jo24_banner
jo24_banner

اكتشاف ديار النبي لوط..السعادة المفقودة !!

حاتم الأزرعي
جو 24 :
أعلن خبراء أردنيون خلال ورشة علمية ثقافية اقامتها جمعية أدلاء السياح، بالتعاون مع الجامعة الهاشمية وجامعة آل البيت وملتقى المزرعة الثقافي بالأغوار الجنوبية، واتحاد الكتاب والأدباء، وعدد من المؤسسات الحكومية والخاصة، ومنظمات المجتمع المدني، عن اكتمال اكتشاف ديار النبي لوط في منطقة الأغوار الجنوبية جنوب الاردن .
ويظهر اشهار هذا الإنجاز والجهات الوطنية المشاركة ذات الاختصاصات المختلفة ، حجم الجهد الكبير المبذول على مدى سنوات ، لاثبات الاكتشاف بالادلة والبراهين والأصول المهنية العلمية المادية الراسخة والمقرة على صعيد علم الآثار والتنقيبات الأثرية والانثروبولوجيا والعلوم الأخرى ذات الصلة .
ومما لا شك فيه ان هذا الاكتشاف الهام يشكل اضافة نوعية ، يفترض ان تنعكس ايجابا على خارطة السياحة المحلية والعالمية ،اذ يشكل الاكتشاف وجهة سياحية جديدة ، من المؤمل ان تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الاغوار الجنوبية ، وما احوجها الى ذلك ،وهي التي تعاني أوضاعا اقل ما يقال انها مزرية لا تليق بأهلها الكرام الطيبين .
وللحقيقة، غمرتني سعادة بالغة بهذا الاكتشاف، تفوق أضعاف أضعاف سعادتي بزجاجة النفط المهداة الى دولة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة ،ايذانا بدخول الاردن قائمة الدول المنتجة للنفط وقريبا انشاءالله تبوء مكانة تنافسية متقدمة مع الدول المصدرة له ، وكيف لا تغمرني السعادة الغامرة بالاكتساف ومداخيل الدول من السياحة تفوق المداخيل من الذهب الأسود؟! .
لكن لي ذاكرة تميل الى التعاسة منها للسعادة ، فهي تحرك في نفسي المكلومة كل قصص الفشل الحكومي في اقتناص الفرص واستثمارها، وقدرتها الابداعية في اضاعتها وهدرها ، وجعلها هباء منثورا ، وتحاصرني تعاسة الذاكرة ،او لأقل ذاكرة التعاسة ،كلما تعلق الأمر في شؤون السياحة المرتبطة ارتباطا وثيقا بالاثار .
وما ان أنهيت قراءة الخبر السعيد ،بزف بشرى الاكتشاف الجديد ،حتى تداعت في الذاكرة ، صور اثارنا القائمة المنسية بالاهمال الرسمي ،وتلك التي عثر عليها بالصدفة المحضة، وربما لن يكون آخرها ما كشفت عنه حفريات الامانة في وسط البلد ،من آثار رومانية قيمة ، اعيد دفنها الى حين بعثها حية عند توفر المال اللازم لهذه الغاية ، ونسيتها الحكومة ونسيناها، لولا ذاكرة السوء ،التي تلازمنا ،كلما دق الكوز في جرة الحكومة .
ومن يستطع أن يمحي من الذاكرة الجمعية للاردنيين آثارهم في الخارج التي هربت أو سرقت أو اهديت ، وظهر منها في مزادات عالمية ، ويقبع بعضها في غربة قصرية خارج موطنها بعيدا عن أهلها الشرعيين في المتاحف البريطانية والألمانية والأميركية والاسترالية ، ولم تسع الحكومات المتعاقبة لاستعادتها، وإن فعلت فعلى استحياء وبخجل يندى له الجبين .
وإن ننسى، فهل ننسى أن عدد المواقع الأثرية المسجلة رسميا بلغ (١٥) ألف موقع، وان عدد القطع الأثرية المسجلة ( ٢٠٠) ألف قطعة، منها ( ٢٠٠٠) فقط معروض في المتاحف، والباقي الله اعلم بحاله ومصيره ، وأن هناك حوالي ( ٢٨٧٧) موقع تراثي متضرر ،لا يجد من يمد له يد العون والانقاذ .
اذا كان حال آثارنا الحالية على هذه الدرجة من الاهمال والضياع والغربة والتيه في عواصم العالم وبين يدي التجار والسارقين والمهربين، فهل نملك ان نتفاءل بالاكتشاف الجديد ،ونأمل خيرا يبث في نفوسنا سعادة تنزع التعاسة وتبددها ؟!.
في الذاكرة ما يشيع حالة اليأس والقنوط والتشاؤم ،وانعدام الثقة ،وأخشى ان ينضم اكتشاف ديار النبي لوط في منطقة الأغوار الجنوبية ، الى القائمة الرسمية للمواقع والقطع الأثرية المسجلة، في دفاتر الحكومة، والمنسية على أرض الواقع!!
ويبقى بصيص امل وبعض تفاؤل حذر مقموع وسؤال مشروع مشفوع برجاء ،هل تقلب الحكومة الطاولة على المتشائمين من أمثالي، وتغتنم الفرصة وتجعل من الاكتشاف نقطة ضوء وسط ظلام دامس ، أخفى معالمنا السياحية والاثرية وحرمنا خيرها ؟. اكون سعيدا إن فعلت الحكومة وقلبت الطاولة ،واثبتت ولو هذه المرة الجدية في ملف الآثار !!.
 
تابعو الأردن 24 على google news