الأردن وسط محيط ملتهب : تقدير موقف!
حسين الرواشدة
جو 24 : الحرائق التي تشتعل في المنطقة، تحتل اهتمامات الاردنيين وتشغلهم، فما يحدث في سوريا – بعد الكيماوي في الغوطة – يفتح الباب واسعا أمام سيناريو التدخل العسكري الخارجي، ويدفع الجميع الى انتظار “حرب” اقليمية لا أحد يعرف مساراتها ولا نتائجها، لكنها ستؤثر على المحيط كله، وما يحدث في مصر من حالة “انقسام” واحتقان يثير – ايضا – هواجس الاردنيين الذين فاجأتهم محاولات الأطراف السياسية الفاعلة “تقمص” هذا الانقسام والتعامل معه وكأنه مشكلة داخلية.. أضف لذلك حمى الانفجارات التي يشهدها لبنان، وهي بالتأكيد امتداد “لمخاضات” الصراع الدائر في سوريا، بعد أن اصبح حزب الله جزءاً من المعركة هناك.
السياق الآخر الذي تجري فيه اهتمامات الأردنيين فهو ما جرى من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية على صعيد الشأن المحلي، وهذا بالطبع يشكل اولوية بالنسبة للاردنيين، فبعد أكثر من عامين ونصف ورغم تغيير خمس حكومات ما يزال ثمة احساس لدى معظم المواطنين بأن “احوالهم” لم تتغير، ولا يتعلق مثل هذا التشخيص – فقط – بالانقسام على مستوى القوى السياسية، أو “بالمعاندة” التي أصابت العملية السياسية وحشرتها في زاوية “الجمود” والرهانات غير الصحيحة، وانما – ايضا – بالانقسام على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، إذ أن المقررات الاقتصادية ساهمت بدرجة كبيرة في اثارة مخاوف وهواجس الناس، كما أن احداث العنف التي تصاعدت أثارت مخاوفهم ايضاً، واعتقد – هنا – ان اجتماع حالتي “الانقسام” على هذا المستويات العامة وتزامنها ايضا ولّد “مزاجاً” عاما من الاضطراب والارتباك والشعور بعدم اليقين، وافضى ايضاً الى حالة من “الجمود” والسكون والهدوء المغشوش، ومع انه من المفترض ان يبادر الفاعلون في ميدان السياسة الى استباق مآلات هذه الحالة بحلول ومعالجات واقعية تأخذ بعين الاعتبار الواقع المحلي واضطرابات المحيط، إلا أن الاكتفاء بالتشخيص السطحي والرهان على وهم “العافية” وعلى امكانية احتواء واستيعاب مثل هذه المخاوف والتعامل معها بمنطق الاستهانة أو بمنطق التأجيل أو بالتخويف من انعكاس احداث الاقليم على الداخل، لا يبدو انه سيمنحنا فرصة للتفكير العملي بالالتفات الى “ملفاتنا” الداخلية، ولا الى البحث الجاد عن وصفة “توافقية” تحسم الجدل حول القضايا المعلقة التي تجعل الناس “مطمئنين” الى صحة مساراتهم واختياراتهم وقدرتهم على الصمود ومواجهة الاستحقاقات الصعبة التي تلوح في الافق.
حتى الآن نجحت الدولة في مسألتين احداهما اقناع المواطن الاردني بأن الحفاظ على الامن والاستقرار هو الاولوية، وبأن عليه أن يتحمل العبء الاقتصادي والتدرج في الاصلاح السياسي و”التعقل” في فتح ملفات الفساد، لكي لا تتكرر لدينا نماذج “الصراعات” والتجارب التي مرّت بها بعض الدول المحيطة بنا، واستيعاب خطاب المعارضة – والاخوان تحديدا – وفي ادامة حالة من “التوازن” المؤقت بين المطالب والمقررات الرسمية ضمن اطار “الاسترضاء” أو “الردع” أو جدولة الحلول أو غيرها.
اخطأنا – بالطبع – في مواقع اخرى، واهمها ربط الاصلاح بما يحدث في الاقليم، وعدم ضبط “الايقاع” داخل المجتمع الذي تأثر بدعوات التحشيد واثارة اجواء الكراهية والانقسام، وقد استخدمت هذه احيانا ووظفت لاهداف سياسية لا تبدو “بريئة” كما اخطأت بعض أطراف المعارضة في “ادارة” الصراع السياسي، وفي تقدير الموقف وفي توقعاتها ورهاناتها على احداث الاقيلم، والاهم من ذلك كله في عدم قدرتها على ابراز “اجماع” وطني حول مشروع سياسي جاذب للاردنيين وملائم مع امكانيات البلد وحالته العامة.
الآن لا بد أن نفكر جدياً في مسألتين احداهما أن ما يحدث من حولنا يجب أن يدفعنا – كاضطرار لا كخيار – الى “التوافق” على صيغة للمشاركة، والى عدم “الاستثمار” في ازماتنا لأغراض سياسية خاصة، والى اعتبار “الاصلاح” الحقيقي أولوية تسبق كل “الملفات” الاخرى التي نراهن عليها، سواء أكانت فيما يحدث في مصر أو سوريا أو العراق – مع اهمية التعامل معها باستراتيجيات واضحة – أو فيما يتعلق بملف “فلسطين” وصراعنا مع اسرائيل.
