jo24_banner
jo24_banner

الإبتزاز الإلكتروني .. المافيا الرقمية

د. ماجد الخواجا
جو 24 :


"الشخص الذي تحاوره وتتواصل خلف الشاشة قد يكون شخصا آخر تماما"

يتجه العالم منذ مطلع الألفية الثالثة نحو التحول الرقمي في مختلف الشؤون الحياتية. ونسمع دائما أن القانون الذي يتم وضعه، هو نفسه يضع كيفية الالتفاف عليه أو الانتفاع منه أو عدم الوقوع تحت سيفه.

منذ أن دخل وجداننا قبل عقولنا التكنولوجيا الرقمية التي غزت بيوتنا قاطبة، فلم تعد من مساحة على هذه الكرة الأرضية لم يصلها حبل وأثير وادي السليكون.

سأتناول بعضا من أشكال القرصنة والإبتزاز الإلكتروني الذي انتشر بشكل واسع مع انتشار التطبيقات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.

يمكن تصنيف الإبتزاز الإلكتروني بأنه نوع من البلطجة والإستقواء على الأفراد عبر التهديد أو الإغراء أو التحايل. ومن ذلك الإبتزاز الجنسي، المالي، حيث ساعدت الرقمنة ومواقعها على سهولة ممارسة هذا الفعل.

والحقيقة أنه بقدر ما يقع الجرم على المبتزين إلا أن الوقائع تشير إلى وجود دور لمن يتم ابتزازهم نتيجة قبولهم الأولي من خلال التواصل مع المبتز دون علمهم واعتقادهم أنهم يتواصلون مع أناس مثلهم خاصة ما يتعلق في موضوع التواصل الجنسي. إضافة للطمع من قبل الأفراد عبر إغرائهم بجني المال السهل.

يمكن تعريف "الابتزاز الإلكتروني" (Cyber-extortion) بأنه الحصول على مكاسب مادية أو معلومات من الأشخاص والشركات بالإكراه عن طريق التهديد بنشر أمور خاصة وبيانات سرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتتلخص معظم طلبات الإبتزاز الإلكتروني فيما يأتي :

1.دفع مبالغ مادية.
2.القيام باعمال غير مشروعة.
3.القيام باعمال منافية للاخلاق.
4.الافصاح عن معلومات سرية مؤسساتية او سياسية.

إن التكنولوجيا الرقمية وظفت في مجالات خبيثة متنوعة منها عمليات الاستدراج والإغراء الإلكتروني ليتم بعدها جمع معلومات كالصور والفيديوهات التي تحوي ممارسات غير أخلاقية، يتم من خلالها بث الرعب والخوف من العار والفضيحة في نفس الضحية، يستهدف فيها المجرمون الضحية عبر منصات وشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة من خلال الانتقاء والتعرف على هوية الضحية، وقد ازدادت الظاهرة خلال فترة التباعد الاجتماعي التي أوجبت على الكثيرين المكوث في المنزل والتعامل مع الأجهزة الالكترونية بصورة مكثفة، ما جعل تلك العصابات تتمكن من صيد فرائسها واستغلال وجودها المستمر بفضل الجائحة، وعلى الرغم من دراية الضحية بالأبعاد والتبعات غير الأخلاقية، إلا أن فكرة الهوية الرقمية من منظور الغالبية العظمى تعد هوية افتراضية لا واقعية، وأن الممارسات التي تتم في العالم السيبراني من خلال الهويات الافتراضية هي ممارسات افتراضية أيضاً، لا يمكنها أن تنتقل أو تؤثر في الأفراد في العالم الواقعي. وهنا مكمن الخطورة التي استطاع من خلالها أن ينفذ المبتزون إلى عالم وخصوصيات الأفراد.

كم هي الحالات التي وقعت ضحية الابتزاز السيبراني من الذوات الذين لهم اعتبارية اجتماعية ومكانة وظيفية راقية وعمر متقدم في السن. والابتزاز الالكتروني لي باتجاه واحد وإنما يأخذ شكلا أخطبوطيا بحيث تصبح الضحية فيه هنا المجرم هناك، كأن ترضخ الفتاة للقيام بعمليات الابتزاز لفتيات أخريات تحت طائلة التهديد، أو يقوم شاب باستدراج غيره من معارفه وأصدقائه في سبيل عدم فضحه ونشر المواد أو الصور الخاصة به.

