jo24_banner
jo24_banner

يَدِهَا الْبَيْضَاء

خلود العجارمه
جو 24 :


مَرَّت سَنَةً وَأَنَا مَا زِلْت أَشْعَرَ بِذَلِكَ الدِّفْءَ فِي رَاحَةٍ يَدِهَا برغم مِنْ الْأَلَمِ الَّذِي كَانَ يُعْتَصَر قَلْبُهَا وَذَلِكَ الشُّعُور الَّذِي دَنَا مِنْهَا ليهمس فِي أُذُنِهَا بِأَن مَوْعِد الرَّحِيل قَدِ اقْتَرَبَ وَبِأَنّ وَالْأَوْقَات الَّتِي تعيشها مَا هِيَ إلَّا سَكَرَاتِ الْمَوْتِ فَفِي كُلِّ مَرَّةٍ كُنَّا نَلْتَقِي فِيهَا كَانَتْ تَمَسَّك بِيَدِي بِقُوَّة وَهِيَ تَنْظُرُ إلَيّ وتدعوا لِي بِالرِّضَا وَفِي قَلْبُهَا حُزْن عَمِيق وَهِي تُحَاوِل أَنْ تَقُولَ لِي بِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ لَهَا رَغْبَةٌ فِي الْعَيْشِ وَبِأَنّ رَغْبَتُهَا بِالْمَوْت كَانَتْ أَقْوَى بَعْدَمَا أَثْقَل مَرَضِهَا عَلَيْهَا وأشاد بِهَا وَبَكَت حُزْنًا وَأَسى سَأَلْت نَفْسِي فِي حِينِهَا هَلْ بَكَتْ أُمِّي شَوْقا لِلِقَاءِ الأَحِبَّةِ أَمْ كَانَ بُكَائِهَا احتجاجاً لِمَا فِي نَفْسِهَا مِنْ أَلَمٍ
وَوَضَعْت يَدِي فِي رَاحَةٍ كَفَّيْهَا وأخفيت عَنْهَا مَلامِح وَجْهِي بَعْدَ مَا فَاضَت أَعْيُنِنَا بِالدَّمْع ولملمت جروحي
ورحلت مُسْرِعًا إلَى حَيْثُ لَا أَدْرِي أَيْنَ تَرْمِي بِي أقدار الزَّمَن وَإِذ بِي أَسْمَع خَبَر مَوْتِهَا وَمَن هاتفها رَفِيقٌ دربها فِي
حُزْنُهَا وبكائها كَانَ أَوْفَى صَدِيق كَانَ لَا يُفَارِقُ يَدِهَا الَّتِي لَمْ تَقُصُّوا يَوْمًا عَلَى أَحَدٍ مِنَّا برغم مِن قَسْوَة الْحَيَاةُ الَّتِي رُسِمَت خُطُوطًا فِي كَفِّهَا لِيَحْكِي لَنَا كُلَّ خَطٍّ مِنْهَا حِكَايَة وَطَن عاشتها أُمِّي بِكُلّ تَفَاصِيلِهَا فَلَم أَسْمَعُهَا يَوْمًا تَشْكُوَا ظُلْمًا مِثْلَمَا نَسْمَعُ فِي زَمَنِنَا هَذَا الَّذِي كَثُرَتْ فِيهِ الشَّكْوَى والتذمر مِنْ قَهْرِ الْعَيْش والظلم الَّذِي ساد عَلَى جميع الْبَشَرِ
ولَم تَشْكُوَا يَوْمًا قسوة يَدِهَا الَّتِي زُرِعَت وحصدت وَحَمَلَت عَلَى أَكْتَافِهَا حُزْمَةٌ الْحَطَب وأشعلت النَّارِ فِي يَدِهَا من دون أن تطلب المعونة مِنْ أَحَدِ فكل حَجَرٍ مِنْ حِجَارَةِ بَيْتِهَا شاهد على طيبتها
وَحُسْن جِوَارِهَا لَا يَسْمَعُونَ صَوْتًا لَهَا فِي صَبْرَهَا لَا أذنَ سَمِعَتْ وَلَا عَيْنٍ رَأَتْ وَإِن الْعَيْشِ فِي قُرْبِهَا يَطِيب وفراقها جُرْحٍ لَا يَلْتَئِمُ فَمَا زِلْتُ أَعِيش غُصَّة ذَلِكَ الْيَوْمِ وَمَا زَالَ أَثَرُ زلزالها الَّذِي انْتَزَع رُوحًا مِنَّا يَصْدَع فِي قُلُوبِنَا إلَى الْيَوْمِ وَمَا عُدَّتْ مِنْ بَعْدِهَا أَرَى سِوَى عُيُونًا مِن حَوْلِي باكِياتٌ
 
عَلَى الْمَوْتِ فَبَكَيْتُ مَعَهُم
ودعوت لَهَا وَجَنَح اللَّيْل منسدل فَعَلَى فِرَاقِهَا لَمْ يَعُدْ يَقْوَى الْجَسَد
 
 
فِي ذِكْرَى وَفَاة أُمِّي مَازِلْت أبكيك يَا أُمِّي
وَهَل لِي سَبِيل غَيْر الْبُكَاء وَالدُّعَاء.
تابعو الأردن 24 على google news