العمامة والكرسي : فصول من «الفتنة»!
حسين الرواشدة
جو 24 : أي الضررين أخف: أخطاء «مرسي» أم «انقلاب» العسكر؟
في كلمته على المنصة انحاز شيخ الأزهر الى الثانية، اعتقادا منه - ربما - أن «خيار» الإطاحة بحكم الإخوان سيمكن «العسكر» من انهاء حالة الانقسام ومنع الحرب الأهلية التي تصوّر أن «التيار اليساري والقومي» سيدفع باتجاهها، لكن ما رأي شيخ الأزهر الآن بعد ان «تعمقت» الفجوة بين «المصريين» وأمضى «انصار الشرعية» نحو اربعة اسابيع في الميادين، وهدد «السياسي» بإشهار الحرب ضدهم باعتبارهم «ارهابيين»، هل تغيرت «فتوى» الإمام الأكبر أم انه آثر «الاعتزال» والدخول في خلوة «طوعية» بعدما تبين له خطأه، ولم يمتلك الشجاعة اللازمة لتغيير «فتواه»؟
لم يتذكر الإمام - بالطبع - القاعدة الشرعية التي تنص على أن «درء المفاسد أولى من جلب المصالح»، ولم يتذكر أن «فتوى الضرار» مثل «مسجد الضرار» تماماً، وأن مقاصد الدين التي يبني عليها الديني مواقفه تختلف تماما عن «مقاصد» السياسي وحماس العسكري، وأن «الاحتكام» الى الدين في زحمة الاستقطاب في «الميادين والشوارع» يحتاج للحكمة والحوار بالتي هي أحسن، وافتراض نسبية الصواب وفهم منطق الطرفين المتخاصمين وتقدير حقهما في الخطأ والصواب، وفقاً لخطاب القرآن الكريم «وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى أو في ضلال كبير».
ليس وحده الإمام الأكبر الذي وقع في خطأ مواجهة «الفتنة بـ» الحكمة، «والمحنة» بـ»الصبر» والالتزام بـ»الصلح»، ولكن ثمة اطرافاً اخرى تقف على «تخوم» الدين اخطأت ايضا وافترقت، فالسلفيون وقفوا ضد الإخوان، والأزهر انقسم الى «فسطاطين»!
وابناء «الإخوان» الذين انشقوا عنهم جلسوا الى جانب «الخصوم» على منصة الانقلاب، والشيخ القرضاوي ورابطة علماء المسلمين تبرأوا مما فعله العسكر ضد الرئيس الشرعي.
كان «الدين» -بالطبع- ساحة «للصراع»، وكانت الأطراف التي تتحدث باسمه وتنتسب اليه تتبادل «الفتاوى» لإقناع الجمهور بأنها في خدمة «الاسلام» وخدمة اتباعه ايضاً.
وعلى الطرف الآخر كان ثمة من ابتهج بخروج «الإسلام» من دائرة الحكم، ومن استبسل بوصف «الإسلاميين» بأنهم فاشيون و»شياطين»، وكأن المعركة التي اخرجها «العسكر» بغطاء خصوم الإخوان كانت بالفعل بين «الإسلام» وخصومه من العلمانيين، أو كأن «الدين» الذي كان حاضرا في مشهد الثورة لم يعد لازما، فقد أدى دوره واصبح مطلوبا منه ان يخرج من المشهد ويلقى بدعاته في السجون، أو يعلّقون على أعواد المشانق!
هي «فتنة» السلطة إذن، تلك التي ما تزال حاضرة في ذاكرتنا التاريخية رغم اننا نهرب من «الاعتراف» بالمسؤولين عنها، ونكتفي فقط باستحضار «كابوي» المظلومية التي ما تزال تصفع وجوهنا وتعكر صفو وحدتنا وتعيدنا الى الخلف.
السلطة لا غير، حين يقاتل «الديني» بعمامته على ابوابها، وينجر خلف «السياسي» أو يتماهى معه لتفصيل ما يلزم من المشهد الذي قرأنا عنه واورثنا «الخيبات» وتصنع واقعاً جديداً تسيل فيه «الدماء» ويدفع الأمة إلى التخلف والوراء.
