بعد ثلاث ساعات حوار .. الإخوان حائرون!
حسين الرواشدة
جو 24 : آسف اذا قلت بانه لا يوجد لدى “الحركة الإسلامية” في بلادنا اي جديد، على الأقل هذا ما سمعته او فهمته بعد جلسة حوار لأكثر من ثلاث ساعات شارك فيه نحو 10 من زملائنا الصحفيين مع عدة قيادات اسلامية.
نجح “الاخوان” بالطبع في “استخلاص” ما نفكر به، وفي استقراء ما لدينا من آراء وانطباعات حول المشهد السياسي في الداخل وفي عالمنا العربي، وشعرت –وربما البعض- ان ثمة اعتبارات مفهومة تدفع الاسلاميين لقليل من الكلام والاكتفاء “بالانصات” لما يفكر به الاخرون، سواء تجاه نقد تجربتهم ومواقفهم مع “الاصلاح” ومشروعه المعطل، او تجاه علاقتهم مع “الفاعلين” السياسيين من المتعاطفين معهم وخصومهم، او تجاه الاشتباكات التي ولّدتها التحولات السياسية في عالمنا العربي واصدائها في بلدنا.
هذه الاعتبارات –في تقديري- تحمل اكثر من دلالة، منها ان ثمة شعورا عاما بالقلق من حالة “المراوحة” التي استقر فيها مشروع الاسلام وما افضت اليه من انسدادات سياسية يُخشى ان تتحول بفعل “الازمة” الاقتصادية الراهنة الى انفجارات، وهذا شعور مفهوم يتشارك فيه الاسلاميون مع اغلبية المجتمع، ومن الدلالات احساس “الحركة” بان الازمة اصبحت اكبر منهم، وبالتالي اكبر من أن يواجهوها وحدهم، واعتقد ان هذا الاحساس ما زال احساسا فقط، وكما فهمت، فانه ولّد ما يشبه “العجز” او إنْ شئت “الحيرة” لديهم، سواء في التعامل مع الازمة او اجتراح آليات جديدة للمساهمة في حلها، ومع انني اتمنى ان اكون مخطئا الا ان ما سمعناه يثبت ان “الرهان” على قدرة “الاسلاميين” في قيادة “شارع الاصلاح” (وهم بالمناسبة يرفضون ذلك” يبدو رهانا غير دقيق، لكي لا اقول: رهانا خاسرا، كما يثبت ان دفعهم الى “الانكفاء” سيترك فراغا كبيرا، لا يمكن ان يملأه الا طرفان: خصوم الاصلاح والمستفيدون من بقاء الوضع على حاله او فاعلون جدد غير معروفين، وغير منظمين، وبالتالي لا يمكن التنبؤ بهم او الحوار معهم او استيعابهم.
اذن، بقاء “الاسلاميين” في الشارع جزء من المشكلة وجزء من الحل ايضا كيف؟ اذا استمروا في حراكهم كما هو عليه بلا اي تجديد او تطوير وبلا مبادرات وتنسيق مع القوى القديمة والجديدة فانهم يمنحون “خصوم الاصلاح” فرصة لشراء المزيد من الوقت، واقناع الناس بالانقضاض على الاصلاح، وهذه مشكلة، واذا “انكفؤوا” او “انصرفوا راشدين” –وهذا غير متوقع- فهي مشكلة ايضا، لكن الحل له عنوان واحد وهو ان يحسموا موقفهم نهائيا من “الإصلاح” بكافة ملفاته، والحسم يستدعي تجاوز امتحان النظر الى امتحان العمل، بمعنى ان ما يُقدم في “الميدان” هو ما يقنع الناس لان الناس ليس لديها وقت لتقرأ وانما تريد ان ترى بعينيها وهو امتحان اعتقد ان الاخوان لم ينجحوا فيه بعد.
