jo24_banner
jo24_banner

الظهور الاعلامي.. مطية للوصول للكرسي!!

حاتم الأزرعي
جو 24 :



تشكو وسائل الاعلام والاتصال الجماهيري ،باشكالها المختلفة ، مقروءة ومرئية ومسموعة، بشكل دائم وفي اغلب الاحيان ، من تجاهل المسؤوليين وعدم ردهم على اتصالات الصحفيين والاعلاميين .

وللحقيقة فإن من واجب هذه الوسائل ودورها ، لا بل مبرر وجودها بشكل رئيس ان تطرح على المسؤولين الأسئلة والاستفسارات التي تدور في خلد الناس حول عديد من القضايا التي تمس شؤون حياتهم .

ومن البدهيات والابجديات التي لا يختلف عليها اثنان ،القول ان من وظائف هذه الوسائل ، ان تحمل اسئلة الناس واستفساراتهم واستيضاحاتهم ،وتنقلها الى المسؤولين للحصول على اجابات تبعث الطمأنينة والسكينة والايمان في نفوس الناس وتعزز قناعتهم بأن هؤلاء المسؤولون يعملون من اجلهم ولخدمتهم .

وقبل الدخول في التفاصيل اود ان اثبت مسألتين : الاولى ان وسائل الاعلام والاتصال الجماهيري ، هي بحق وبلا منازع حلقة الوصل الاهم والاجدى والانفع والاقدر ،بين الناس والمسؤولين امامهم عن تسيير شؤون الحياة ،بما يعزز الكفاية الاقتصادية والاجتماعية والصحية .

اما المسألة الثانية ، ولا تقل اهمية عن الاولى ، فهي ان الدستور والقوانين الناظمة لمجمل حياتنا كفلت للناس الحق الابدي المطلق في المعرفة والعلم الاكيد بحقائق الامور وما يدور حولهم وفي مجتمعهم من احداث تؤثر مباشرة في حياتهم ،ايجابا وسلبا ، ومن اقدر من وسائل الاعلام على النهوض بنشر المعرفة وايصالها للناس بسرعة وشفافية ومصداقية وحيادية ؟! .

اسوق هذه المقدمة ، وإن طالت ، في إطار تداع حر للافكار، حركته واثارته على مدى ايام متتالية ، شكوى مرة من جو ٢٤ لعدم رد وزير الصحة وعدد من مسؤولي الوزارة المعنيين على اتصالات الموقع الاخباري الاهم للرد على تساؤلات وقضايا تهم الناس وتمس حياتهم الصحية .

وللحقيقة، فأنني اعتقد ان وزير الصحة يشكل نموذجا واضحا لتعاطي غالبية المسؤولين مع وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري وتجاوبهم معها قبل وبعد الجلوس على الكرسي وهو رمز المسؤولية .

منذ مدة غير قصيرة ، ولا سيما في ظل انتشار وباء كوفيد ١٩ (كورونا ) وتداعياته كان يلفت انتباهي الظهور الاعلامي للاشخاص وخاصة المرتبطين بصلة ما بهذا الوباء ،وتشكلت لدي قناعة راسخة بأن حالة المد والجزر ، في ظهور الاشخاص اعلاميا واختفائهم، ترتبط ارتباطا وثيقا بالكراسي الشاغرة .

نعم ، هذه حقيقة ، فكلما كان هناك موقعا وظيفيا شاغرا ،تبدأ وتيرة الظهور الاعلامي بالتصاعد ، ويأخذ هذا الظهور تسارعا صاروخيا، اذا كان الموقع الشاغر متقدما ويجلب منافع اكبر ، وينطبق ذلك على كرسي رئاسة الحكومة وجر (بضم الجيم ).

وادعو جو٢٤ لعدم المفاجأة والحيرة كون وزير الصحة خارج نطاق التغطية ، فهو بذلك ينسجم مع القاعدة الذهبية الرائجة والسائدة ،ولا يشذ عنها، شانه في ذلك شأن غالبية إن لم يكن جميع الحالمين والطامحين بالجلوس على كراسي المسؤولية .

ويستطيع من يشك في صدق هذه المقولة ان يسترجع بذاكرته، او من خلال فعل الجوجلة ، نسبة الى ( Google ) لقاءات الدكتور فراس الهواري وتصريحاته الاعلامية ، ولن يحتاج الى عناء ليدرك حجم ظهوره الاعلامي المكثف عندما كانت حقيبة الصحة شاغره ، وشح الظهور الاعلامي وندرته حد الغياب ،عندما امن الحقيبة وجلس على كرسي الوزارة !!.

ولست استهدف بحال من الاحوال شخص وزير الصحة الدكتور فراس الهواري ،الذي اكن له كل الاحترام والتقدير ،لكنني اشخص حالة الظهور الاعلامي ، وقاعدتها الذهبية التي تنسحب على الغالبية العظمى من الاشخاص الحالمين والطامحين للسلطة التي تمنحها الكراسي في بلد يحتفل بالمئوية الاولى ويدخل الثانية في غياب مؤسسية الدولة .

ومن يتابع المشهد ،ويشخص الحالة ، ويمعن النظر في مجريات الامور ، لن يفوته ان حالة الظهور الاعلامي المكثف السائدة اليوم ، ليست الا مطية للوصول إلى كرسي المسؤولية والمناصب العليا التي تشغر بالوفاة او التقاعد او الاستقالة او الاقالة .

ومن الجدير ذكره والتذكير به في هذا السياق ان الظهور الاعلامي يتناسب طرديا مع المنصب الشاغر ، فكلما كان الاخير متقدما تطلب ذلك ظهورا اعلاميا مكثفا زمانيا ومكانيا، عبر لقاءات وتصريحات في كل لحظة وعلى امتداد مساحات شاشات التلفزة واثير الإذاعات!!.

اما الظهور الاعلامي بعد الجلوس على الكرسي فينبغي ان يكون محسوبا بدقة ، خشية الوقوع في الخطأ ، وخسارة المنصب ، والقاعدة الذهبية هنا سكن تسلم ، وتطبق على ارض بالهروب من وسائل الإعلام والاتصال والغياب حد التلاشي ، وهو حال غالبية المسؤولين في دولتنا العتيدة !!.
 
تابعو الأردن 24 على google news