حياة منزوعة الشغف!
خيري منصور
جو 24 : ان لعبارة «الضارة النافعة» تجليات قد لا تخطر بالبال، منها مثلا ان تردي نمط الحياة والاختناق بسبب شحة الاكسجين الثقافي والاجتماعي في بلد ما يجعل المرء المتورط بهذه الحياة اقل خوفا من الموت فالحياة لمن يعيها على حقيقتها هي كل شيء. لهذا كان الكاتب سومرست موم يقول انه عاش تسعين عاما ولم يفهمها لكنه عاشها بعمق لحظة بلحظة، ذلك لانه لا يعرف سواها! ولم يحدث من قبل ان تحالفت الشرور كلها لجعل الاقامة في هذا العالم عقابا، فكل ما هو اصيل اصبح نادرا ومهددا بالانقراض بدءا من مواد الطبيعة ومحاصيلها، فالبدائل كلها صناعية وقد لا يدرك البعض ان ما يغطون به اجسادهم واقدامهم هو من سلالة سلال النفايات السوداء.
فقد تم انتهاك الطبيعة والبيئة حتى النخاع لهذا فهي تمارس انتقامها من الادمي العاق الذي بصق في الصحن الذي يأكل منه وافسد الماء والهواء حتى تحول كوكبنا الى زنزانة.
فهل من المعقول ان نلتهم هذه الاطعمة والاشربة والخضار والفاكهة ونحن ندرك بانها ملغومة وننتحر بها؟
قد يسارع البعض ممن برطعوا وتجشأوا للتو الى وصف هذا الكلام بانه سوداوي ويستخدمون المقولة المستعملة حتى الاهتراء وهي نصفا الزجاجة، فالنصف الممتلئ ليس ماء زلالا، انه دم او بكاء او عرق. لكن من علقوا بالحياة وعاشوها في مستوى الضرورة والغريزة لا شأن لهم بسؤالين هما الاهم في تاريخ الفكر البشري، سؤال الوجود وسؤال الحرية، فالوجود اختزال الى امعاء تسعى والحرية ايضا اختزلت في بعد سياسي بعد ان حذفت الابعاد الروحية والكيانية فالانسان الذي لا يعيش بالخبز وحده لا يعيش ايضا بحرية ذات بعد واحد، والارجح ان هذه الثقافة توجد في مكان اخر.
ان الحياة تفقد وهجها عندما يغيب عنها الشغف، وتصبح الايام رتيبة وكأنها يوم واحد بسبعة اسماء لهذا لا تعود عزيزة، وتلك هي الضارة النافعة في امكنة محرومة من البهجة، وكم كان مصيبا ذلك الشاعر الاسيوي الحكيم عندما قال باننا كبشر لا نملك القدرة على اطالة اعمارنا، لكن المتاح لنا هو تعميق اللحظة فثمة لحظات عمقها لا يتخطى القشرة مقابل لحظات تربطنا بالابدية.
ان من لم يشربوا من نهر الجنون او نهر الدم حتى الان عليهم ان يواصلوا التشبث بالجمرة حتى لو احالت اصابعهم الى رماد.
اما الذين ينعمون بما هم عليه وفيه فهنيئا لهم هذا النعيم، فالخراف التي تشتبك مع بعضها وتنزو على بعضها في الطابور امام المسلخ تستحق الشفقة لا الحسد!!
الدستور
فقد تم انتهاك الطبيعة والبيئة حتى النخاع لهذا فهي تمارس انتقامها من الادمي العاق الذي بصق في الصحن الذي يأكل منه وافسد الماء والهواء حتى تحول كوكبنا الى زنزانة.
فهل من المعقول ان نلتهم هذه الاطعمة والاشربة والخضار والفاكهة ونحن ندرك بانها ملغومة وننتحر بها؟
قد يسارع البعض ممن برطعوا وتجشأوا للتو الى وصف هذا الكلام بانه سوداوي ويستخدمون المقولة المستعملة حتى الاهتراء وهي نصفا الزجاجة، فالنصف الممتلئ ليس ماء زلالا، انه دم او بكاء او عرق. لكن من علقوا بالحياة وعاشوها في مستوى الضرورة والغريزة لا شأن لهم بسؤالين هما الاهم في تاريخ الفكر البشري، سؤال الوجود وسؤال الحرية، فالوجود اختزال الى امعاء تسعى والحرية ايضا اختزلت في بعد سياسي بعد ان حذفت الابعاد الروحية والكيانية فالانسان الذي لا يعيش بالخبز وحده لا يعيش ايضا بحرية ذات بعد واحد، والارجح ان هذه الثقافة توجد في مكان اخر.
ان الحياة تفقد وهجها عندما يغيب عنها الشغف، وتصبح الايام رتيبة وكأنها يوم واحد بسبعة اسماء لهذا لا تعود عزيزة، وتلك هي الضارة النافعة في امكنة محرومة من البهجة، وكم كان مصيبا ذلك الشاعر الاسيوي الحكيم عندما قال باننا كبشر لا نملك القدرة على اطالة اعمارنا، لكن المتاح لنا هو تعميق اللحظة فثمة لحظات عمقها لا يتخطى القشرة مقابل لحظات تربطنا بالابدية.
ان من لم يشربوا من نهر الجنون او نهر الدم حتى الان عليهم ان يواصلوا التشبث بالجمرة حتى لو احالت اصابعهم الى رماد.
اما الذين ينعمون بما هم عليه وفيه فهنيئا لهم هذا النعيم، فالخراف التي تشتبك مع بعضها وتنزو على بعضها في الطابور امام المسلخ تستحق الشفقة لا الحسد!!
الدستور