إنه لجهاد نصرٌ أو استشهاد
خلود العجارمه
جو 24 :
منذ أن خط الله للإنسان مساره على هذه الأرض لم يكن له إلا أن يمر بين طريقين طريق يرفعه نحو السماء وطريق يغرقه في وحل الدنيا ومنذ تلك اللحظة والحق والباطل يتعاقبان على المشهد غير أن النور لا ينطفئ مهما طال الليل ولا يخذل الله من صدق الوعد ووفى بالعهد
في غزة تكتمل الحكاية في صورتها الأبهى أرض صغيرة لكنها أوسع من الدنيا كلها أرض محاصرة لكنها تعانق السماء بأرواح شهدائها تحمل أمانة الجهاد وتكتب بدمائها ملحمة الخلود لقد فهم أهلها أن الجوع لا يطعن العقيدة وأن الحصار لا يطفئ وهج الإيمان وأن الموت عند المؤمن حياة أخرى وأن الرحيل شهادة وأن النهاية جنة عرضها السماوات والأرض
يا صوت الإيمان والنصر يا صاحب الكوفية الحمراء ما كنت صورة عابرة ولا خبرا يمر في العناوين بل كنت النداء الذي أيقظ الغافلين كنت الشرارة التي أيقظت البركان وأوقدت في القلوب جذوة اليقين
إن الأمر كله بيد الله يورث الأرض من يشاء من عباده يرفع أقواما ويضع آخرين يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ضحك الساخرون من قبل وقالوا كيف يصمدون وهم جياع وكيف يحكمون وهم محاصرون لكنهم غفلوا عن وعد رسول أمين بشّر بانتشار دين الله ولو كره الكافرون
يا فارس الخيل والرباط يا صهوة الجواد الذي فك القيود ودّك الحصون من الباطل لقد دفعت الضريبة مبكرا وسرت على طريق الخلافة يوم أعرض الناس عن الطريق وثبت حين تاه الطغاة في البلاد فما جنوا إلا الخزي والعار
وفي الأزقة الضيقة يولد صبر آخر صبر لا يراه إلا من عاشه صبر أمهات زغردن عند وداع الشهداء فسلمن فلذات الأكباد لرحمة الله بقلوب راضية صبر أطفال ناموا بين الركام واستيقظوا على بريق لا يخبو في العيون وإرادة لا تنكسر صبر رسم على الوجوه الصغيرة ملامح الرجال وعلّم الدنيا أن النصر يولد من رحم الألم وأن الجنة تتزين بأهلها
وهكذا يمضي الطريق طريق من نور يشق عتمة الليل ويضيء للأمة مسارها ويرسم فجرا قريبا ويترك في القلوب يقينًا أن الدم لا يضيع هدرا وأن الله لا يخلف الميعاد .








