رسائل إلى الاخوان: التوافق بدل المغالبة
حسين الرواشدة
جو 24 : تدفع مصر الآن، مثلما دفعت سوريا من قبل ثمن “المعاندة” السياسية بين اطراف الصراع في الحكم والمعارضة، والخاسر الاكبر هم “الاكثرية” من الناس الذين لا علاقة لهم – غالبا – بلعبة “المصارعة” من اجل النفوذ والسطلة.
ما الذي يمنعنا نحن من تجاوز هذه “المعضلة” والخروج من دائرة الفوضى الملبدة بالدم والغبار؟ لا شيء، بالطبع، سوى الاحساس “بشهوة” الانتصار والغلبة.
في اليومين المنصرفين استمعنا الى رسالتين من “القصر” احداهما في خطاب ألقاه الملك امام نحو (100) من العلماء الاعضاء في مؤسسة آل البيت، واشار فيه الى ان “الغلبة ليست جوهر الديمقراطية بل احساس الجميع بأنهم ممثلون، وان الديمقراطية ليست مجرد أرقام ونسب تستخدمها الاكثرية السياسية ضد الاقلية، والرسالة الاخرى اطلقها الامير غازي بن محمد في كلمته التي افتتح بها مؤتمر مؤسسة آل البيت، حيث تساءل عن معنى الديمقراطية والاكثرية والاجماع، مشيراً الى انه كلما وردت كلمة “اكثر” أو “اكثر الناس” في القرآن يليهما امر سيء “ولكن اكثركم للحق كارهون”، مضيفا الى انه لو تم حل مشكلة الاكثرية والاجماع لتجنبت أمتنا في الاعوام الثلاثة الماضية نصف مشاكلها، ومؤكداً ان الدولة تقوم وتنشأ في الغرب بالاجماع ثم تتبدل الحكومات والحكم بالاغلبية.
مضمون رسالة الملك هو الدعوة الى “التوافق” وقد فهمتهما في اطار حث الاسلاميين على القبول “بالمشاركة” والتخلي عن فكرة “المغالبة”، كما ان مضمون خطاب الامير غازي واسئلته حول الدولة الحديثة والديمقراطية والاسلام، والحكم الملكي الدستوري، والرأسمالية والاستهلاكية، يصب ايضا في هذا الاتجاه تماماً.
اتمنى – بالطبع – ان تصل مثل هذه الرسائل الى اخواننا في الحركة الاسلامية اولا، والى حراكاتنا الشعبية في الشارع، وان يفهموها ايضا في اطار التحولات التي جرت في عالمنا العربي، ذلك ان من الخطأ ان نتصور بأن بمقدور اي طرف سياسي – مهما كانت الاكثرية التي حاز عليها – ان ينتصر على الطرف الآخر، وهذا ما اكتشفنا في التجربة المصرية التي انتهت الى حالة “الانقسام” ثم تحولت الى صراع دموي للاسف.
من هنا فان الطريق الى “التوافق” عبر بوابة “المشتركات” التي تبعد شبح “الاقصاء” والتهميش، وتحد ايضا من “شهوة” الاستئثار واحتكار القرار، هي الخيار الاسلم لبلدنا في هذه المرحلة بالذات.
من المفترض ان يدرك الاسلاميون ان مرحلة “الاستقواء” على الدولة انتهت تماما، وان “تقمص” الحالة المصرية – مهما كانت الاسباب – لا يخدم مصلحة الجماعة، ولا يتناسب مع واقع الاردن وظروفه، كما ان من المفترض ان يدرك من لا يزال يعتقد بأن “اقصاء” الجماعة هو الحل، وبأن “شيطنتها” يخدم الدولة، بأن هذا الخيار غير صحيح ولا جدوى منه، وبالتالي فان “البوابة” التي فتحها الملك في اكثر من مناسبة، وآخرها، امس الاول، تتيح للاسلاميين اعادة النظر في مواقفهم، وفي تقديرهم للحالة السياسية، وفي جدوى بقائهم في الشارع، وفي الاصرار على ان “رزمة” المطالب التي ما زالوا متمسكين بها، كما انها تدفع “خصوم” الاخوان – او هكذا يجب – الى التعامل مع الاخوان كجزء من النسيج الاجتماعي والسياسي، وتشجيعهم على “المشاركة” والخروج من دائرة “الشعور بالاستهداف”.
فيما مضى كان الاخوان يبحثون عن “شراكة” وعن ضمانات تطمئنهم على جدية الدولة في الاصلاح، واعتقد ان لدينا ثلاثة اعتبارات يمكن ان نستند اليها في دعم هذا الاتجاه، احداها التجربة التي مرت بها مصر وضرورة الاستفادة منها فيما يتعلق بجدوى “التوافق” وعدم الاصرار على مسألة الاكثرية، وثانيهما ما اشار اليه الملك في خطابه الاخير حول اسقاط فكرة الغلبة والانحياز لفكرة “الديمقراطية” الممثلة للاغلبية، وثالثها مصلحة البلد التي تستوجب من كافة الاطراف السياسية “النزول من فوق” الشجرة، والتبصر في المصلحة العامة للدولة، والاستعداد لاستحقاقات خطيرة تمر بها المنطقة وتستوجب جبهة داخلية متماسكة، وتوافق سياسي حقيقي.