أما المسألة الاخرى فهي أننا بحاجة قبل ذلك الى “ترطيب” الأجواء السياسية بحيث تتوقف عمليات الشحن الاعلامي لدى كافة الاطراف، ونبدأ بإجراء حوارات “استكشافية” لمعرفة ما يفكر به كل طرف، وتحديد معالم لخارطة طريق قابلة للتنفيذ على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”.
(الدستور)
السياق الآخر الذي تجري فيه اهتمامات الأردنيين فهو ما جرى من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية على صعيد الشأن المحلي، وهذا بالطبع يشكل اولوية بالنسبة للاردنيين، فبعد أكثر من عامين ونصف ورغم تغيير خمس حكومات ما يزال ثمة احساس لدى معظم المواطنين بأن “احوالهم” لم تتغير، ولا يتعلق مثل هذا التشخيص – فقط – بالانقسام على مستوى القوى السياسية، أو “بالمعاندة” التي أصابت العملية السياسية وحشرتها في زاوية “الجمود” والرهانات غير الصحيحة، وانما – ايضا – بالانقسام على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، إذ أن المقررات الاقتصادية ساهمت بدرجة كبيرة في اثارة مخاوف وهواجس الناس، كما أن احداث العنف التي تصاعدت أثارت مخاوفهم ايضاً، واعتقد – هنا – ان اجتماع حالتي “الانقسام” على هذا المستويات العامة وتزامنها ايضا ولّد “مزاجاً” عاما من الاضطراب والارتباك والشعور بعدم اليقين، وافضى ايضاً الى حالة من “الجمود” والسكون والهدوء المغشوش، ومع انه من المفترض ان يبادر الفاعلون في ميدان السياسة الى استباق مآلات هذه الحالة بحلول ومعالجات واقعية تأخذ بعين الاعتبار الواقع المحلي واضطرابات المحيط، إلا أن الاكتفاء بالتشخيص السطحي والرهان على وهم “العافية” وعلى امكانية احتواء واستيعاب مثل هذه المخاوف والتعامل معها بمنطق الاستهانة أو بمنطق التأجيل أو بالتخويف من انعكاس احداث الاقليم على الداخل، لا يبدو انه سيمنحنا فرصة للتفكير العملي بالالتفات الى “ملفاتنا” الداخلية، ولا الى البحث الجاد عن وصفة “توافقية” تحسم الجدل حول القضايا المعلقة التي تجعل الناس “مطمئنين” الى صحة مساراتهم واختياراتهم وقدرتهم على الصمود ومواجهة الاستحقاقات الصعبة التي تلوح في الافق.
حتى الآن نجحت الدولة في مسألتين احداهما اقناع المواطن الاردني بأن الحفاظ على الامن والاستقرار هو الاولوية، وبأن عليه أن يتحمل العبء الاقتصادي والتدرج في الاصلاح السياسي و”التعقل” في فتح ملفات الفساد، لكي لا تتكرر لدينا نماذج “الصراعات” والتجارب التي مرّت بها بعض الدول المحيطة بنا، واستيعاب خطاب المعارضة – والاخوان تحديدا – وفي ادامة حالة من “التوازن” المؤقت بين المطالب والمقررات الرسمية ضمن اطار “الاسترضاء” أو “الردع” أو جدولة الحلول أو غيرها.
اخطأنا – بالطبع – في مواقع اخرى، واهمها ربط الاصلاح بما يحدث في الاقليم، وعدم ضبط “الايقاع” داخل المجتمع الذي تأثر بدعوات التحشيد واثارة اجواء الكراهية والانقسام، وقد استخدمت هذه احيانا ووظفت لاهداف سياسية لا تبدو “بريئة” كما اخطأت بعض أطراف المعارضة في “ادارة” الصراع السياسي، وفي تقدير الموقف وفي توقعاتها ورهاناتها على احداث الاقيلم، والاهم من ذلك كله في عدم قدرتها على ابراز “اجماع” وطني حول مشروع سياسي جاذب للاردنيين وملائم مع امكانيات البلد وحالته العامة.
الآن لا بد أن نفكر جدياً في مسألتين احداهما أن ما يحدث من حولنا يجب أن يدفعنا – كاضطرار لا كخيار – الى “التوافق” على صيغة للمشاركة، والى عدم “الاستثمار” في ازماتنا لأغراض سياسية خاصة، والى اعتبار “الاصلاح” الحقيقي أولوية تسبق كل “الملفات” الاخرى التي نراهن عليها، سواء أكانت فيما يحدث في مصر أو سوريا أو العراق – مع اهمية التعامل معها باستراتيجيات واضحة – أو فيما يتعلق بملف “فلسطين” وصراعنا مع اسرائيل.
أما المسألة الاخرى فهي أننا بحاجة قبل ذلك الى “ترطيب” الأجواء السياسية بحيث تتوقف عمليات الشحن الاعلامي لدى كافة الاطراف، ونبدأ بإجراء حوارات “استكشافية” لمعرفة ما يفكر به كل طرف، وتحديد معالم لخارطة طريق قابلة للتنفيذ على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”.
(الدستور)