطر .
ومن المؤكد ان دعوة غيبريسوس ، للتأهب والاستعداد ، لم تأت من فراغ ، وانما هي نتاج جهد كبير من الرصد والتحليل والتقييم المستنير بالمنهجيات العلمية الراسخة والدقيقة .
والتحذيرات التي تطلقها المنظمة ،بلهجة صارمة ، وثقة تصل حد اليقين ، بان الخطر قادم لا محالة ، تثير رعبا مبررا ، وقلقا لا تخفى بواعثه ، إذ ما زالت أثار انتشار وباء فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية والصحية ، حاضرة في ذاكرتنا المثخنة بجراح لم تلتئم بعد ، ولا يزال صدى صفارات الانذار معلنة منع التجول ، يتردد في اذاننا.
ويلاحظ المتابع للشأن الصحي ، أن الجهة المعنية مباشرة بالتحذير الذي اطلقته المنظمة ، وهي بالتأكيد وزارة الصحة ، غائبة عن اداء دورها في توضيح الحقائق وتفسير منطلقات التحذير وشرح بواعثه وظروفه ، وهذا أمر في غاية الأهمية ، فكيف استقبلت الوزارة التحذير وتفاعلت مع الدعوة للاستعداد ، وما هي فاعلة إزاء الخطر والتحذير الذي اطلق على أعلى مستوى صحي عالمي ؟؟.
للحقيقة ، فإننا كمواطنين في الاردن ، لا نملك اجابات على تلك الأسئلة، في ظل غياب الوزارة عن المشهد ، وبالتالي فإن مشاعر الخوف والقلق والتوتر ، تفاقمت الى حد قد لا تحمد عقباه ، ومسبقا نرفض الحجة الواهنة الحاضرة دوما في النهج الاعلامي الرسمي ، ومفادها القول : لا نريد أن نثير الخوف والهلع والذعر في المجتمع ، وهذا المبرر واهن ، ذلك أن المجتمع الأردني مثقف ومتعلم واوعى مما تظن الوزارة ، ويتفاعل مع القضايا بمنتهى العقلانية والواقعية.
وعليه ،من حق المواطن أن يحاط علما ومعرفة بما يجري حوله ، وأن يلم بالمخاطر الصحية المحدقة به ، وإلا كيف نطالبه بالمشاركة الفاعلة في مكافحة الأمراض والاوبئة باتخاذ إجراءات الوقاية وتدابيرها الفضلى الكفيلة بانجاح جهود المكافحة ؟! .
المواطن ، بأمس الحاجة اليوم ،الى جهة رسمية مختصة، ومَن غير وزارة الصحة، لتوضيح منطلقات دعوة المنظمة واسبابها ومبرراتها بشمولية ، عبر فتح قنوات التواصل مع وسائل الاعلام لبث رسائل الطمأنينة للمواطنين ، للتعامل بمعرفة وافية مع المخاطر المحتملة ، واتباع افضل السبل والممارسات للوقاية وأخذ أعلى درجات الحيطة والحذر .
إن غياب الوزارة وتخليها عن دورها المأمول في الاحاطة واظهار الحضور والاستعداد والجاهزية والاهم بث الطمأنينة ،قد ترك هذه المهمة بالغة الدقة والحساسية ، للافراد لملء فراغ غيابها ، كما هو حاصل اليوم ازاء تلك التحذيرات .
وربما يحق لنا أن نتساءل ، اذا حصل ما تخشاه المنظمة ، وانتشر مرض أشد او حتى اقل فتكا من كورونا ، فهل لدى وزارة الصحة الامكانات والجاهزية والقدرة ، على الاستجابة بفعالية وخفض اثاره وتداعياته الى أدنى حد ممكن ؟؟ .
بالعودة إلى الوراء قليلا ، وتحديدا حين دهمنا فيروس كرونا ، وبدأت الحالات تتزايد، فقد عشنا ظروفا غاية في الصعوبة، ابرز ملامحها في الجانب الصحي : عجز المستشفيات عن استيعاب الحالات المتزايدة ، نقص الكوادر وعدم توفر عديد من الاختصاصات القادرة على التعامل مع المرض ومضاعفاته وتداعياته ، فضلا عن عدم كفاية الاجهزة والمستلزمات الطبية وغير الطبية ، وحالة الفوضى والارباك والتردد والتجريب ، والتصريحات الاعلامية العاجزة ، ناهيك عن التقصير والإهمال وتسببهما في وفيات .
والسؤال ، هل تغير الحال ، أم انه بقي على ما هو عليه قبل وأثناء وبعد كورونا ؟ نأمل أن نسمع صوت الوزارة ، عل وعسى تبعث الطمأنينة في نفوسنا ، وتنزع مشاعر الخوف والقلق والهلع التي اثارتها تحذيرات المنظمة .
نعم، الأمراض والاوبئة والكوارث قد تحدث فجأة ودون مقدمات، لكنها محتملة طيلة الوقت، والعبرة في الاستعداد والجاهزية، وتحذير المنظمة واضح ومدورس، والخطر بحسبها قادم لا محالة، وعندها لن يقبل عاقل التذرع بالمباغته، وعلى وزارة الصحة ان "تفتح المظلة قبل أن تمطر السماء" لاتقاء البلل، وأن لا تنتظر الربع ساعة الأخير لتتحرك، ذلك أن "العليق لا ينفع عند الغارة" فهل من مجيب ؟!.