ترتيب البيت الداخلي وملف «الإسلاميين» على الطاولة!
من المتوقع ان تشهد الاسابيع القادمة عملية “ترتيب داخلي” للبيت الاردني، وحسب المعلومات المتوفرة فان “ماكينة” الدولة ستتحرك بسرعة لحسم بعض الملفات التي ما تزال معلقة، للخروج من حالة “الاسئلة” المعلقة، والقرارات المجمدة، الى حالة الاجابات الحاسمة، والتنفيذ العملي.
في هذا السياق يمكن الاشارة الى ان ثمة “ارادة” جادة لفتح ملف “الاصلاح” والتقدم به خطوات الى الامام “لترطيب الاجواء” السياسية ومحاولة التوصل الى “توافقات” سياسية مع كافة الاطراف، وفي مقدمتهم “الاخوان المسلمون”، واذا ما اقتنعت الجماعة بهذه العروض واستقبلت ما وصلها من رسائل فان الطريق سيكون مفتوحا أمام ابرام “تفاهمات” حقيقية لاحداث تغيير في قواعد اللعبة السياسية وادماجهم فيها.
بالتزامن من ذلك ثمة ملفات قيد البحث والمراجعة، احدهما يتعلق “بجماعة” الاخوان من حيث مشروعيتها القانونية، والسياسية وفيما اذا كانت قد خرجت عن “خط” الدعوة التي رخصت من أجلها الى خط السياسة الذي يفترض ان يقتصر على ذراعها الحزبي “جبهة العمل الاسلامي”، ومن المتوقع ان تفضي هذه المراجعة الى الاجابة عن سؤال امكانية حل “الجماعة” او بقائها، وستكون الاسباب والمبررات وراء أي من الخيارين جاهزة ومدعمة بالوثائق والاعتبارات.
الملف الآخر يتعلق “بمبادرة زمزم”، حيث يتوقع ان تكون موضوعا للدراسة، سواء فيما يتعلق بمنطلقاتها واهدافها أو بموقفها من القضايا المحلية والخارجية، أو “بحجمها” وتأثيرها فيما لو انشقت عن “الجماعة”، ووفق ذلك التقويم ستكون الخيارات جاهزة للتعامل معها، سواء كبديل “للاخوان” او كمبادرة مجتمعية تدور في فلك الجماعة، أو كحزب “اسلامي” رديف لحزب جبهة العمل ومنافس له ايضاً.
ملف الاسلاميين لا يتعلق فقط “بالاخوان” وخيارات التوافق والتفاهم معهم أو اعادة ترتيب العلاقة بينهم وبين الدولة على أسس جديدة ووفق معادلات ربما تبدو مفاجئة، ولكن ثمة ملفات تتعلق بأخرين ، ربما تشمل ملف “السلفية الجهادية”، وملف “المؤسسات الدينية” وملف “الواقع الديني” الذي اصبح فعلا بحاجة الى مزيد من الترتيب والمراجعة والاصلاح.
على طرف الاخوان المسلمين يبدو السؤال حول امكانية “الجماعة” التكيف مع هذه الاحتمالات المطروحة “معلقا” حتى الآن بلا اجابة، وحسب ما فهمت من بعض التسريبات فان الاخوان يستبعدون مسألتين: احداهما قرار “الحل” والآخر “قرار انشقاق زمزم”، ومع انني استبعد حصول القرار الثاني في هذا التوقيت الا ان القرار الاول يبدو ممكنا، لكن يمكن للاخوان ان يستبقوه بالاسراع في اجراء عملية “فصل مهام” بين الجماعة والحزب، أسوة بالتجربة الاسلامية المغربية التي كرست دور الجماعة للدعوة فقط، ودور حزب التنمية والعدالة للعمل السياسي.
اما فيما يتعلق بمبادرة “زمزم” فهي من حيث المبدأ جزء من “فكرة” الاخوان الاصلية، أو ربما حالة “اخوانية” متقدمة في الطرح والرؤية على واقع الجماعة الراهن وخاصة فيما يتعلق بالمشروع الوطني، واعتقد ان انفصالها عن الاخوان كتنظيم لن يؤثر في الاخوان ولن يؤسس ايضا “لتيار” اسلامي جديد وقادر على ملء فراغ الاخوان، وبالتالي فان افضل ما يمكن ان يفعله القائمون عليها هو العمل لاصلاح الجماعة من الداخل، سواء من جهة الدعوة وتمكين المجتمع، أو من جهة السياسة داخل حزب الجبهة.
يبقى ان نشير الى مسألة اخرى، وهي ان مراجعة الملف الاسلامي لا يقتصر فقط على “ترتيب اوضاع الاخوان” وانما لا بد ان يتزامن مع اجراء عملية اصلاح شاملة “للمؤسسات الدينية” وحالة “التدين” في المجتمع، ومع اعادة ترسيم العلاقات بصورة اكثر جدية مع التيارات العاملة في الحقل الاسلامي، وخاصة “السلفيون” بتنوعاتهم، واذا ما تم ذلك فان الفرصة أمامنا ستكون متاحة لقراءة خارطة “العمل الاسلامي” سواء في حقل الدعوة أو السياسة بشكل واضح ووثيق ايضاً.
يبقى ثمة ملفات اخرى تتعلق “بالحرب في سوريا” و”بتشكيلة اعيان” جديدة، وهذه تحتاج الى مناقشة اخرى.
"الدستور"