استبدال الأعداء!!
خيري منصور
جو 24 : ما يفوتنا من الأحداث المتسارعة هو تفاصيل قد تبدو عابرة، لكنها بالغة الدلالة من الناحيتين النفسية والاجتماعية، والمشهد المصري الذي أصبح جاذباً لكل الكاميرات بحيث توارت خلفه مشاهد أخرى لا تقل درامية يعج بمثل هذه التفاصيل، ومنها مثلاً أن فريقاً يستخدم الأناشيد الوطنية وأغاني ثورة يوليو التي كان فيها العدو هو الاستعمار والاحتلال في سياق آخر.
والفريق الآخر يستخدم الدعاء والرجاء ضد من يختلف معهم من أبناء جلدته وهذا ما يسمى في علم النفس تهجير شحنة الصراع.
فالآخر الخصم الآن ليس عدداً تاريخياً وتقليدياً إنه من صلب الوطن ذاته، ويذكرنا هذا باستخدام مصطلحات الاحتلال والتحرير للمرة الأولى خارج سياقها التاريخي والجغرافي وبالتحديد بعد احتلال العراق للكويت.
فقبل ذلك كانت كلمات من طراز الاحتلال والتحرير لا تحتاج لقرائن لتوضيحها لأنها تعني بالضرورة إسرائيل وما تقترفه من جرائم في فلسطين.
خطورة هذا التهجير لشحنة الصراع والعداء أنه يتسرب إلى اللاشعور الجمعي وبذلك يتم استبدال الأعداء وقلب قائمة الأولويات رأساً على عقب.
أناشيد ميدان التحرير مستمدة من الذاكرة الوطنية المصرية، سواء ما تعلق منها بثورة يوليو أو العدوان الثلاثي أو حرب اكتوبر، والدعوات والاستعانة بالمعتقدات -كما نسمعها في ميدان رابعة العدوية- لم تكن ذات يوم ضد الجيش المصري أو أي طرف وطني آخر.
ما يفوتنا في هذه المشاهد هو ما سيبقى ماكثاً في الذاكرة واللاوعي بخاصة لدى الأطفال الذين تتعرض تربيتهم الوطنية ووجدانهم القومي الى حالة من الاضطراب، بحيث لا يعود فك الاشتباك بين عدو حقيقي وآخر من صلب الوطن ممكناً.
وكالعادة فإن المسؤولين عن تلك الأخطاء بل الخطايا هم نخب وطنية سياسية استفحلت فيها البرغماتية، وأصبحت كل الوسائل والأساليب مشروعة إذا كانت قادرة على تحقيق أهداف ومصالح فئوية صغرى على حساب وطن.
إن العدو في الأناشيد الوطنية لأكثر من نصف قرن هو الاستعمار والاحتلال، وحين يجري استبدالهما فالأمر أشبه بتغيير وجهة فوهة البندقية.
والعدو الذي تكرّس صلوات الرجاء لتدميره ودحره هو أيضاً المستعمر والمحتل وليس فريقاً مختلفاً من داخل الوطن ذاته.
لقد حمل فيلم مصري ذات يوم عنواناً مثيراً هو «انتهبوا أيها السادة»، وكان موضوعه انتصار الجهل على العلم وتحكّم الزبالين بأساتذة الجامعات، وما يحدث الآن قد يكون أخطر من ذلك مما يستحق انتباهاً أكبر!!
الدستور
والفريق الآخر يستخدم الدعاء والرجاء ضد من يختلف معهم من أبناء جلدته وهذا ما يسمى في علم النفس تهجير شحنة الصراع.
فالآخر الخصم الآن ليس عدداً تاريخياً وتقليدياً إنه من صلب الوطن ذاته، ويذكرنا هذا باستخدام مصطلحات الاحتلال والتحرير للمرة الأولى خارج سياقها التاريخي والجغرافي وبالتحديد بعد احتلال العراق للكويت.
فقبل ذلك كانت كلمات من طراز الاحتلال والتحرير لا تحتاج لقرائن لتوضيحها لأنها تعني بالضرورة إسرائيل وما تقترفه من جرائم في فلسطين.
خطورة هذا التهجير لشحنة الصراع والعداء أنه يتسرب إلى اللاشعور الجمعي وبذلك يتم استبدال الأعداء وقلب قائمة الأولويات رأساً على عقب.
أناشيد ميدان التحرير مستمدة من الذاكرة الوطنية المصرية، سواء ما تعلق منها بثورة يوليو أو العدوان الثلاثي أو حرب اكتوبر، والدعوات والاستعانة بالمعتقدات -كما نسمعها في ميدان رابعة العدوية- لم تكن ذات يوم ضد الجيش المصري أو أي طرف وطني آخر.
ما يفوتنا في هذه المشاهد هو ما سيبقى ماكثاً في الذاكرة واللاوعي بخاصة لدى الأطفال الذين تتعرض تربيتهم الوطنية ووجدانهم القومي الى حالة من الاضطراب، بحيث لا يعود فك الاشتباك بين عدو حقيقي وآخر من صلب الوطن ممكناً.
وكالعادة فإن المسؤولين عن تلك الأخطاء بل الخطايا هم نخب وطنية سياسية استفحلت فيها البرغماتية، وأصبحت كل الوسائل والأساليب مشروعة إذا كانت قادرة على تحقيق أهداف ومصالح فئوية صغرى على حساب وطن.
إن العدو في الأناشيد الوطنية لأكثر من نصف قرن هو الاستعمار والاحتلال، وحين يجري استبدالهما فالأمر أشبه بتغيير وجهة فوهة البندقية.
والعدو الذي تكرّس صلوات الرجاء لتدميره ودحره هو أيضاً المستعمر والمحتل وليس فريقاً مختلفاً من داخل الوطن ذاته.
لقد حمل فيلم مصري ذات يوم عنواناً مثيراً هو «انتهبوا أيها السادة»، وكان موضوعه انتصار الجهل على العلم وتحكّم الزبالين بأساتذة الجامعات، وما يحدث الآن قد يكون أخطر من ذلك مما يستحق انتباهاً أكبر!!
الدستور