(الدستور)
ما الذي يمنعنا نحن من تجاوز هذه “المعضلة” والخروج من دائرة الفوضى الملبدة بالدم والغبار؟ لا شيء، بالطبع، سوى الاحساس “بشهوة” الانتصار والغلبة.
في اليومين المنصرفين استمعنا الى رسالتين من “القصر” احداهما في خطاب ألقاه الملك امام نحو (100) من العلماء الاعضاء في مؤسسة آل البيت، واشار فيه الى ان “الغلبة ليست جوهر الديمقراطية بل احساس الجميع بأنهم ممثلون، وان الديمقراطية ليست مجرد أرقام ونسب تستخدمها الاكثرية السياسية ضد الاقلية، والرسالة الاخرى اطلقها الامير غازي بن محمد في كلمته التي افتتح بها مؤتمر مؤسسة آل البيت، حيث تساءل عن معنى الديمقراطية والاكثرية والاجماع، مشيراً الى انه كلما وردت كلمة “اكثر” أو “اكثر الناس” في القرآن يليهما امر سيء “ولكن اكثركم للحق كارهون”، مضيفا الى انه لو تم حل مشكلة الاكثرية والاجماع لتجنبت أمتنا في الاعوام الثلاثة الماضية نصف مشاكلها، ومؤكداً ان الدولة تقوم وتنشأ في الغرب بالاجماع ثم تتبدل الحكومات والحكم بالاغلبية.
مضمون رسالة الملك هو الدعوة الى “التوافق” وقد فهمتهما في اطار حث الاسلاميين على القبول “بالمشاركة” والتخلي عن فكرة “المغالبة”، كما ان مضمون خطاب الامير غازي واسئلته حول الدولة الحديثة والديمقراطية والاسلام، والحكم الملكي الدستوري، والرأسمالية والاستهلاكية، يصب ايضا في هذا الاتجاه تماماً.
اتمنى – بالطبع – ان تصل مثل هذه الرسائل الى اخواننا في الحركة الاسلامية اولا، والى حراكاتنا الشعبية في الشارع، وان يفهموها ايضا في اطار التحولات التي جرت في عالمنا العربي، ذلك ان من الخطأ ان نتصور بأن بمقدور اي طرف سياسي – مهما كانت الاكثرية التي حاز عليها – ان ينتصر على الطرف الآخر، وهذا ما اكتشفنا في التجربة المصرية التي انتهت الى حالة “الانقسام” ثم تحولت الى صراع دموي للاسف.
من هنا فان الطريق الى “التوافق” عبر بوابة “المشتركات” التي تبعد شبح “الاقصاء” والتهميش، وتحد ايضا من “شهوة” الاستئثار واحتكار القرار، هي الخيار الاسلم لبلدنا في هذه المرحلة بالذات.
من المفترض ان يدرك الاسلاميون ان مرحلة “الاستقواء” على الدولة انتهت تماما، وان “تقمص” الحالة المصرية – مهما كانت الاسباب – لا يخدم مصلحة الجماعة، ولا يتناسب مع واقع الاردن وظروفه، كما ان من المفترض ان يدرك من لا يزال يعتقد بأن “اقصاء” الجماعة هو الحل، وبأن “شيطنتها” يخدم الدولة، بأن هذا الخيار غير صحيح ولا جدوى منه، وبالتالي فان “البوابة” التي فتحها الملك في اكثر من مناسبة، وآخرها، امس الاول، تتيح للاسلاميين اعادة النظر في مواقفهم، وفي تقديرهم للحالة السياسية، وفي جدوى بقائهم في الشارع، وفي الاصرار على ان “رزمة” المطالب التي ما زالوا متمسكين بها، كما انها تدفع “خصوم” الاخوان – او هكذا يجب – الى التعامل مع الاخوان كجزء من النسيج الاجتماعي والسياسي، وتشجيعهم على “المشاركة” والخروج من دائرة “الشعور بالاستهداف”.
فيما مضى كان الاخوان يبحثون عن “شراكة” وعن ضمانات تطمئنهم على جدية الدولة في الاصلاح، واعتقد ان لدينا ثلاثة اعتبارات يمكن ان نستند اليها في دعم هذا الاتجاه، احداها التجربة التي مرت بها مصر وضرورة الاستفادة منها فيما يتعلق بجدوى “التوافق” وعدم الاصرار على مسألة الاكثرية، وثانيهما ما اشار اليه الملك في خطابه الاخير حول اسقاط فكرة الغلبة والانحياز لفكرة “الديمقراطية” الممثلة للاغلبية، وثالثها مصلحة البلد التي تستوجب من كافة الاطراف السياسية “النزول من فوق” الشجرة، والتبصر في المصلحة العامة للدولة، والاستعداد لاستحقاقات خطيرة تمر بها المنطقة وتستوجب جبهة داخلية متماسكة، وتوافق سياسي حقيقي.
(الدستور)