2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الناس وسؤال المليارات الـ«17»

حسين الرواشدة
جو 24 : السؤال الذي يطرحه الناس اليوم وهم يستعدون لدفع استحقاقات ارتفاع الأسعار وينتظرون من الحكومة أن تجيب عنه، هو: أين ذهبت هذه المليارات الـ (17) التي سجلت كمديونية وكعجز في الموازنة ديناً في ذمة الاردنيين؟ هل أُنفقت على “البناء” أو على “الهدر”، على الأولويات الانتاجية أو على “البذخ” والمشروعات الوهمية، ثم لماذا حدث ذلك، وكيف؟ من هي الحكومات التي تورطت في استسهال أخذ القروض الخارجية والداخلية؟ ومن هم المسؤولون الذين روجوا لفكرة “اصرف ما في الجيب حتى يأتي ما في الغيب”، وبالمناسبة لماذا لم يصل من دعم “الغيب المنتظر” الاّ 17 مليوناً فقط.. ولماذا صمتت ثلاث حكومات على الأقل عن هذه “الكارثة” الاقتصادية.

الآن، نتذكر أننا خضعنا لأكثر من عشر سنوات لوصايا “البنك والصندوق الدولي”، وأننا تخرجنا – كما قال لنا المسؤولون آنذاك – بنجاح، وكان يفترض أن نتعلم من تجربة 89 وما بعدها من سنوات “عجاف” تحمل فيها المواطن أعباء “التصحيح” وشدّ أحزمته بانتظار الفرج، فهل كان ما حدث مجرد صدفة أو أنه فعل “قاتل” اقتصادي تعمد أن يدفعنا إلى الجدار؟

هذه هي المسألة الأهم التي يجب أن نناقشها، فالاقتراحات الحكومية التي تَمت لا تسدّ اكثر من (7%) من العجز، وهي مجرد رسالة للأصدقاء والأشقاء لاقراضنا المزيد أو مساعدتنا، لكن ماذا بعد؟ ولماذا صحونا فجاة على هذا الواقع المرير؟ أعتقد أن القضية أبعد بكثير مما يتصوره البعض وإلاّ لكان حلها قبل عامين – لا أكثر – ممكناً أو أفضل على الاقل من الآن، لكن يبدو أن ثمة استحقاقات سياسية جاء وقت سدادها، وأن ثمة “أيادي” خفية اشتغلت على الموضوع، وأننا بالتالي أمام “لعز” آخر، وجهه اقتصادي ولكن مفاعيله سياسية وأهدافه ملغومة وحباله محبوكة بطريقة خصصت تحديداً؛ لكي تلتف حول رقابنا وتخنق بلدنا وتدفعه إلى الجدار.

لا يكاد يصدق أحد بأننا انشغلنا طيلة السنوات الماضية بالصراع على السياسة، وبترحيل الحكومات واعادة تشكيلها، وباستمراء الدفع والانفاق والبذخ، وبكل ما يخطر إلى البال من حديث عن الانجازات، ثم “غرشنا” عن مديونية تتضاعف وتتصاعد أرقامها يومياً بالملايين، وعلى موازنات “وهمية” مليئة بالطلاسم، وعلى “خطر” محدق تحدث عنه مسؤولون عن “المالية” ثم صمتوا فجأة، ثم اكتشفنا بأن “المصيبة” وقعت وتجاوزت “السقوف” وبأن علينا ان نتحرك في “صيف ساخن” لجمع بضعة ملايين من جيوب الفقراء..

لكي نفهم كل ما حدث، وكيف حدث؛ يفترض ان نفتح ملفات الاقتصاد والمالية وأن نضع النقاط على الحروف “المعجمة”، ففي مرحلة الاستحقاقات الخطيرة يجب أن يعرف الناس الحقيقة لكي يشاركوا في الحل، ويتحملوا الأعباء، ويضحّوا بما لديهم من اموال من أجل أن يظل البلد واقفاً كريماً في وجه “قتلة” الاقتصاد والسياسة على حدًّ سواء.

كل ما يريده الناس الذين أذهلتهم “الصدمة” أن يروا من أوصلنا إلى هذه الحالة أمام موازين العدالة، وأن يقتنعوا بأن اخطاء الماضي لن تتكرر في المستقبل، وبأن مرحلة “البذخ” والشطارة بكل ما رافقها من فساد انتهت ولن تعود أبداً.

هل لدينا من الضمانات ما يكفي لتطمين الناس بإجابات مقنعة عن ما يطرحونه من أسئلة؟ لا أدري، ولكنني أكاد اختنق من الحزن والمرارة على بلدنا وادعو الله أن يحفظه من كل سوء.. وأن يجنبنا كيد “الفاسدين” والماكرين.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير