2024-09-02 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

جروح «اجتماعية» تحتاج الى مصالحات..!

حسين الرواشدة
جو 24 : م اكن اتصور ان عمق “الجرحات” الاجتماعية في مجتعنا وصل الى حدّ الاحساس “بالمظلومية” من قبل البعض لاعتبارات تتعلق “بالمنابت” والاصول، لكن قصصاً عديدة سمعتها في ايام العيد المنصرمة ايقظتني على صور مخجلة من التعامل المفزع الذي يمارسه بعض من تصوروا انهم بما وصلوا اليه من مواقع نفوذ قادرين على “العبث” في نسيجنا الاجتماعي والاستقواء على القانون وحقوق الناس ايضا.
صحيح ان ما يحدث على هذا الصعيد مجرد “ممارسات” فردية مرفوضة سياسيا واجتماعيا ولا تحظى بأي قبول لدى ابناء المجتمع الواحد الذي انصهرت روابطه الاجتماعية بعلاقات “النسب” والدم والمصاهرة، لكن الصحيح ايضا ان الظروف الداخلية وما حدث في محيطنا من تحولات ساعدت في ابراز حالة من “الانقسام” والابتعاد والشك المتبادل بين مكونات المجتمع وكان يمكن لعملية”الاصلاح السياسي” لو تمت بشكلها الصحيح وبمشاركة كافة الاطياف السياسية ان تساهم في تقليص فجوة عدم “الثقة” او في محاصرة حالة “القلق” وكسر “الانحيازات” الحادّة التي افرزتها الاستقطابات التي تشكلت على هامش “السياسة” وانعكست بالتالي على الحقل الاجتماعي، لكن ذلك –للأسف- لم يحدث مما غذّى “الانطباعات” بأن ثمة طرفين وموقفين واجندتين مع ان المسألة لا تبدو كذلك الا في اطار “مقاربات” النخب التي تبحث عن مصالحها، وهي بالتالي لا تعكس حقيقة “المجتمع” الذي وحّدته المصاهرات الاجتماعية فيما يريد هؤلاء ان “يفرغوه” بالمصاهرات السياسية التي ما تزال ممنوعة.
في غياب “العملية السياسية” الجادة التي يمكن ان تحافظ على حالة “التوافق” الاجتماعي وتختصر التنافس والتدافع –وحتى الانقسام- في ميدان السياسة وعليها فقط، وضمن اللعبة الديمقراطية التي تشكل “ضابطا” لحركة الفاعلين السياسيين تولدت “عملية اجتماعية” مشوهة واتخذت مسارات “انقسامية” تقوم على اساس الحذف والاقصاء، ووجدنا انفسنا امام خطرين: احدهما اعتمد منطق “البحث” عن هويات فرعية تحولت الى “ملاذات” آمنة على حساب التوافق على هوية “جمعية” تحت مظلة الدولة ومشروعها السياسي المفترض، والخطر الآخر اعتمد منطق “توظيف” هذا الطلاق الاجتماعي لخدمة اهداف سياسية آنية وشخصية سواء للهروب من استحقاقات الاصلاح وادامة الواقع كما هو او لتمرير “اجندات” تتعلق بالقضية الفلسطينية ومستجدات الاقليم المشتعل، او للحفاظ على “مناطق” النفوذ وعدم تمكين “الدولة” من بسط “هيبتها” على اساس احترام القانون والعدالة وحق المواطنة.
في ضوء ذلك يبدو اننا امام استحقاقين اساسيين لا يمكن تأجيلهما والهروب منهما: احدهما استحقاق اجتماعي سيتلزم القيام بمصالحات “مجتمعية” تتجاوز المألوف وتعتمد مبدأ “المواطنة” التشاركية وفق منهجيات قانونية تضع الجميع سواسية امام موازين العدالة السياسية والاجتماعية، وتطمئنهم على حاضرهم ومستقبلهم وتطوي صفحة “الشك” المتبادل والاستقواءات المغشوشة والتخويف المتعمد، اما الاستحقاق الآخر –وهو موازٍ- بالضرورة فينطلق من ضرورة بناء “مشروع سياسي” يدمج الفاعلين السياسيين في عملية سياسية “توافقية” ويحصر الصراع السلمي في اطاره السياسي ويمنع توظيف “الاختراقات” الاجتماعية في اغراض سياسية ويعيد “التوازن” للبنية الاجتماعية التي تضررت فعلا بسبب “المغامرات” السياسية ودفعت ثمن “الانسداد” السياسي والاقتصادي ايضا.
باختصار، اذا ما استثنينا حالة الصراع السياسي على اساس ثنائية الدولة والاخوان، وهي مفتعلة للأسف وتستبطن حالة من الصراع الاجتماعي لغايات التوظيف فان اختطاف “العملية السياسية” من بعض “النخب” التي تستميت في الدفاع عن مصالحها من خلال “تكريس الامر الواقع” قد فتح المجال واسعا امام بروز حالة “طلاق” اجتماعي مسكوت عنه، تمخضت عن اشكال من الاستقطاب والكراهية والاحساس بالمظلومية، وعن صور من “اللامبالاة” والعزوف عن المشاركة، وجراحات في الذات الجمعية انعكست على كثير من الممارسات التي تتعلق بقيم الانتماء والاندماج والاحساس بالرضا والالتزام بالقانون.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news