الحكومة وإختراق الشركات لخصوصية الاردنيين
زهير العزة
جو 24 :
فيما يجهد جلالة الملك محاولاً معالجة الانتكاسات الشعبية والسياسية والاجتماعية التي خلفتها القرارات الحكومية لحكومات دخلت الحلبة في مقر" الرابع" وخرجت منه خاسرة ثقة الناس ، بل عمقت هذه الخسارة ما أدى الى وجود فجوة بين المواطن والدولة ، تستمر انعكاسات قرارات اتخذتها حكومات سابقة أو وزراء سابقين في تأزيم الحالة بين المواطن والدولة .
قبل أيام اشتكى عدد من المواطنين من إختراق سجلهم العدلي أو صفحتهم العدلية من خلال إحدى الشركات التي تقوم بالحصول على المعلومات المتعلقة بهذه الصفحة وتقديمها للبنوك والشركات أو مؤسسات الإقراض الصغير مما يؤدي الى تعطيل مصالحهم أو منع منحهم أية قروض بالرغم من أن غالبية هذه القضايا تكون قد أجرى عليها الإجراء القانوني وتم حلها ويكون قد مضى عليها سنوات و سنوات .
هذا من الناحية الإجرائية ، أما من ناحية الخصوصية فإن قيام هذه الشركة بالحصول على المعلومات عن المواطنين يعد انتهاكاً صارخاً لخصوصية المواطن التي كفلها الدستور والقانون خاصة أن قانون العقوبات الاردني في المادة (355 ) المتعلقة بإفشاء الأسرار تقول : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلات سنوات كل من :
1- حصل بحكم وظيفته أو مركزه الرسمي على أسرار رسمية و أباح هذه الأسرار لمن ليس له صلاحية الإطلاع عليها او الى من لا يتطلب طبيعة وظيفته ذلك الإطلاع وفقاً للمصلحة العامة .
وهنا و وفق هذه المادة نؤكد على أن هذه الشركات ليس من صلاحياتها او من إختصاصها او طبيعة عملها الرسمية الإطلاع على صفحة المواطن القضائية بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف من الظروف.
إضافة الى أن قانون البنوك الذي يعتبر أية معلومات تتوفر للبنك هي معلومات سرية لا يجوز إطلاع اي من الاشخاص عليها أو التعاطي بها ، إضافة الى أن قانون حق ضمان الحصول على المعلومات لعام 2007 ينص في المادة ( 13) على :
مع مراعاة أحكام التشريعات النافذة ، على المسؤول أن يمتنع عن الكشف عن المعلومات
المتعلقة بما يلي :
أ) الأسرار والوثائق المحمية بموجب أي تشريع اخر
هـ) المعلومات والملفات الشخصية المتعلقة بسجلات الأشخاص التعليمية أو الطبية أوالسجلات الوظيفية أو الحسابات أو التحويلات المصرفية أو الأسرار المهنية .
كما ان المادة (7) من الدستور تنص في الفقرة 2 على : كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون . وليس هناك أبلغ حالة من التعدي على الخصوصية كما هي في حالة تسريب الصفحة القضائية للمواطن لشركات او مؤسسات او بنوك .
إن ما يتم من انتهاك لخصوصية المواطنين من خلال المتاجرة بأسرارهم عبر الشركات الخاصة يعد جرما و على الحكومة التحرك فوراً وتشكيل لجنة لمحاسبة كل من قام بتسهيل حصول هذه الشركات على معلومات عن المواطن و خاصة المعلومات القضائية ، كما أن مجلس النواب مطالب الآن بالضغط على الحكومة من أجل وضع تشريعات تمنع حصول المعلومات من قبل أية جهة غير رسمية وتعديل النصوص التشريعية التي يتوفر بها ثغرات تسمح لبعض المتاجرين بأسرار الاردنيين النفاذ اليها ، فالأردني يجب أن لا يترك يتيما امام تغول هذه الشركات على حياته وخصوصياته ، لذلك على الحكومة التدخل لحمايته .
ويبقى أن يعلم دولة الرئيس بشر الخصاونة أن المواطن الاردني الذي يعاني من حياة صعبة نتيجة قرارات أو تراخيص حكومية يعتبر اختراق خصوصيته حالة من الفساد ، ذلك الفساد الوحش المختبىء في أعماق الاردنيين ، الجاهز دائما للظهور وزرع الخوف على مستقبل الوطن ولذلك لابد من وقف هذا الخلل .
zazzah60@yahoo.com