jo24_banner
jo24_banner

عن دلالات استقالة د.القطب من رئاسة المركز الوطني لمكافحة الاوبئة

حاتم الأزرعي
جو 24 :


لم تكن استقالة رئيسة المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والامراض، الدكتورة رائدة القطب  ، مفاجئة ، على الاقل ، لكل من يعرفها ، أو يتابع شؤون وشجون المركز ، منذ ولادته الى يومنا .

 وللحقيقة ، فان الاقالة او الاستقالة،  أيهما اولا ، كانت متوقعة، وفي الحالتين ، هي نتيجة حتمية ،  لا مفر منها ، للفشل الذي واجهه المركز ، فسبقت الاستقالة الاقالة ، وربما جاءت متأخرة ، ولم يكن يخامرني أدنى شك بأنها قادمة لا محالة ، ليقيني بأن شخصية الدكتورة القطب ، لا تقبل الفشل ولا ترضاه لسيرتها الحافلة بالنجاح.

انشئ المركز قبل عامين ، برغبة ملكية سامية ،  في ظل ازمة صحية عالمية ، ما زالت تداعياتها ، ترخي بظلالها الثقيلة ، على مناحي الحياة كافة ، بما فيها الاجتماعية والنفسية ، ولم يتمكن المركز  من تحقيق اي من أهدافه وغاياته ، وبقي مجرد رقم في قائمة المؤسسات المستقلة ، التي لا يدل على وجودها اي أثر ، باستثناء اللوحة التي تُزين مقارها ، وتحمل اسم المؤسسة ، وهذه حقيقة مرة ، يتجرعها الوطن كالسم .

استقالت الدكتورة القطب من رئاسة المركز  ، لكن الاخير حتما باق ،وله اهداف وغايات وادوار رئيسة ، ولذلك من الضروري الوقوف على اسباب الاستقالة وظروفها ودوافعها ، لتكون درسا وعبرة ، للمستقبل ، اذا ما قيض للمركز ان يبقى على قيد الحياة ، والاهم ان يحقق الأهداف الطموحة المتوخاة . 

حتى اللحظة ، لم يرشح اي معلومة من مصدر رسمي ، تشير إلى اسباب وظروف وملابسات الاستقالة ، والى ان تبق صاحبتها ، البحصة من تحت لسانها ، نذهب إلى ما رشح من معلومات من مصادر مطلعة ، فضلا عن ربطها بالمعطيات على أرض الواقع.

وأميل الى الاعتقاد بأن الدكتورة القطب لا يمكن ان تقدم استقالة غير مسببه ، وارجح أن  العنوان العريض لأسباب الاستقالة ، يتمثل في التعبير عن الاحتجاج رفضا لواقع  المركز ، وغياب الدعم اللازم والضروري لتمكينه من اداء مهامه ، وأخال انها وجهت أصابع الاتهام لرعاة فشله ، في كتاب استقالتها  .

وفي التحليل للمعطيات ، فانه لا  يخفى على المهتمين والمتابعين للشان الصحي ، شكل العلاقة السائدة بين وزارة الصحة والمركز الوطني لمكافحة الاوبئة والامراض ، والتي تنطوي على حالة تناحرية تنافسية ، في الوقت الذي تتطلب فيه المصلحة الوطنية ، أن تسود بينهما حالة تكاملية ، دونها ، لن يحقق اي منهما ، اي تقدم يذكر على صعيد مواجهة التحديات الصحية ، ومكافحة الاوبئة والأمراض القائمة ، والمحتملة التي لا تنفك الجهات الصحية الدولية التحذير منها والدعوة لاخذ التدابير لمجابهتها . 

وعلى مذبح التناحر ، وتنازع الصلاحيات في ظل ازدواجيتها  ، والتنافس بشراسة على السبق في التصدي اعلاميا  لعديد من القضايا  ، شكلا  ،  ولاسيما المستجدة ، والسباق المحموم في التصريحات الجوفاء، وإصدار البيانات،  في غير اوانها،  ودون مبرر ، بانت عورات المركز وسقط في مستنقع الفشل  .

ويوجه عديد من المطلعين على المشهد ، اصابع الاتهام في اعاقة عمل المركز الى وزارة الصحة ، التي لم تبد التعاون اللازم معه ، وتلكؤها في تلبية احتياجاته ومتطلبات عمله ، ولا سيما على صعيد المعلومات وتوفيرها في الوقت المناسب .
وفي الوقت ، الذي يشير فيه مطلعون إلى عدم رغبة  الوزارة في التعاون مع المركز ، فإنهم يدللون على ذلك ، بطرح التساؤول  : لماذا رفض وزير الصحة  توقيع اتفاقية الشراكة مع المركز،  والتي من شأنها اعانته وتمكينه من تنفيذ مهامه وتحقيق الأهداف والغايات التي انشء لأجلها ؟؟.

بالمختصر المفيد ، فإن استقالة الدكتورة القطب،  يجب أن لا تمر مرور الكرام ، وتنتهي بتعيين رئيس جديد للمركز  ، وكفى المؤمنين شر القتال ، إذ لا بد من إعادة فتح ملف المركز ، وكشف الخفايا التي حالت دون نجاحه وتلافيها  ،  وتوفير الامكانات المادية والمعنوية اللازمة  لاداء مهامه وتحقيق أهدافه وغاياته ، ومنحه الاستقلالية الحقيقية ، وتحريره من أي تبعيات تقيده وتبقيه اسيرا لامزجة أشخاص - ربما -  يغلبون المصلحة الخاصة  على المصالح الوطنية العليا، ولست مع الطروحات التى ترى أن يكون تحت مظلة وزارة الصحة ، ودائرة من اداراته.

ولعل على رأس الأولويات في فتح الملف ، التأكيد المطلق على التخلص من ازدواجية الصلاحيات  وتنازعها ،  وتحديد الأدوار بشكل قاطع ،غير قابل للتفسير والتأويل ،  والتصدي بجدية ، لكل أشكال التناحر والتنافس ، واغتيال الآخر في صراع على البقاء ، بقاء الأشخاص على حساب المؤسسة ودورها ومهامها .

المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض،  ولد من رحم المعاناة والازمة ، وفرضته الضرورة ، والطموح ، والارادة السياسية العليا ، ويجب تخليصه من اسباب الفشل ، والعجز عن اداء المهام ،  وتفكيك عناصر الصراع تحت وابل الشعارات ، وفيما عدا ذلك ، فالاجدى اصدار شهادة وفاة المركز  ،  فذلك افضل من إستمرار الانفاق وهدر المال العام بلا طائلة .
 
تابعو الأردن 24 على google news