2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

كراديس العرب وفراديسهم!

خيري منصور
جو 24 : رغم أن المذيع المصري حذر أصحاب القلوب الضعيفة -كما سماهم- من مشاهدة ما جرى في أحد أقسام البوليس وهو قسم الكرداسة، إلا أن ذلك التحذير ضاعف من الفضول، حتى لدى من لا يطيقون رؤية الدم، ذبح وتمثيل بالأجساد وتلذذ سادي في الهتافات الشامتة مثل تلك المشاهد التي تصيب الإنسان بالقشعريرة لا تتيح لنا أن نتريث ولو قليلاً قبل الشعور بالغثيان والتقزز من سطوة الغرائز واندلاعها الوحشي.
فما من سبب يكفي لتبرير ذبح انسان لمجرد أنه محسوب على طرف ما، وهناك العديد من دول العالم أخرجت الموت من القانون، وذلك من خلال إلغاء عقوبة الإعدام، فكيف يمكن لبشر أو فرد أن ينفذ الإعدام بشخص ربما يراه للمرة الأولى، ولا يرى منه غير الزي الرسمي الذي يرتديه.
اننا الآن لسنا بصدد مقارنة الروايات والفيديوهات وترجيح واحدة على أخرى بفضل القرائن إن وجدت، لأن ما يغمرنا حتى النخاع إزاء تلك المشاهد سواء أكانت في كرداسة مصرية أو أي من كراديس العراق وغير ذلك من ضحايا عولمة الذبح شعور بخجل شديد من آدميتنا، فالحيوان لا يقتل إلا إذا جاع أو كان في نوبة دفاع عن بقائه، لكن الانسان هو الكائن الوحيد الذي يقتل من أجل القتل وينكل بالضحية لإشباع سادية بدائية ما من ايديولوجيا أو عقيدة أو تربية تبيح مثل هذه المجازر لأنها تتجاوز القوانين والشرائع وتعطي لمن يمارسها الحق المطلق في أن يكون الخصم والحكم.
إننا نصاب بالدهشة، لا إزاء تلك المشاهد فقط، بل إزاء الغياب المروّع للكوابح والروادع الأخلاقية، وكأن كل ما رسم وعزف وكتب وغنّي في التاريخ ذهب سدى، بحيث يعود الآدمي في دقيقة واحدة الى الكهف ويسيل لعابه على المزيد من رائحة الدم كأسماك القرش.
وأياً كان الفاعل أو نائب الفاعل في مثل هذه المذابح، فهو ليس من الجنس البشري حتى لو نطق وانتصبت قامته ليمشي على اثنتين وليس على أربع كراديس على امتداد هذه التضاريس الحمراء، والأنكى من ذلك هو انتظار المكافأة وكأن الكراديس في هذا الزمن العربي موعودة بالفراديس!
فأي تربويات وثقافة وإعداد نفسي أنتجت كل هذا العنف؟
ما نخشاه هو أن تدخل هذه المشاهد في باب المألوف السياسي واليومي بحيث لا يضطر مذيع إلى تحذير ذوي القلوب الضعيفة من مشاهدتها!
(الدستور)










تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير