ملاحظات على الحدث الأردني
حاتم رشيد
جو 24 :
اولا: بدون اي مواربة انا كنت وما زلت مع تغيير بنيوي في النهج بما في ذلك ازاحة كل العناصر الفاسدة والعناصر المتسلقة غير الكفؤة التي تسللت عبر الواسطة والمحسوبية وشراء الولاء. بل اعادة النظر جذريا بالدستور بما يسمح بتحقيق متطلبات دولة عصرية ومجتمع مواطنة تستبعد اي ممارسات تمييزية على اسس ومعايير جهوية اقليمية دينية طائفية عشائرية عائلية.
ثانيا: ما حدث تعبير عن تطلع للاستحواذ على السلطة ويصعب على مواطن عادي مثلي ان يحدد تفاصيل ما جرى ولست مؤهلا لتصديق الرواية الرسمية بتفاصيلها. ووصفها بفتنة او انقلاب اما القول بوجود ازمة فهو صحيح وهي ازمة ذات جذور وممتدة زمنيا الى الوراء لسنوات عديدة.
ثالثا: الموقف السائد في الاردن يتسم بالسطحية وهو عاطفي محض. ورغم مزايا شخصية لمصلحة الامير حمزة الا ان رهان بقيمة الوطن ومستقبله لا يمكن ان تشتق من مجرد هذه المزايا الشخصية للامير الذي سيحتكم مرغما لتوازنات محلية وإقليمية ودولية مما يجعل البلد يدور في حلقة مفرغة.
المسألة اكثر صعوبة من رهان على شخصية من العائلة المالكة. التغيير المنشود ابعد واعمق. ويتطلب ضغط شعبي سلمي متصل ومنظم.
رابعا: التدخل الخارجي يمكن استنتاجه وبدون معلومات حيث يقود التحليل المجرد الى معرفة الاطراف الإقليمية العربية وغير العربية اضافة للدولية.
ليس لي معرفة شخصية بالسيد باسم عوض الله ولا اتبنى كل ما أشيع حوله كما أدرك خلفية البعض بالسحق المعنوي للرجل لكن الواضح ان السيد باسم هو شخصية عابرة للانظمة وللحدود وبالتالي فإن ممارسة او فعل ينسب اليه لا بد ان يرتبط بجهات خارجية. ومما يجدر ذكره تلك السذاجة العفوية والمقصودة أحيانا لرد الخراب العام الى هذا الرجل لوحده كما لوكان نابليون عصره في تجاهل واضح للقوى الطبقية الساندة له والتي تجعله لا يتجاوز وصف موظف بيروقراطي نافذ رغم الدور الهرقلي المنسوب اليه تغطية على اوزان ثقيلة وشرائح ما زالت تمارس دوره بغيابه.
خامسا: ردود فعل المحيط تدل على الاقل على تواطؤ معد له منذ فترة. لذا الاعلان الرسمي عن محاولة زعزعة الامن هو مسألة توقيت مقصود. يبدو ان الأجهزة الأمنية على علم بسياق ما يجري منذ شهور على الاقل وان الاعلان تم بعد ان تاكد النظام من سيطرته الكاملة على الوضع الامني.
سادسا: اطراف خارجية عديدة لا تشعر بارتياح للحكم الاردني ليس لاعتبارات قومية بل لاعتبارات تتعلق بالهيمنة والنفوذ والاستحواذ السياسي والاخضاع. وهناك خلفيات تاريخية تصب بنفس الاتجاه.
اسرائيل من جهتها معنية بتغيير يعفيها من تبعات القضية الفلسطينية ويسمح لها بتصدير أزمتها الوجودية باتجاه الاردن.
ملامح تحالف اقليمي عربي وغير عربي وبوضوح اسرائيلي واضحة حيث يقتضي هذا التحالف التخلص مما يبدو مجرد وصلة جغرافية يمثلها الاردن. امتصاص الحاجز الاردني يسمح بتجسيد اكثر صلابة للمنظومة الامنية التي اوضحتها صفقة القرن وقبلها مؤتمر وارسو.
صحيح ان النظام في الاردن متعاون مع مقتضيات اللعبة الإقليمية لكنه يحتفظ بهامش استقلالية لا تريده تلك الأطراف بالمطلق.
أخيراً: بتقديري فإن اي تغيير مدعوم من الخارج لن يكون في مصلحة الشعب الاردني بل على حسابه. والرهان على الخارج ومن الخارج هو مقامرة خطرة ومنزلق مدمر وهو عادة يعكس ويستثمر في ضعف القوى الوطنية داخل الوطن ونفاذ صبرها وانهيار ثقتها بنفسها. بالطبع هذا لا ينفي حضور محتمل لبعد تآمري في اي منعطف مغر لطرف خارجي.
الخلخلة التي وقعت في الاسبوعين المنصرمين بينت ان الاردن لم يعد بمواجهة عواقب تآكل دور ومفهوم الدولة وابرز تجلياتها فسادا واستبدادا. بل عليه صعودا من اللحظة ان يواجه ارادة وسعي اطراف خارجية لصياغة مستقبله بالضد من إرادته واظن ان مغزى ما حدث يصبح سطحيا اذا لم يدرك الشعب الاردني ان مصيره بات على المحك. هذه من اهم استنتاجات ما حدث.