الحكومه وتكريس فصام إدارة الاعلام الرسمي
زهير العزة
جو 24 :
الفصام العجيب الذي عاشته وتعيشه إدارة الحكومات المتعاقبة في تعاطيها المتكرر مع ملف الاعلام الرسمي يؤكد أن لا نية لإصلاح هذا الاعلام على أسس جديدة خارج عقلية اغلاق "خانة" هنا او هناك او تنفيع هذا الشخص او ذاك أو حتى التخلص من هذا الشخص أو ذاك ، بالرغم من أن التصريحات المرافقة للتعيينات أو تلك المتعلقة بالخطب الرنانة والمؤتمرات والندوات التي قامت بها الحكومات كلها و التي تصب في أن التوجه العام لدى كل حكومة تتولى السلطة يهدف الى التصحيح والخروج من نفق أزمة إعلامية رسمية لا تقل خطورتها عن أزمة هذه الحكومات في التعاطي مع الملفات الاخرى المتعلقة بالملفات الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية .
والواقع أن الملف الاعلامي الرسمي هو من أخطر الملفات التي على كل حكومة أن تتعاطى معه بصورة تجعل من الوسيلة الاعلامية الرسمية هي المرجع الأول لكل من يريد الحصول على معلومة ورأي شفاف بعيدا عن "التزويق " أو " استغباء" المواطن كما هو حاصل الان فيما تبثه قناة المملكة و الفضائية الاردنيه ( التلفزيون الأردني ) .
ونحن هنا إذ ندرك أن الحكومة الجديدة أرادت الاصلاح من خلال التغييرات في قيادة وسائل الاعلام الرسمي ، وندرك ايضا أن بعض الاشخاص قد عملوا بالاعلام الرسمي أو الخاص.. لكن هل هذا يكفي؟ اعتقد جازماً أنه قد غاب عن من قام بالتنسيب لرئيس الحكومة او للحكومة لتعيين بعض من كتب مقالاً ذات صدفة "مطبلا ومزمرا" او من "تحرش" بهذه الوسيلة الاعلامية او تلك ذات يوم ،أو من استخدم قلمه "مغازلا " هذا المسؤول أو ذاك في إطار التضليل الذي لا يعرف سواه، لم يدرس أن بعض المعينين لم يقدموا خلال عملهم الاعلامي أية بوادر تشير الى انهم يمتلكون المبادرة أو أنهم يمتلكون ناصية الحرفة أو الموهبة او أدوات الخبرة السياسية ، وهي عوامل لا بد من توفرها لمن يعمل بالاعلام بشكل عام أو من يريد أن يخطط له ويضع إستراتيجياته المستقبلية ..! كما لم يدرس "المنسب" قيمة وأهمية ما يكتبه هذا الشخص المتحرش بالاعلام أو تلك التي مرت عبر نافذة شاشة ذات يوم بسيط "غريب وعجيب"، الا اذا كان التطبيل والتزمير علامة النجاح في إمتحان وطنية مغشوش من اوله الى أخره كونه لا يعبر عن الحقيقة الواقعية لما يجري على مساحة الوطن ..!
نحن هنا لا نقلل من قيمة الشهادات التي يحملها هذا الشخص او ذاك وبالتاكيد لا نقلل من قيمة أو عمل من عمل في الاعلام بالرغم انه لم يبدع ويتميز ، بل ان جل ما نبحث عنه هو التغيير في أسس التعيينات حتى لو كانت بموقع مجلس إدارة أو بموقع اشرافي هنا أو هناك ، فالمطلوب هو أن يتم تعيين هذا الشخص او ذاك على أساس الابداع أولا و أولاً ....
إن اكبر هزائم وخيبات العالم العربي كانت بفضل الاعلام الرسمي .. وهدم الدول أو زوال حكوماتها كان بفضل الاعلام الرسمي الذي جعل المسؤول العربي يبحث عن سلطة لا عن وطن ، كما جعل منه يبحث عن موظفين لا عن رجال دولة ..! وبفضل هذا الاعلام تحولت دساتير الاوطان الى دساتير أشخاص ، فهدمت الدولة وتحول الشعب الى طوائف وقبائل وأرتفعت الهوية الفرعية فوق الهوية الوطنية، وهرب الناس من دولة الفرد الى دولة الفوضى بعد أن تكسرت أحلامهم بالوطن الجامع العادل .
الحكومة السابقة وفي إطار شعار إصلاح الاعلام الرسمي والاعلام بشكل عام عملت وفي أولِ إنتاجٍ لها للقَبضَ على الاعلام حين اتضح لها من قبل "منسب لتقرير " أن الاعلام هو مَصدرُ الاغواء السياسيّ وهو الذي يهزَّ استقرار البلدَ وينشر الشائعات ضِدَّ الحكومةِ مِن فوقِها الى " تحتِها " وإنَّ هذا الإعلامَ يُراود السياسيين عن أَنفسِهم ويَفُضُّ شفافيتَهم ويُعرقلُ خطَّ سيرِهم الإصلاحيّ، ما أدى الى تراكم الفشل ، ولعل ما جرى في موضوع الخطة الاعلامية الرسمية لمواجهة جائحة كورونا اقتصاديا واجتماعيا وطبيا مثال حي على فشل إدارة الملف الاعلامي الرسمي وعلى الفشل في مواجهة ما تعرض ويتعرض له الاردن من هجوم كاسح ماحق من قبل جهات خارجية،كما شهدنا فشل ذريع في التعاطي مع الاعلام الخاص ، وبالتالي الحكومة الحالية مطلوب منها تغيير النهج والآليات، وان تكون قاعدة بياناتها مستقاة من خبراء الاعلام الذين يتميزون بالشفافية والمصداقية وليس من أولئك "العابرون "على جانب رصيف الاعلام أو من "كتاب الرأي" او "الزوايا " الذين لم يمتهنوا الحرفة بل كانوا وما زالوا في غالبيتهم ممن يبحثون عن "التلميع " أو عن المكافآت المالية ، وبالتالي لا يمكن لهؤلاء أن يتم وضعهم في مقدمة قادة المؤسسات الاعلامية .
بإمكانِ البعض أن يَدفِنَ رأسَه في الإعلام الخاص او إعلام "الهواة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويحمله كل الموبقات التي حصلت وتحصل بالوطن ، لكن الحقيقة هي أنه لا يمكن لأي كان أن يخلي الحكومة ومِن مَن ينسبون بالتعيينات الاعلامية الرسمية للمواقع المتقدمة من المسؤولية عما جرى ويجري من تراجع متصاعد لوسائل الاعلام الرسمية وعجزها عن استقطاب المستمع أو المشاهد بالرغم من الاموال الطائلة التي تنفق عليها، ومن هنا نرى أن هناك حالة من الانفصام في إدارة ملف الاعلام الرسمي والاعلام بشكل عام بحيث نجد ان لا علاقة بين ما يتم التصريح عنه من إجراءات أو قرارات تهدف للتصحيح وبين التعيينات التي يتنطح لها بعض ممن لا يملكون الموهبة أو الابداع الاعلامي إضافة للخبرة في العمل الاعلامي المهني من" أساسه لرأسه"، فهل تعيد الحكومة دراسة اساسيات تعاطيها مع الاعلام وعلى وجه الخصوص الاعلام الرسمي..؟ ، أم أنها ستسير وفق آليات وخطط وبرامج الحكومات السابقة التي غيبت الحقيقة عن صانع القرار وعن المواطن الى أن وصلنا الى ما نحن عليه ألأن....
وللقصة بقية .......................