ترى، كيف نتحول باسم «الدين» الذي هوعنوان السماحة والإخوة والوحدة والخير الى أعداء متناحرين، وخنادق متواجهة؟!
هل المشكلة في هذا الاشتباك الملعون بين الديني والسياسي، أم في الزواج غير المشروع بينهما؟
هل المشكلة في التدين الذي لم ينتج لنا منذ قرون ما نبحث عنه من «تحضر» وتقدم، أم المشكلة في غربة مجتمعاتنا عن الإسلام الصحيح وخوفها من «نماذج» العمامات «الحاكمة»؟
كل ما أعرفه اننا «اخطأنا» بفهم الدين وامتثال مقاصده، فقد نشأت تحالفات مشبوهة بين الديني والسياسي، واخرى بين الديني و»البزنس» وانشغل «المتدينون» بمعاشهم وأحوالهم وخلاصهم الفردي، فيما «ابتدعت» النخب باسم الدين «اوهاما» للوصول للسلطة دون ان تهيئ المجتمع لاستقبال حكم الإسلام، أما خصوم الدين في الداخل والخارج فقد وجدوا في «حماقة» أو جهل او حماسة بعضنا مجالا مفتوحا لـ»لكر والفر» والمباغتة.. فأصبحنا جميعا في حيرة قاتلة، حتى كدنا نعتقد أن انسحاب «الدّين» من دائرة «السياسية» واعتزاله العمل العام هو الحل، وأن «تجارب» الآخرين في فصل «المعبد» عن «الحكم» هو المخرج، دون أن ندقق جيداً في هذا الدّين الذي عنوانه «الحرية قبل الشريعة».. وأن الله يزع بالسلطان ما لا يزعه في القرآن.. وأن السلطة مجرد وسيلة لا غاية.. والسلطان خادم يدعو الأمة الى «تقويمه» إذا اخطأ.. لكن هذه القيم جعلناها وراء ظهورنا ونحن «نتصارع» في ميادين الدنيا التي لا علاقة لها.. لا بالله تعالى ولا الإنسان!
(الدستور)
في كلمته على المنصة انحاز شيخ الأزهر الى الثانية، اعتقادا منه - ربما - أن «خيار» الإطاحة بحكم الإخوان سيمكن «العسكر» من انهاء حالة الانقسام ومنع الحرب الأهلية التي تصوّر أن «التيار اليساري والقومي» سيدفع باتجاهها، لكن ما رأي شيخ الأزهر الآن بعد ان «تعمقت» الفجوة بين «المصريين» وأمضى «انصار الشرعية» نحو اربعة اسابيع في الميادين، وهدد «السياسي» بإشهار الحرب ضدهم باعتبارهم «ارهابيين»، هل تغيرت «فتوى» الإمام الأكبر أم انه آثر «الاعتزال» والدخول في خلوة «طوعية» بعدما تبين له خطأه، ولم يمتلك الشجاعة اللازمة لتغيير «فتواه»؟
لم يتذكر الإمام - بالطبع - القاعدة الشرعية التي تنص على أن «درء المفاسد أولى من جلب المصالح»، ولم يتذكر أن «فتوى الضرار» مثل «مسجد الضرار» تماماً، وأن مقاصد الدين التي يبني عليها الديني مواقفه تختلف تماما عن «مقاصد» السياسي وحماس العسكري، وأن «الاحتكام» الى الدين في زحمة الاستقطاب في «الميادين والشوارع» يحتاج للحكمة والحوار بالتي هي أحسن، وافتراض نسبية الصواب وفهم منطق الطرفين المتخاصمين وتقدير حقهما في الخطأ والصواب، وفقاً لخطاب القرآن الكريم «وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى أو في ضلال كبير».
ليس وحده الإمام الأكبر الذي وقع في خطأ مواجهة «الفتنة بـ» الحكمة، «والمحنة» بـ»الصبر» والالتزام بـ»الصلح»، ولكن ثمة اطرافاً اخرى تقف على «تخوم» الدين اخطأت ايضا وافترقت، فالسلفيون وقفوا ضد الإخوان، والأزهر انقسم الى «فسطاطين»!