والسؤال: هل “الاخوان” امام ازمة خيارات؟ ربما، لكن الثابت لديهم انهم يرفضون تماما اي سيناريو يقود الى الفوضى، كما يرفضون اي “تغيير” في قواعد علاقتهم مع النظام السياسي، وحتى لو فهم “التصعيد” في بيانهم الاخير باتجاه “تحول” ما، فان هذا الفهم يبدو مستعجلا، واعتقد ان ذلك بالنسبة لخطاب الاخوان نوع من “التكتيك” او ان شئت “التلويح” السياسي فقط.
قلت في البداية: لا يوجد في خطاب الاخوان العلني –على الاقل- اي جديد؟ (لا تسألني بالطبع عن النوايا فأنا لا اعرفها) لا فيما يتعلق بحراكهم في الشارع ولا بعلاقتهم مع الاطراف الاخرى ومع النظام السياسي (دعك من الخطاب الموجه للحكومات والمؤسسات الاخرى) ولا فيما يتعلق “بالازمات” السياسية والاقتصادية ونوازلهما المتوقعة، واخشى ان اقول بانهم يراهنون على خيارات الناس او ينتظرون ما سيأتي من مستجدات وهذه مشكلة لا يتحمل مسؤوليتها الاخوان وحدهم.. وانما نحن ايضا.
هل اقول معهم حق لان اوضاعنا تبدو ملتبسة ومعقدة اكثر مما يتصور البعض؟ او لأن الطريق المسدود الذي وصلنا اليه يحتاج في التعامل معه الى “منطق” اخلاقي اكثر مما يحتاج لمنطق السياسة بحساباتها المختلفة او لأنهم لا يريدون ان يتحملوا “ثمن” اي خطأ سياسي يمكن ان يفاجئنا في اي لحظة؟ لا ادري، ولكنني اعتقد بأننا نخطىء اذا ما وضعناهم خارج حساباتنا، او اذا قرأنا “الشارع” من خلال “حراكهم” فقط، او اذا ما فهمنا “حيرتهم” وربما ازمتهم في تجاه اخر يجعلنا مطمئنين الى “طي” صفحة الاصلاح والنوم في العسل.
اذا اردنا ان نفهم حيرة “الاخوان لا بد ان نفهم قبل ذلك “حيرة” الناس لانها “ملغومة” واخطر من حيرة النخب مهما تكون حساباتهم السياسية.
الدستور
نجح “الاخوان” بالطبع في “استخلاص” ما نفكر به، وفي استقراء ما لدينا من آراء وانطباعات حول المشهد السياسي في الداخل وفي عالمنا العربي، وشعرت –وربما البعض- ان ثمة اعتبارات مفهومة تدفع الاسلاميين لقليل من الكلام والاكتفاء “بالانصات” لما يفكر به الاخرون، سواء تجاه نقد تجربتهم ومواقفهم مع “الاصلاح” ومشروعه المعطل، او تجاه علاقتهم مع “الفاعلين” السياسيين من المتعاطفين معهم وخصومهم، او تجاه الاشتباكات التي ولّدتها التحولات السياسية في عالمنا العربي واصدائها في بلدنا.
هذه الاعتبارات –في تقديري- تحمل اكثر من دلالة، منها ان ثمة شعورا عاما بالقلق من حالة “المراوحة” التي استقر فيها مشروع الاسلام وما افضت اليه من انسدادات سياسية يُخشى ان تتحول بفعل “الازمة” الاقتصادية الراهنة الى انفجارات، وهذا شعور مفهوم يتشارك فيه الاسلاميون مع اغلبية المجتمع، ومن الدلالات احساس “الحركة” بان الازمة اصبحت اكبر منهم، وبالتالي اكبر من أن يواجهوها وحدهم، واعتقد ان هذا الاحساس ما زال احساسا فقط، وكما فهمت، فانه ولّد ما يشبه “العجز” او إنْ شئت “الحيرة” لديهم، سواء في التعامل مع الازمة او اجتراح آليات جديدة للمساهمة في حلها، ومع انني اتمنى ان اكون مخطئا الا ان ما سمعناه يثبت ان “الرهان” على قدرة “الاسلاميين” في قيادة “شارع الاصلاح” (وهم بالمناسبة يرفضون ذلك” يبدو رهانا غير دقيق، لكي لا اقول: رهانا خاسرا، كما يثبت ان دفعهم الى “الانكفاء” سيترك فراغا كبيرا، لا يمكن ان يملأه الا طرفان: خصوم الاصلاح والمستفيدون من بقاء الوضع على حاله او فاعلون جدد غير معروفين، وغير منظمين، وبالتالي لا يمكن التنبؤ بهم او الحوار معهم او استيعابهم.