كما أن الابتزاز ليس مقصورا على أعمار محددة أو مستويات اجتماعية أو نوع اجتماعي، فهو عابر لكل تلك الاعتبارات وللحدود وللدول وللسيادة وللجغرافيا واللون والعرق والمعتقد والقبيلة وغيرها.

تتنوع الغايات للإبتزاز الإلكتروني والتي منها بشكل رئيس وكبير:

1-الهدف المادي: وهو هدف رئيس يتم فيه تهديد الفرد بأن يدفع أموالا في سبيل عدم نشر ما لدى المبتز.
2-الهدف الجنسي : وهو الشائع بين الشباب بشكل كبير والذي يتم فيه التمادي بالطلبات الجنسية من الطرف الضحية بحيث يصل في حال الرضوخ إلى مرحلة الاستسلام التام لأية طلبات وربما يصبح جزءا من شبكة المبتزين مثل عصابات البغاء الإلكتروني.
3-الهدف السياسي : وفيه يكون الضحية له منصب وموقع واعتبارية اجتماعية هامة، فيتم التهديد بالنشر لمعلومات أو صور أو أفلام في حال عدم الرضوخ للمطالب.
4-الهدف الثأري أو الانتقامي، والذي عادة ما يرتبط بوجود رغبة لدى الطرف المبتز بالإنتقام من الطرف الآخر كأن ينتقم شاب من فتاة هجرته أو تزوجت أو لم تعد تحبه والعكس كذلك.

ينبغي لكل من يجد نفسه ضحية ابتزاز إلكتروني محاولة الأخذ بالتوجيهات الآتية:

1- عدم الرد أو التجاوب مع الشخص المبتز، أو إقناعه بعدم نشر الصور، أو الفيديو ، فقد يشعر أنك خائف فيتمادى في مطالبه، وقد يجد لهجتك عنيفة معه فينفذ تهديده على الفور.
2-عدم الاستجابة لطلبه أبدا، سواء بدفع المال، أو منحه معلومات بطاقتك البنكية، لأن استجابتك في المرة الأولى ستشجعه على طلب المزيد من المال، أو مزيد من الصور والفيديوهات.
3-عدم مسح المحتوى الذي يتم ابتزازك به، مهما كنت قلقا منه أو تشعر بالخجل من ظهوره للعلن، ولا رسائل التهديد، لأنك بذلك تحذف دليلاً ضد إدانة المبتز، وتجعل الصور والفيديوهات بحوزته هو فقط.
4-حظر (Block) الشخص المبتز من متابعة حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، وتغيير كافة كلمات المرور الخاصة بحساباتك وبريدك الإلكتروني.
5-لا تكون بمفردك، ومن الأفضل أن تخبر شخصاً موثوقاً به بما حدث معك، ليقدم لك الدعم النفسي، حتى تتجاوز هذه المحنة.
6-لا تتردد في الاتصال بالجهات المعنية بالأمر، وهي هنا إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، الموجودة بكافة الدول، فهي الجهة الأقدر والأسرع في التعامل مع مثل هذه الجرائم، ومن ثم توجيه اتهام رسمي للشخص المبتز.

أما طرق الوقاية الواجب الأخذ بها كيلا يقع الفرد ضحية الابتزاز الالكتروني فتتمثل في:

1-عدم الرضوخ للابتزاز.
2-عدم إرسال أي مبالغ مالية تحت أي تهديد مباشر
3-احذر من مواقع وتطبيقات التعارف، فغالباً ما تكون بداية اصطياد الضحايا.
4-تجنب قبول طلب الصداقة من قبل أشخاص غير معروفين .
5-عدم الرد والتجاوب على أي محادثة ترد من مصدر غير معروف.
6-تجنب مشاركة معلوماتك الشخصية حتى مع أصدقائك في فضاء الإنترنت (أصدقاء المراسلات).
7-رفض طلبات إقامة محادثات الفيديو مع أي شخص، ما لم تكن تربطك به صلة وثيقة.
8-لا تنجذب للصور الجميلة والمغرية، وتأكد من شخصية المرسل.
9-عدم التواصل مع الشخص المبتز، حتى عند التعرض للضغوطات الشديدة.
10-عدم تحويل أي مبالغ مالية، أو الإفصاح عن رقم بطاقة البنك.
11- تجنب المشادات مع المبتز وعدم تهديده بالشرطة، وقم بالإبلاغ عند وقوع الحادثة مباشرة لدى الجهات المختصة.

قد لا تكون الضحية حتى الآن .. فإياك أن تكون الضحية القادمة .


 
تابعو الأردن 24 على google news