وابناء «الإخوان» الذين انشقوا عنهم جلسوا الى جانب «الخصوم» على منصة الانقلاب، والشيخ القرضاوي ورابطة علماء المسلمين تبرأوا مما فعله العسكر ضد الرئيس الشرعي.
كان «الدين» -بالطبع- ساحة «للصراع»، وكانت الأطراف التي تتحدث باسمه وتنتسب اليه تتبادل «الفتاوى» لإقناع الجمهور بأنها في خدمة «الاسلام» وخدمة اتباعه ايضاً.
وعلى الطرف الآخر كان ثمة من ابتهج بخروج «الإسلام» من دائرة الحكم، ومن استبسل بوصف «الإسلاميين» بأنهم فاشيون و»شياطين»، وكأن المعركة التي اخرجها «العسكر» بغطاء خصوم الإخوان كانت بالفعل بين «الإسلام» وخصومه من العلمانيين، أو كأن «الدين» الذي كان حاضرا في مشهد الثورة لم يعد لازما، فقد أدى دوره واصبح مطلوبا منه ان يخرج من المشهد ويلقى بدعاته في السجون، أو يعلّقون على أعواد المشانق!
هي «فتنة» السلطة إذن، تلك التي ما تزال حاضرة في ذاكرتنا التاريخية رغم اننا نهرب من «الاعتراف» بالمسؤولين عنها، ونكتفي فقط باستحضار «كابوي» المظلومية التي ما تزال تصفع وجوهنا وتعكر صفو وحدتنا وتعيدنا الى الخلف.
السلطة لا غير، حين يقاتل «الديني» بعمامته على ابوابها، وينجر خلف «السياسي» أو يتماهى معه لتفصيل ما يلزم من المشهد الذي قرأنا عنه واورثنا «الخيبات» وتصنع واقعاً جديداً تسيل فيه «الدماء» ويدفع الأمة إلى التخلف والوراء.
ترى، كيف نتحول باسم «الدين» الذي هوعنوان السماحة والإخوة والوحدة والخير الى أعداء متناحرين، وخنادق متواجهة؟!
هل المشكلة في هذا الاشتباك الملعون بين الديني والسياسي، أم في الزواج غير المشروع بينهما؟
هل المشكلة في التدين الذي لم ينتج لنا منذ قرون ما نبحث عنه من «تحضر» وتقدم، أم المشكلة في غربة مجتمعاتنا عن الإسلام الصحيح وخوفها من «نماذج» العمامات «الحاكمة»؟
كل ما أعرفه اننا «اخطأنا» بفهم الدين وامتثال مقاصده، فقد نشأت تحالفات مشبوهة بين الديني والسياسي، واخرى بين الديني و»البزنس» وانشغل «المتدينون» بمعاشهم وأحوالهم وخلاصهم الفردي، فيما «ابتدعت» النخب باسم الدين «اوهاما» للوصول للسلطة دون ان تهيئ المجتمع لاستقبال حكم الإسلام، أما خصوم الدين في الداخل والخارج فقد وجدوا في «حماقة» أو جهل او حماسة بعضنا مجالا مفتوحا لـ»لكر والفر» والمباغتة.. فأصبحنا جميعا في حيرة قاتلة، حتى كدنا نعتقد أن انسحاب «الدّين» من دائرة «السياسية» واعتزاله العمل العام هو الحل، وأن «تجارب» الآخرين في فصل «المعبد» عن «الحكم» هو المخرج، دون أن ندقق جيداً في هذا الدّين الذي عنوانه «الحرية قبل الشريعة».. وأن الله يزع بالسلطان ما لا يزعه في القرآن.. وأن السلطة مجرد وسيلة لا غاية.. والسلطان خادم يدعو الأمة الى «تقويمه» إذا اخطأ.. لكن هذه القيم جعلناها وراء ظهورنا ونحن «نتصارع» في ميادين الدنيا التي لا علاقة لها.. لا بالله تعالى ولا الإنسان!
(الدستور)