اذن، بقاء “الاسلاميين” في الشارع جزء من المشكلة وجزء من الحل ايضا كيف؟ اذا استمروا في حراكهم كما هو عليه بلا اي تجديد او تطوير وبلا مبادرات وتنسيق مع القوى القديمة والجديدة فانهم يمنحون “خصوم الاصلاح” فرصة لشراء المزيد من الوقت، واقناع الناس بالانقضاض على الاصلاح، وهذه مشكلة، واذا “انكفؤوا” او “انصرفوا راشدين” –وهذا غير متوقع- فهي مشكلة ايضا، لكن الحل له عنوان واحد وهو ان يحسموا موقفهم نهائيا من “الإصلاح” بكافة ملفاته، والحسم يستدعي تجاوز امتحان النظر الى امتحان العمل، بمعنى ان ما يُقدم في “الميدان” هو ما يقنع الناس لان الناس ليس لديها وقت لتقرأ وانما تريد ان ترى بعينيها وهو امتحان اعتقد ان الاخوان لم ينجحوا فيه بعد.
والسؤال: هل “الاخوان” امام ازمة خيارات؟ ربما، لكن الثابت لديهم انهم يرفضون تماما اي سيناريو يقود الى الفوضى، كما يرفضون اي “تغيير” في قواعد علاقتهم مع النظام السياسي، وحتى لو فهم “التصعيد” في بيانهم الاخير باتجاه “تحول” ما، فان هذا الفهم يبدو مستعجلا، واعتقد ان ذلك بالنسبة لخطاب الاخوان نوع من “التكتيك” او ان شئت “التلويح” السياسي فقط.
قلت في البداية: لا يوجد في خطاب الاخوان العلني –على الاقل- اي جديد؟ (لا تسألني بالطبع عن النوايا فأنا لا اعرفها) لا فيما يتعلق بحراكهم في الشارع ولا بعلاقتهم مع الاطراف الاخرى ومع النظام السياسي (دعك من الخطاب الموجه للحكومات والمؤسسات الاخرى) ولا فيما يتعلق “بالازمات” السياسية والاقتصادية ونوازلهما المتوقعة، واخشى ان اقول بانهم يراهنون على خيارات الناس او ينتظرون ما سيأتي من مستجدات وهذه مشكلة لا يتحمل مسؤوليتها الاخوان وحدهم.. وانما نحن ايضا.
هل اقول معهم حق لان اوضاعنا تبدو ملتبسة ومعقدة اكثر مما يتصور البعض؟ او لأن الطريق المسدود الذي وصلنا اليه يحتاج في التعامل معه الى “منطق” اخلاقي اكثر مما يحتاج لمنطق السياسة بحساباتها المختلفة او لأنهم لا يريدون ان يتحملوا “ثمن” اي خطأ سياسي يمكن ان يفاجئنا في اي لحظة؟ لا ادري، ولكنني اعتقد بأننا نخطىء اذا ما وضعناهم خارج حساباتنا، او اذا قرأنا “الشارع” من خلال “حراكهم” فقط، او اذا ما فهمنا “حيرتهم” وربما ازمتهم في تجاه اخر يجعلنا مطمئنين الى “طي” صفحة الاصلاح والنوم في العسل.
اذا اردنا ان نفهم حيرة “الاخوان لا بد ان نفهم قبل ذلك “حيرة” الناس لانها “ملغومة” واخطر من حيرة النخب مهما تكون حساباتهم السياسية.
الدستور